العدسة – غراس غزوان
بين يوم وليلة تحولت المملكة العربية السعودية مع بزوغ شمس ولي العهد الجديد محمد بن سلمان من أرض السكينة إلى مملكة الخوف والترهيب.
فقد حولت إجراءات بن سلمان الأخيرة المملكة العربية السعودية من سوق جاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية إلى سوق “طاردة”، يسيطر عليها الرعب والهلع من مستقبل مظلم بعد إقدام ولي العهد على حملة اعتقالات واسعة ضمت أمراء ووزراء سابقين ورجال أعمال وصورها على أنها حملة ضد الفساد، إلا أن المستهدف من ورائها هو حملة ابتزاز لجمع أكبر قدر من الأموال بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
الرعب يغزو نفوس الأثرياء
الرعب تسرب من العائلة المالكة إلى العائلات الثرية في المملكة ومجتمع رجال الأعمال وازداد الخوف مع تجميد أكثر من 1700 حساب مصرفي لعدد من الموقوفين وذويهم على ذمة التحقيقات الجارية في اتهامهم بقضايا تتعلق بالفساد بحسب زعم السلطات السعودية.
ويتخوف العديد من رجال الأعمال المحسوبين على الطبقة الثرية في المملكة من أن تشملهم حملة “بن سلمان” التي لم تتوقف بعد، وسط تساؤلات لا تنتهي مداها عن طول قائمة الاعتقالات وإلى أين ستمتد؟، وما زاد من خوف المستثمرين اعتقال العديد من مليارديرات المملكة وأثريائها أمثال الوليد بن طلال وناصر الطيار ومنصور البلوي.
وغداة حملة الاعتقالات اعتبرت صحيفة “فايننشال تايمز“، تلك العملية أنها بثت حالة من عدم اليقين بين المستثمرين الذين يخشون من توسع الحملة ضد قادة الأعمال في المملكة.
” الوليد بن طلال “
” متعب بن عبد الله “
” محمد العمودي “
وبحسب الصحيفة الأمريكية يقول المصرفيون إنه بالرغم من أن الانكماش الاقتصادي والاضطرابات الجيوسياسية الإقليمية قد أدت بالفعل إلى هروب رؤوس الأموال من المملكة على مدى السنوات القليلة الماضية، إلا إن هذه التطورات الأخيرة ستسرع وتيرة التدفقات الخارجة من السوق.
واعتبرت الصحيفة اعتقال الأمير الوليد بن طلال من شأنه أن يضعف الاهتمام الدولي بالاستثمار في رؤية ولي العهد لعام 2030 التي جعلت من القطاع الخاص غير النفطي المحرك الجديد للاقتصاد.
ويرى البعض أن أسباب الحملة التي بدأها بن سلمان ترجع إلى الأوضاع المالية التي تعاني منها السعودية مع ارتفاع الالتزامات المالية داخليا وخارجيا، الأمر الذي لم يستطع معه الأمير الصاعد التعامل مع كل هذه المعطيات وفضل أن يسلك الطريق الأقصر ليزج بخصومه في السجن بتهم “فضفاضة” مثل غسل الأموال والفساد، ضاربا عصفورين بحجر واحد.
هروب مستثمرين
كما كشف حساب “العهد الجديد” على موقع تويتر، المعروف بتسريب ما يحدث داخل قصور المملكة عن تمكن إحدى أغنى الأسر في السعودية من الهرب بأبنائها وأحفادها، بعدما تمكنت من نقل كامل أموالها للخارج.
ونشر العهد الجديد تدوينة قال فيها ” هروب إحدى أغنى الأسر السعودية من البلد (عائلة “ج”) بعد أن تمكنت من نقل أموالها بالتدرج، علماً أنها هربت بالكامل بابنائها وأحفادها .. وبهذا يستمر هروب رؤوس الأموال من البلد”.
” محمد بن سلمان “
المعلومات التي كشف عنها “العهد الجديد” جاءت بعد أيام من تقرير لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية والتي كشفت فيها سعي أثرياء المملكة لسحب أموالهم خارج المملكة ونطاق الخليج العربي.
وكشف الموقع عن معلومات خطيرة حصل عليها من خلال ستة أشخاص مطلعين على الموضوع أكدوا فيها أن المليارديرات يريدون سحب ودائعهم وأموالهم من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي بعد زيادة حملة القمع.
كما كشف الموقع قيام أثرياء بالحديث مع البنوك ومديري أرصدة ومستشارين من أجل نقل أموالهم وأشكال أخرى من الأموال السائلة خارج المملكة والخليج وسط مخاوف من تجميدها وتعرض أصحابها للاعتقالات.
وقبل أسبوع قالت بلومبرج ، إن بعض الأثرياء قاموا بتحويل أجزاء كبيرة من ثرواتهم إلى أموال سائلة ويعملون على تحويلها خارج المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي لتجنب الوقوع في قبضة السلطات السعودية في إطار حملتها ضد الفساد.
كما طالبت السعودية الإمارات بالإبلاغ عن أي حسابات وودائع واستثمارات وأدوات مالية وتسهيلات ائتمانية تابعة لـ 19 معتقلا، يخضعون للتحقيق حاليا ضمن الحملة الأخيرة.
واعترف محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أحمد الخليفي بوجود زيادة في التحويلات المالية عقب الاعتقالات الأخيرة لكنه قلل من حجم هذه التحويلات مبينا أنها كانت على شكل تحويلات أموال للشركات وأن الأشخاص لم يحولوا مبالغ كبيرة للخارج وفق تصريحات لوكالة رويترز.
كما أشار “الخليفي” إلى التحفظ على حسابات 200 شخص ممن تم توقيفهم خلال الفترة الأخيرة منوها إلى أن بعض الأفراد لديهم حسابات متعددة في بنوك مختلفة.
من هنا، مع مثل هذه القضايا الساخنة المتراكمة في دواوين
ليس دواوين المحاكم، ولكن في دواوين بيوتات الشعوب العربية، أقصد في دواليب بيوتات الشعوب العربية منذ عشرات السنين مضت، ولم يجرؤ شعب عربي واحد حتى كتابة هذه السطور أن يحكم فيها!! ليست قضايا المفسدين من الحكام العرب- منهم شرفاء- فلا ننسى على سبيل المثال لا الحصر برغم عددهم على خَمسِ أصابعنا، الشريف العفيف المشير محمد عبد الرحمن سوار الذهب، الرئيس محمد نجيب.
ولكن كملايين شعوب عربية يتملكنا الرعب والخوف والخنوع
والجبن والانزواء والتراجع، وعبودية العبودية، وتأليه الحاكم،
واستصغار عددنا وأنفسنا، وفرقتنا كشعوب وليس كحكام أو مؤسسات، بل استقوائنا كشعوب على بعضنا البعض، وبراعتنا كشعوب عربية إلي الميل إلى الانعزالية، وتعالوا لكي نرى سويا هذا على مستوى الحى الواحد والمنطقة الواحدة والمدرسة الواحدة، وتفننا كشعوب عربية في انتهاك الأعراف والقوانين المنظمة بالعالم المتقدم، وممارستنا كشعوب عربية الغش والخداع والتحايل في صناعتنا وتجارتنا. وإلا من أين برزت الحيتان البرجوازية إلا من حبنا وعشقنا كشعوب عربية لأسواق النخاسة التي ترددنا عليها طيلة 60 عاما على أقل تقدير عارضين أنفسنا على من يشترينا ليستعبدنا ويبيع ويشترى فينا، برغم أننا يا أخي عددنا بالملايين الغير مؤلفة قلوبهم! هل نستاهل ونستحق كشعوب عربية ما وقع لنا ممن يُسَمُوا أنفسهم بالأسياد؟ نعم نستحق أن نباع ونُشترى في سوق النخاسة لأن تعدادنا بالملايين ولكننا كنا ولا زلنا جبناء مرعوبين خائفين متراجعين عشقنا الذل والهوان برغم قوتنا المعدودة بالملايين!!