حاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يضع ركائز في كل مفاصل الدولة السعودية كي يستتب الحكم له فقام باستمالة كوادر أمنية ودينية وعسكرية بالمال تارة وبالتخويف والترهيب تارة أخرى.
ولعل أهم ما يميز المملكة العربية السعودية هو وجود الحرمين فيها فكان لابد له أن يستغل ذلك لتلميع صورته أمام العالم الإسلامي وأن يجعل من تلك الأراضي المقدسة منطلقاً لأهدافه الخبيثة.
قام بن سلمان باستغلال ذلك فأعطى تلك المهمة لأحد أشهر القراء والشيخ الذي دمعت خلفه أعين المصلين ورقت لصوته قلوبهم ألا وهو عبد الرحمن السديس الذي قام بتلميع صورة بن سلمان وآل سعود عن طريق اعتلاءه المنابر.
للوهلة الأولى يراه الناس الشيخ الباكي على منبر الحرم ولا يعلم الجميع أنه أحد أكبر فاسدي المملكة حيث استغل منصبه ليصبح من أثرياء السعودية وقام ببيع ماء زمزم لحسابه واستحوذ على أراضي مكة المكرمة ليبني عليها الفنادق التي تدر له ملايين الأموال.. فكيف كان عبد الرحمن السديس أحد أكبر الفاسدين بالمملكة وكيف برر كل أفاعيل محمد بن سلمان؟!.
بداية النفاق
ولد عبد الرحمن السديس بمدينة القصيم عام 1962 تربي فيها وتعلم في مدارسها بالمراحل الأولية وحفظ القرآن عن عمر 12 عاماً وبعد إتمامه المرحلة الثانوية، أتم تعليمه في كلية الشريعة بجامعة محمد بن سعود.
عُين السديس إمام للمسجد الحرام ثم حاز على الدكتوراه في الشريعة من جامعة أم القرى وارتقى لدرجة أستاذ دكتور، ومن ثم بات يتعامل مع الطلاب بشكل غليظ وبحالة من الفوقية والاستعلاء حتى عُين رئيساً عاماً لشؤون الحرمين عام 2012.
تطبيل وتمجيد
بعد صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم حدث تغيير كبير في المملكة وقام الأمير الشاب بإعادة ترتيب المقاعد طبقاً لرؤيته الجديدة لكنه أبقى على السديس الذي تغيرت مواقفه تماماً وتداخل أكثر على المستوى السياسي.
قبل وصول محمد بن سلمان صرح السديس أكثر من مرة على عدم إستغلال الحرمين الشريفين وإقحامها في اللعبة السياسية مؤكداً أنها ليس مكاناً إلا للعبادة فقط، لكنه على النقيض بعد صعود ولي العهد الشاب الذي سخر خطبة كلها إما للثناء عليه أو الدعاء وتشويه أعدائه على حد قول.
قام السديس بتشبيه محمد بن سلمان بالصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووصفه بالمحدث الملهم وتكاثرت خطبه وتصريحاته عن محاربة الإرهاب والخيانة وطاعة ولي الأمر وعدم الخروج عن الحاكم.
امتد الأمر للثناء على التطبيع مع الصهاينة ووصف الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب برجل السلام متغاضياً عن الجرائم التي أقيمت ضد المسلمين، غير أنه بات يمجد كل من لديه منه منفعة.
عند تنصيب الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيراً لداخلية المملكة كتب السديس مقالاً بعنوان ” الإختيار الأحمد للأمير أحمد” وبعد خلعه بعدها بأربعة أشهر وتعيين الأمير محمد بن نايف لنفس المنصب كتب مقال بعنوان “الأمر الرائف بتعيين الأمير محمد بن نايف”
ليس ذلك فحسب فقد بنى السديس ثروة هائلة من ذلك المدح والتملق واستغل منصبه ليستحوذ على أراضي مكة المكرمة ويبني عليها العقارات و الأبراج والفنادق الفارهة، كما أنه منع خروج ماء زمزم من مكة إلا عن طريق شركة تابعة له، وتاجر في تلك المياه أيضاً.
الخلاصة أن عبد الرحمن السديس أحد أهم أدوات محمد بن سلمان في رئاسة الحرمين الشريفين لخدمة أهدافه الخبيثة مقابل أن يحوز على منصب وثروة هائلة.
اقرأ أيضاً : حصانة دبلوماسية.. لماذا أخلف بايدن وعوده حيال معاقبة محمد بن سلمان؟
اضف تعليقا