العدسة – منذر العلي

إصرار إماراتي على استخدام المال وشبكات المصالح التابعة لها في أمريكا من أجل تصعيد الحرب ضد قطر، حتى ولو من وراء ستار.

لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، وافقت الأربعاء، على تشريع يعاقب الحكومات والأفراد الأجانب الذين يقدمون الدعم المالي والمادي لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، وذلك بدعم إسرائيلي لجماعات الضغط (اللوبي) السعودية والإماراتية في واشنطن.

وينتقد التشريع، الذي دعمه النائب عن ولاية كاليفورنيا “إد رويس”، رئيس اللجنة، ما قال إنه ضلوع قطر في تزويد حماس “بدعم مالي وعسكري كبير”.

يأتي هذا رغم تراجع المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة “نيكي هيلي” عن اتهاماتها السابقة لقطر بدعم حماس، وأورد موقع “بزفيد” الإخباري أن المسؤولة الأمريكية قالت في رد مكتوب على استفسار من الكونجرس، إن قطر “قدمت فقط الدعم السياسي لحماس من خلال وجود قيادات حماس على أراضيها بهدف قطع الطريق على نفوذ إيران على الحركة”.

وأضافت أن قطر قدمت مساعدات في مجال الإسكان والرعاية الصحية لسكان قطاع غزة “تنفيذًا لتعهداتها في مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة، الذي عقد في القاهرة عام 2014”.

وينتظر أن يناقش التشريع من قبل مجلس النواب، لكن لكي يصبح التشريع قانونًا يتعين أن يقره مجلسا النواب والشيوخ بكامل هيئتهما قبل أن يوقعه الرئيس دونالد ترامب.

قانون “الإرهاب الفلسطيني”!

وبحسب مواد التشريع التي نشرها الموقع الرسمي للكونجرس الأمريكي على الإنترنت، فإن مشروع القانون (H.R.2712) يسمى “قانون منع الإرهاب الدولي الفلسطيني لعام 2017”.

ويقول مشروع القانون في مادته الأولى إن الخارجية الأمريكية صنفت حركة حماس كمنظمة إرهابية أجنبية في 8 أكتوبر 1997، كما عدتها وزارة الخزانة تنظيمًا إرهابيًا عالميًا بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 في عام 2001.

وعدّ القانون قتل حماس لنحو 400 إسرائيلي منذ عام 1993 جريمة، متجاهلًا الآلاف من الشهداء الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال.

وفي المادة الثالثة يقول إن حماس “تلقت دعما ماليا وعسكريا كبيرا من قطر. وقد استضافت قطر العديد من كبار مسؤولي حماس، بمن فيهم زعيمها خالد مشعل منذ عام 2012، والذي أجرى مقابلات منتظمة على قناة الجزيرة، وهي منظمة إخبارية مقرها في قطر، وتتلقى بعض التمويل من أفراد الأسرة الحاكمة في البلاد”.

واستند القانون إلى تصريح منسوب لوكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في مارس 2014، مفاده أن “قطر، حليفة الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة، مولت علنا حركة حماس”.

وحول الوثيقة السياسية الجديدة للحركة والمعلنة في 1 مايو الماضي، قال مشروع القانون في مادته الرابعة إن فندق شيراتون الدوحة في قطر احتضن المؤتمر الصحفي لحماس لإعلان الوثيقة.

ورأى أيضًا أن تلك الوثيقة رغم أنها اعترفت لأول مرة لدولة فلسطينية على حدود عام 1967، إلا أنها “لا تلغي أو تستبدل الميثاق الأساسي، الذي لا يزال يدعو إلى استمرار الإرهاب لتدمير إسرائيل”.

” إسماعيل هنية “

 

” الكونجرس الأمريكي “

دول الحصار جسر لإسرائيل

يبدو من غير المتصور أن تدعم دولة عربية إسلامية مثل هذا القانون الذي يغض الطرف عن جرائم الاحتلال، بينما يرى المقاومة الفلسطينية إرهابًا.

لكن ذلك ليس جديدًا على دولة الإمارات التي وصف مسؤولوها حركة حماس بالإرهابية في أوقات سابقة، وكان لافتًا محاولة الإعلام الإماراتي الإيحاء بأن قطر هي السبب في أن يرى هذا التشريع النور.

لكن الحقيقة أن اللوبي الإماراتي والسعودي بدعم إسرائيلي كان صاحب الضغط الذي أفضى لموافقة لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس على التشريع.

وبحسب ما كشفته تقارير إعلامية غربية، نُشرت في وقت إعداد القانون في بداية الأزمة الخليجية يونيو الماضي، فإن “إسرائيل لم تكن قادرة على الانضمام المباشر لخطوة حصار قطر التي تقودها السعودية، بسبب الاتصال المحدود بين الطرفين، لكن هذا لم يمنعها من الدعم القوي والتأييد المباشر لتحرك جماعات الضغط السعودية والإماراتية لرؤية الكونجرس الأمريكي يمرر تشريعات معادية لقطر”.

وأضاف التقرير الذي نشره موقع (ANTI WAR) الإخباري أن مشروع القانون الذي يستهدف في المقام الأول معاقبة قطر لدعمها حماس، يحظى بدعم كبير من قبل أعضاء في مجلس النواب حصلوا على تبرعات من جماعات الضغط الإسرائيلية، وكذلك من تلك الموالية للسعودية.

وعدّ التقرير مشروع القانون كجزء من ادعاء مستمر بأن التبرعات الخيرية في قطر تسير إلى الحركات الإرهابية، الأمر الذي تنفيه الدحوة مرارًا وتقول إنها كانت ناجحة جدًا في ضمان أن الجمعيات الخيرية التي تدعمها في الواقع تقوم بأعمال خيرية فقط، وغير متورطة في غسل الأموال لصالح الحركات الإرهابية، وفق التقرير.

وأشار التقرير إلى تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قال فيها إن حماس تعتبر منذ فترة طويلة “مجموعة مقاومة شرعية” في العالم العربي، وإن الدعم الذي تقدمه قطر للشعب الفلسطيني بشكل عام.

“أمير قطر” و قيادات حماس

رشوة العتيبة في الكونجرس

ما كشفه التقرير السابق لم يكن الخطوة الوحيدة التي لعبتها الإمارات بالمال وجماعات الضغط لمحاربة قطر في أمريكا، بل سبقتها خطوة أخرى دفع فيها سفير دولة الإمارات في واشنطن المثير للجدل “يوسف العتيبة” رشوة ضخمة لشاهد في جلسة استماع للكونجرس بشأن تقييم العلاقات المريكية القطرية في يوليو الماضي.

وبحسب “الحملة الدولية من أجل الحرية في الإمارات” المعروفة اختصارًا بـ (ICFUAE) فإن وثائق مسربة إن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الأمن القومي الأمريكي “إيلان جولدنبرج” والذي أدلى بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حصل على ما لا يقل عن 250 ألف دولار من سفارة الإمارات العربية المتحدة بواشنطن.

ووفق التقرير فإن رسائل البريد الإلكتروني المسربة للعتيبة تكشف وجود تواصل مكثف عبر الهاتف والبريد الإلكتروني بين العتيبة وجولدنبرج منذ صيف 2016 بهدف تمويل أنشطة المركز إضافة إلى رحلة له ولرفاقه إلى الإمارات.

” يوسف العتيبة “

اللي بيته من زجاج!

الأمر اللافت والمثير للسخرية، أن الإمارات والسعودية اللتان تقفان وراء اتهام قطر بدعم حركة إسلامية مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، غارقتان في دعم وتمويل وتدريب ميليشيات مسلحة في أماكن صراع متعددة كاليمن وليبيا.

في أكتوبر الماضي، كشفت تقارير متواترة، أن السعودية بدأت في التدريب العسكري لشباب ليبيين من أتباع التيار السلفي المدخلي (لمؤسسه الشيخ ربيع المدخلي الأكاديمي السعودي المثير للجدل) داخل أراضيها.

” محمد بن سلمان “

وأفادت مصادر أن الشباب يذهبون دفعات تحت غطاء شركات سياحية تمنحهم تأشيرات لأداء العمرة، إلا أن الغرض الأساسي منها هو حضور تلك التدريبات العسكرية التي تشرف عليها السعودية.(تفاصيل أكثر في تقرير سابق)

وكان لافتًا بشدة خلال الأشهر الماضية، المشاركة الفعالية للكتائب المسلحة التابعة للتيار المدخلي في ليبيا بجانب قوات اللواء خليفة حفتر المنبثقة عن برلمان طبرق، في معاركه شرقي البلاد.

وفي أغسطس كشفت تقارير إعلامية، عن تقرير سري أعده خبراء للأمم المتحدة أكد دعم الإمارات شيخًا سلفيًا متحالفًا مع تنظيم القاعدة في تعز، وكذلك دور الرياض وأبو ظبي في دعم مليشيات يمنية على حساب قوات الشرعية، فضلا عن تأكيده التحقيق بشأن تزويد الإمارات الحوثيين بمواد لتصنيع طائرات مسيرة.

الدبلوماسي اليمني السابق عباس المساوى، قال إن السعودية تعمل على تقوية الفصائل الإسلامية المسلحة في مأرب وعلى الحدود، كما تدعم الإمارات جماعة أبو العباس المتحالفة مع تنظيم القاعدة في تعز، وأنشأت الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية.

منظمة “هيومن رايتس ووتش”، كشفت في تقرير لها نشرته يوليو الماضي، أن الإمارات تقدم الدعم لميليشيات يمنية احتجزت تعسفًا وأخفت قسرًا عشرات الأشخاص خلال عمليات أمنية، وقال: “الإمارات تمول وتسلح وتدرب هذه القوات التي تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش”.