خلال إحدى خطاباته المعهودة، استلم قائد الانقلاب في مصر الجنرال عبد الفتاح السيسي الميكروفون كعادته، وقال مخاطباً الشعب المصري “يعمل إيه التعليم في وطن ضايع” في إشارة منه إلى ضياع منظومة التعليم.

 

واليوم أعلن وزير التعليم رضا حجازي عن إقرار السيسي لنمط الأسئلة لمرحلة الثانوية العامة، حيث أنه وافق على عودة الأسئلة المقالية في الإمتحانات الخاصة بتلك المرحلة.

 

ولعل هذا القرار المفاجئ هو ترجمة لقول رأس النظام المصري “متسمعوش كلام حد غيري”، لأنه أصبح الآمر الناهي في البلاد بجميع المجالات، حتى تدخل في نمط أسئلة المرحلة الثانوية.. وهنا يطرح سؤال ما مدى أهلية الجنرال العسكري في أن يتدخل في هذا الشأن؟!.

 

ليس لهذا السؤال إجابة غير أن الرجل ذو العقلية العسكرية، يريد أن يتحكم في نمط التعليم الذي لا يرى له أي أهمية، غير أنه يريد أنه يجعله طبقات ويحصر التعليم الجيد على فئة معينة قال عنها السيسي أنها ستدير البلاد، أما بقية الشعب فهو خارج اهتماماته.

 

 

تخبط في الإدارة 

 

شهدت المرحلة الأخيرة حالة من التخبط الإداري في ملف التعليم خاصة في عهد طارق شوقي وزير التعليم الأسبق، الذي تعمد إثارة الرأي العام بقراراته المفاجئة وغير المنطقية أكثر من مرة وقد اتضح فيما بعد أنها قرارات الجنرال المتحكم في كل شئ بمفاصل الدولة.

 

فتارة يعلن الوزير عن بدء عملية التعليم من خلال التابلت في الوقت التي تفتقد فيه مصر الإمكانات لذلك، وتارة أخرى يعلن عن نمط مختلف من الأسئلة في الامتحانات والمسمى بالبابل شيت وأسئلة اختيار من المتعدد وهذا ما رفضه خبراء وأكاديميين في مصر.

 

وبعيداً عن كون الوزير المعين من قبل الجنرال ليس من اختصاصه علوم التربية إلا أنه ضرب بيد من حديد في تلك اللحظات، وقام بتحويل كل ما ينتقد تلك السياسة للتحقيق، بل وتعدى الامر إلى التشكيك في قدرات هؤلاء الأكاديميين والتربويين بأسلوب بذيء، قبل أن يعود السيسي الآن في قراره ويقر الأسئلة المقالية.

 

وبالعودة إلى حالة التعليم في مصر والذي بلغ مرتبة متدنية عالمياً في عهد السيسي فقد أكد مجلس الوزراء بنهاية العام الماضي، أن مصر حلت بالمرتبة 72 عالمياً بقطاع التعليم قبل الجامعي.

 

تهميش التعليم للفقراء 

 

يبدأ السبت المقبل العام الدراسي الجديد وتستقبل مدارس مصر المتهالكة، والتي لا تصلح للاستخدام الآدمي 25 مليون طالب، والتي يدفع ثمنها أهالي الطلاب في ظل أزمات طاحنة متتالية بالتزامن مع تدهور الاقتصاد الذي تسبب فيه الجنرال.

 

وأصبح أهالي الطلاب أمام دفع مصاريف الدراسة المبالغ فيها، بالإضافة إلى كتب وزي رسمي وحقائب وأحذية وأدوات كتابية والتي ارتفعت أسعار كل منها لأرقام خيالية.

 

أما من جهة الجنرال فهو لا يسعى إلى إصلاح تلك المنظومة، أو يريد أن يضع حداً لهذا التخبط وينهي معاناة الأهالي، بل على النقيض تماماً فهو ينظر لملف التعليم بنظرة إستثمارية. 

 

بمقارنة المصروفات المدرسية الحكومية بمصروفات الدراسة السنوية في الكلية الأمريكية، على سبيل المثال ستجد أن الأولى 305 جنيهات من رياض الأطفال وحتى الصف الخامس و520 جنيه للمراحل الثانوية، أما الأخرى فهي تبدأ من 193 ألف جنيه لمرحلة رياض الأطفال حتى تصل إلى 799 ألف في المراحل المتقدمة.

 

ينتظر السيسي انهيار تلك المنظومة لتصل مصر إلى مرحلة أكثر تخلفاً، فمن يستطيع أن يتعلم بأرقام تبدو خيالية بالنسبة للمصر فليفعل، ومن لم يستطع لا يفكر في التعليم، ليحتكر الجنرال التعليم في مصر لفئة واحدة من الأغنياء هم من يستطيعون قيادة الدولة مستقبلاً على حد قوله.. ولا عزاء للفقراء.

 

اقرأ أيضاً : انحلال مجتمعي بفعل النظام.. لماذا انتشرت حوادث قتل الفتيات في مصر؟!