ليست المرة الأولى التي يستيقظ فيها أهالي مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية على فاجعة اجتياح مياه الفيضانات لبيوتهم وسيارتهم بل وأنها في بعض الأحيان تسبب في مقتل أبنائهم وسط عجز حكومي.

مدينة جدة إحدى مدن المملكة التاريخية التي يطمح أميرها في بناء مدينة “نيوم” الخيالية والتي أهدر فيها مليارات السعودية الغنية التي باتت لا تملك أن تحمي شعبها من خلال بنية تحتية قوية ونظام صرف للمياه يحميهم من الغرق.

وفي تلك الأثناء اجتاحت المياه مدينة جدة مع عدد من مدن المملكة الأخرى في ظل عجز حكومي عن التعامل مع تلك الكارثة فتسببت المياه التي ضربت المدينة المعروفة بعروس البحر الأحمر في مقتل اثنين سعوديين وخسائر تقدر بالمليارات في السيارات والأراضي بجدة 

ولعل تلك المياه والتي تعتبر كارثة طبيعية لا دخل للإنسان فيها إلى أنها تعتبر بمثابة إهمال حكومي وفساد سياسي تراكمي على مدار سنوات تسبب فيها آل سعود منذ عقد من الزمان.

غرق جدة 2009 

منذ ما يقرب من 13 عاماً ضربت مدينة جدة فيضانات جامحة تسببت في مقتل ما يقرب من 114 شخص إضافة إلى عدد من المفقودين كما أنها تسببت في تلف من 7143 سيارة من أملاك المواطنين وهدمت 8092 منزل.

حينئذ خرج الأمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة واعداً أهالي المملكة أنها ستكون المرة الأخيرة التي يتضررون فيها من مياه الأمطار أو الفيضانات وذلك لأن المملكة ستنشئ بنية تحتية قوية تقيهم من تلك الكوارث.

مضت السنين وتكررت الكارثة في أعوام 2014و2017 و2019 إلى اليوم ولم تنشئ المملكة تلك البنية التحتية بل وعلى النقيض فقد زاد الإهمال الحكومي وتم ترك المدينة وقد أعلنت أمانة جدة أنا ليست المسؤولة عن تلك الكارثة.

الإهمال الحكومي اتضح جلياً من خلال مشاريع الصرف الفاشلة أو التي تم البدء فيها ولم تنتهي حتى الآن منذ أكثر من عقد من الزمان، علاوة على ذلك فإنه لا توجد قنوات تصريف كافية للمدينة التي تتعرض لذلك الفيضان بسبب موقعها الجغرافي وطبيعتها.

جمعية حسم 

عند الرجوع لملابسات حادثة الغرق الأولى عام 2009، فسنجد أنه مباشرة بعد إدلاء الأمير خالد الفيصل لتصريحاته عن إنشاء بنية تحتية، خرجت مجموعة من المفكرين الذين حاولوا التصدي للفساد داخل المملكة.

تجمع 11 ناشط حقوقي وميداني وكونوا جمعية جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية والتي تعرف بإسم جمعية “حسم” وقدموا بمذكرة للملك عبدالله بن عبدالعزيز ودعوه إلى تأسيس برلمان منتخب بصلاحيات قوية لمسائلة المسؤولين عن فاجعة مدينة جدة.

تقدمت الجمعية بدعوى ضد وزارة الداخلية للقضاء السعودي لكن الدعوى حجزت لمدة ثلاثة أعوام تقريبا قبل أن يتم رفضها كما تقدمت بدعوى للملك نفسه بمحاسبة وزير الداخلية ولكن دون جدوى.

لم يمر أكثر من عامين حتى تم ملاحقة أعضاء جمعية حسم ولم تلبث الحكومة حتى اعتقلت أغلبهم عام 2012 وتم إصدار أحكام ضدهم في شهر يوليو من نفس السنة ومازال بعضهم يقبع في السجن إلى الآن.

الخلاصة أن ما يحدث الآن في جدة من غرق وإتلاف للممتلكات وإزهاق للأرواح فهو بسبب الفساد السياسي من آل سعود على مدار أكثر من عقد كما أنه بسبب الإهمال الحكومي الذي قد يتسبب في مقتل وغرق الكثير من أبناء الشعب السعودي ما لم تدارك الكارثة.

اقرأ أيضاً : عبد الرحمن السديس.. مبرر الإجرام وشريك الفساد مع بن سلمان