العدسة – ربى الطاهر

الدلافين ….تلك الحيوانات اللطيفة التي تحظى بسمعتها الجيدة، حيث المعروف عنها كونها حيوانات ذكية واجتماعية، تحب اللعب وإظهار مهاراتها …إلا أنها في الوقت ذاته تقوم بسلوكيات أخرى عكس ما هو معروف عنها تماما.

فقد كشفت العديد من الدراسات أن الدلافين لا تتصرف دائما ببراءة، فقد علق “ريتشارد كونور”، مدير برنامج البحوث الخاص بالدلافين بجامعة ماساشوسيتس قائلا : “الدلافين ذكية جداً، لكنها يمكن أن تكون سيئة ومخادعة، كما هو الحال عند البشر”.

وكان لريتشارد وزملائه السبق في توثيق الطريقة العدوانية التى تتبعها ذكور الدلافين في التعامل مع الإناث الجاهزة للتكاثر، بفترة الثمانينيات، وسجلوا مشاهداتهم تلك في موسم التزاوج بخليج “شارك باي” في أستراليا، وصدرت تلك الدراسة عام 1992، وقد أوضحوا فيها أن اثنين أو ثلاثة من ذكور الدلافين تبدأ في مطاردة إحدى الإناث في اتجاه محدد من خلال الانطلاق بسرعة نحوها حتى إنهم رصدوا إحدى تلك المطاردات التي استمرت 85 دقيقة، على مسافة 7 كيلو متر”.

إلا أن المزيد من المشاهدات كشفت عن أن مجموعات ذكور الدلافين الصغيرة تنضم إلى بعضها حتى تكون تحالفات فيما بينها، يصل كل تحالف إلى 14 ذكرا.

وتبدي الإناث عزوفا عن المشاركة في عملية التزاوج مما يدفع الذكر إلى مطاردة أنثاه بشكل عدوانى يستخدم فيه الضرب بالذيل، والعض، وهز الرأس، والمهاجمة، وارتطام جسد الذكر بجسد الأنثى.

وقلما تستطيع الأنثى الفرار من الذكور، فقد تنجح مره من بين كل 4 محاولات، حيث تكون قد تعرضت لتلك المطاردات على مدار السنة، من قبل عدد كبير من التحالفات”.

وربما ترجع محاولات الأنثى الهروب من الذكور لحقيقة أخرى غائبة عن تلك الدلافين، حيث اشتهرت حادثة خلال عامي 1996 و1997بانتحار 37 من الدلافين على شواطئ فرجينيا، ولم تظهر على تلك الدلافين أي علامات لتعرضها للعنف، إلا أن تشريح الدلافين النافقة اثبت أنها تعرضت  لصدمات مباشرة شديدة، ومعظم الإصابات تركزت في الرأس والصدر، كما كانت هناك العديد من الكسور المضاعفة في الأضلاع، وجروح رئوية، وكدمات ظاهرة في الأنسجة.

ومعظم هذه الدراسات ركزت على أكثرِ نوعٍ شائع من الدلافين، والتي تعرف باسم الدلافين “ذات الأنف القاروري”.

ولا يقتصر الأمر على حد العنف مع الإناث في موسم التزاوج، ولكنه قد يمتد إلى القتل في أحيان أخرى.

فقد نشرت إحدى السيدات مقطعا مصورا يظهر كيف يلتف ذكران من الدلافين بانتظام حول اثنين آخرين من فصيلة دلافين خنزير البحر، ومن ثم البدء بالاصطدام بهما بقوة ورفعهما خارج الماء ورميهما.

ونشرت صحيفة “الديلي ميل” هذا المقطع الذي أسفر عن مقتل الضحيتين متأثرين بإصابات شديدة بالرأس، وثقوب كبيرة حول العينين، وبالرغم من عدم المعرفة الأكيدة لسبب الهجوم الغير متسق مع طبيعة الدلافين المسالمة، فقد نقلت عن أحد الخبراء رأيه أن من المرجح أن الذكرين القاتلين كانا فقط بحالة لعب واستمتاع، والدليل أنهما باللحظة التي مات بها الضحيتان فقدا اهتمامهما ولم يحاولا أكل بقاياهما.

ونشرت الصحيفة رأى أحد الخبراء بعد أن تم التحفظ على الجثث  من الشاطئ لفحصها ودراستها، ومعرفة السبب الدقيق للوفاة، الذى قال: “يبدو أن الدلافين ليست بهذا اللطف والبراءة التي تبدو عليه والمتعارف عنها، فمعلوماتي أن ذكور الدلافين تفعل هذا من وقت لآخر، أي تقوم بالقتل للعب والمتعة، والمعروف عنها أنها تقتل نظائرها من  الدلافين الأخرى”.

وفي دراسة أخرى عبر أحد الباحثين عن ظاهرة أطلق عليها “ضرب صغار الدلافين” بالقرب من مياه شاطئ فرجينيا، حيث اجتمعت العديد من الأدلة التى تثبت أن الدلافين البالغة هي المسؤولة عن موت تلك الدلافين الصغيرة.

وعلى الرغم من أن بعض الباحثين ذهب في تفسير تلك الظاهرة إلى أنها نوع من التسلية، إلا أن البعض الآخر ذهب إلى كونها طريقة غير مباشرة لإجبار الإناث “الأمهات” على العودة إلى الممارسة الجنسية والتفرغ للذكور، بعد ضرب الدلافين حديثة الولادة حتى الموت.

ويقول “كونور”: أما إذا حاولت الأنثى حماية رضيعها فلا تجد سبيلا أمامها إلا أن تجتهد لمعاشرة عدة ذكور من مختلف المجموعات المتحالفة حتي تحافظ على حياة صغيرها حيث يصعب بهذه الطريقة، أن يستطيع  الذكور تحديد من هو والد ذلك الدولفين الصغير من بينهم، وبالتالي يقل احتمال تعرضه للقتل على أيديهم.

ولم يتوقف الأمر عند حدود التقاتل فيما بينها، بل إنها تجاوزت حدود ذلك لتشترك في مناورات عسكرية بين أكبر الدول حيث أعلن الجيش الروسي في العام 2014، عن عروض لشراء دلافين من أجل استخدامها في مهام عسكرية، يصعب على البشر وأدواتهم تنفيذها.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعتمد فيها إحدى الدول على الدلافين في مهام عسكرية  فالأمر يرجع إلى عهد الاتحاد السوفيتي الذي كان يستخدم هذه الحيوانات، في ميناء عسكري يتمركز فيه أسطول البحر الأسود في شبه جزيرة القرم، ويحتوي هذا الميناء على مركز لتدريب الحيوانات منذ عام 1965.

وأعادت موسكو بسط سيطرتها على هذا الميناء بعد أن ضمت القرم عام 2014 ، وعانى هذا الميناء من الإهمال عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وبيعت الدلافين التي كانت موجودة فيه إلى إيران .

كما أعلن في وقت سابق المتحدث باسم البحرية الأمريكية أن قوات حلف “الناتو” قررت إجراء مناورات عسكرية بين دلافين قتالية تلتقي بدلافين قتالية روسية.

ومن المعروف أن موسكو وواشنطن تقومان بتدريب مثل هذه الدلافين لأغراض عسكرية، وهما الوحيدتان في هذا المجال.