أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش بالتعاون مع معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD)-يوم الأحد- تقريرًا مفصلًا عن الانتهاكات المروعة التي يعاني منها النظام القضائي في البحرين سلطت فيه الضوء على الخروقات القانونية والانتهاكات الحقوقية لسجناء الرأي أمام القضاء.
وكشف التقرير المؤلف من 61 صفحة بعنوان “المحكمة تطمئن إلى سلامة الاعتراف: أحكام الإعدام في البحرين إثر التعذيب والمحاكمات الصُوَرية” أن المحاكم في البحرين رفضت الأخذ بأقوال المتهمين بأنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، وساهمت في انتهاك حقهم في محاكمة عادلة، بما في ذلك الحق في الاستعانة بمحام واستجواب شهود الادعاء.
ودعا التقرير الولايات المتحدة لتقييد التعاون الأمني مع البحرين بسبب هذه المزاعم، لكن من المرجح ألا يستجيب البيت الأبيض لهذه الدعوات بسبب العلاقة الوثيقة بين البلدين لاسيما على المستوى الأمني، بخاصة وأن البحرين تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية.
تمويل بريطاني ودعم أوروبي
كما دعت هيومان رايتس ووتش ومعهد “بيرد” دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة للتدخل لوقف مثل هذه الانتهاكات، إذ قال التقرير إنه على حكومة المملكة المتحدة تعليق التمويل لعدد من المؤسسات الحكومية في البحرين، وطالبوا الاتحاد الأوروبي باتخاذ “إجراءات هادفة” ضد المسؤولين البحرينيين المسؤولين عن تلك الانتهاكات.
تدعم حكومة المملكة المتحدة عددًا من المؤسسات الأمنية البحرينية عبر صندوق استراتيجية الخليج، الذي تديره وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، وسبق أن دعا أعضاء في البرلمان البريطاني الحكومة إلى تعليق مدفوعات الصندوق لدول الخليج المتهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان لأن ذلك يُعد تواطئًا في تلك الجرائم.
يقول معهد “بيرد” إنه وبناء على طلب “حرية تداول المعلومات” قدم صندوق إستراتيجية الخليج في 2020-2021 دعم مالي لوزارة الداخلية البحرينية، وقسم الشكاوى بوزارة الداخلية ووحدة التحقيق الخاصة، وهي هيئات متهمة بتعذيب المعتقلين والتستر على المسؤولين عن ذلك.
وحسب التقرير فإن الكثير من عمليات التعذيب البدني والنفسي التي تعرض إليها المعتقلين حدثت داخل مديرية التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية على يد ضباط ومسؤولين أمنيين كبار لم تُوجه إليهم أي تهمة لأن هيئة “أمين عام التظلمات” بالوزارة ووحدة التحقيقات الخاصة قاما بالتستر عليهما وطمس الأدلة المقدمة حتى وإن كانت من أطباء.
من جانبها، قالت ياسمين أحمد، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة: “نتائج هذا التقرير تسلط الضوء على نقص صارخ في الرقابة والمساءلة في مكتب التحقيقات الفيدرالية… لقد تم توثيق الانتهاكات في النظام القضائي البحريني بشكل دقيق، وقد أثرنا هذا الموضوع كثيرًا مع وزارة الخارجية، تحدثنا معهم عن كل شيء: إساءة معاملة الأطفال، التعذيب، إلخ”.
وتابعت “في ضوء هذا التقرير الجديد، ندعو حكومة المملكة المتحدة إلى التعليق الفوري لجميع أشكال التمويل والدعم للمؤسسات المتورطة.”
كما دعا سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد “بيرد”، البرلمان البريطاني للتحقيق في التدريب الذي تموله الحكومة البريطانية والمقدم إلى القضاء البحريني، وقال: “يجب أن تضمن الحكومة عدم استفادة الأفراد أو المؤسسات المسؤولين عن تسهيل إصدار أحكام الإعدام غير القانونية أو التعذيب أو الإعدام من المخططات التي يمولها دافعو الضرائب”.
تعذيب واعتراف بالإكراه
استعرض التقرير قضايا ثمانية معتقلين حُكم عليهم بالإعدام بعد محاكمة غير عادلة اعتمدت على اعترافاتهم التي يقولون إنها انتزعت تحت التعذيب والإكراه.
وقال التقرير إن المحكمة رفضت الأخذ بأقوال المعتقلين الموثوقة حول تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب بدلًا من التحقيق فيها، وانتهكت حق المتهمين في محاكمات عادلة، بما في ذلك الحق في الاستعانة بمحام أثناء الاستجواب، والحق في استجواب شهود الإثبات، وكذلك الاعتماد على تقارير من مصادر سرية.
إحدى هذه القضايا هي قضية زهير إبراهيم جاسم عبد الله، الذي قُبض عليه بتهمة قتل ضابط شرطة. في أقواله، قال زهير إن المحققين حاولوا اغتصابه وهددوه باغتصاب زوجته وصعقوه بالكهرباء في صدره وأعضائه التناسلية، وقد رفضت المحاكم مزاعم التعذيب وحكمت عليه بالإعدام بناء على اعترافه الذي انتزع منه بالإكراه.
قال مايكل بَيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “في قضية تلو الأخرى، أصدرت المحاكم أحكام إدانة ضد متهمين بارتكاب جرائم قتل وحكمت عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات فقط، قال المتهمون إنها أنها انتزعت منهم بالإكراه بسبب التعذيب وسوء المعاملة”.
كما دعا جوشوا كولانجيلو-بريان، مستشار هيومن رايتس ووتش والمؤلف الرئيسي للتقرير، حاكم البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إلى تخفيف جميع أحكام الإعدام على الفور، مضيفًا أنه على الحكومة إعادة الوقف الفعلي لعمليات الإعدام، الذي تم إسقاطه في عام 2017.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا