العدسة – بسام الظاهر

ألقت الأخبار التي تحدثت عن احتمالية ترشح الفريق أحمد شفيق رئيس حزب الحركة الوطنية، بظلالها، ليس فقط على الساحة السياسية المصرية، ولكن داخل الحزب أيضا.

ويتخوف النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي من ترشح شفيق، وتسعى أجهزة الدولة المختلفة لعدم تمكين المرشح الرئاسي السابق من منافسة السيسي خلال الانتخابات المقرر لها العام المقبل.

تحركات النظام الحالي في هذا الصدد لا تقتصر على شفيق فقط، ولكن ثمة توجه عام بعدم السماح لأي مرشح قوي يمكن أن ينافس السيسي، خاصة مع تراجع شعبيته بشكل كبير خلال العامين الماضيين، من وحي الأزمات الاقتصادية وغلاء الأسعار وزيادة التضخم في أعقاب تعويم الجنيه العام الماضي، فضلا عن التنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية.

وهنا، فإن النظام الحالي يتحرك في أكثر من اتجاه لمنع شفيق من الترشح أمام السيسي، سواء من خلال وساطات أومحاولة “تفكيك” الكتلة المؤيدة له.

استقالات جماعية

وقبل يومين شهد حزب الحركة الوطنية الذي يترأسه شفيق موجة استقالات ليست واسعة، ولكنها أثارت نوعًا من الضجة داخل الحزب وفي الأوساط السياسية.

وبدا أن هذه الاستقالات التي شملت أمناء الحزب، في الجيزة والإسكندرية والإسماعيلية، قبل أن تتوالى الاستقالات من أمانة الحزب في الأخيرة، رفضا للهجوم على الأمين محمد الحلو.

“الحلو” خرج في تصريحات صحفية، معلنا سبب استقالته بشكل واضح وصريح، بعد أن كان بيان الاستقالة لم يحمل تفاصيل الأسباب.

وكانت المفاجأة، أن “الحلو” تقدم باستقالته بسبب “التنسيق مع “أعداء الوطن” خلال انتخابات الرئاسة حال ترشح شفيق”، قبل أن يوضح المقصود بـ “أعداء الوطن” هم جماعة الإخوان المسلمين.

الغريب أن أمين الحزب المستقيل، استند في حديثه على “حلقات تليفزيونية من خلال قنوات تبث من خارج مصر، تتحدث عن دعم الفريق شفيق، إذا خاض الانتخابات الرئاسية”، من دون أن يشير إلى حلقة أو قناة أو شخص بعينه.

تشويه شفيق

ولكن هذه الادعاءات لا يمكن المرور عليها دون الإشارة إلى عدة أمور:

أولا: أن الخلافات الشديدة بين جماعة الإخوان وشفيق تمنع الإقدام على خطوة دعم الأول للأخير في الانتخابات المقبلة إذا ترشح، خاصة وأنه خاض جولة الإعادة مع الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وعلى افتراض أن قيادات الجماعة أقدمت على دعم شفيق نكاية في السيسي- مجرد تكهنات– فإن شباب الجماعة لن يوافقوا على هذا الأمر.

ثانيا: أن النظام الحالي يقدم على تشويه أي خصم سياسي له، باتهامه بالتنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين، في إطار ما يمكن تسميته “الإخوان فوبيا”، باعتبار أن الجماعة غير قانونية ومصنفة إرهابية من قبل الحكومة المصرية.

ثالثا: لماذا أقدم “الحلو” على الاستقالة الآن من حزب الحركة الوطنية؟ على الرغم من أن الحديث عن مسألة احتمالية دعم الإخوان لشفيق حال ترشحه في الانتخابات ليست جديدة، ولكنها قديمة للغاية، منذ طرح اسم رئيس حزب الحركة الوطنية للترشح للرئاسة، وعلى الأقل فإن هذه الأقاويل ظهرت قبل ما يزيد عن عام.

عملية تشويه النظام الحالي لشفيق مستمرة، عبر نشر مواد في وسائل إعلامية تتحدث عن إصاباته بالزهايمر، ليخرج نافيا صحة هذه الادعاءات، ويؤكد أنه بصحة جيدة.

” أحمد شفيق “

تدخلات أمنية

ولكن السؤال الأبرز هو لماذا أقدم أمين الحزب وعدد من الكوادر على الاستقالة في هذا التوقيت؟.

السبب الرئيسي والمباشر لهذه الاستقالات هو التحركات الأمنية التي تقوم بها أجهزة في الدولة لتفكيك الكتلة المؤيدة لشفيق، وبالأخص حزبه.

والغرض الأساسي من هذه الاستقالات التي يرجح أنها تكون بتنسيق تام مع الأجهزة الأمنية، هو إظهار وجود خلافات داخلية وانشقاقات داخل الحزب، وأن عددًا من كوادر وقيادات الحزب في المحافظات ترفض ترشح شفيق أمام السيسي.

وعلى الرغم أن الاستقالات ليست كبيرة بالشكل الذي يمكن أن تؤثر على مسيرة الحزب، إلا أنها تهدف لتشويه شفيق قبل الترشح للرئاسة، من خلال إثارة وجود علاقات وتفاهمات مع جماعة الإخوان المسلمين.

وما يدعم هذه الرؤية، أن الاستقالات جاءت بعد يومين تقريبا من تأكيدات نائب رئيس الحزب اللواء رؤوف السيد، أن شفيق سيعلن ترشحه للانتخابات الشهر المقبل.

وقال “السيد”: “إن الحزب سيعقد مؤتمرا شعبيا في 23 ديسمبر القادم، على أن يلقي الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق، كلمة عبر الفيديو كونفرانس، قد يعلن خلالها ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة والمُقرر عقدها 2018”.

التدخلات الأمنية في الحزب كشف عنها المتحدث الرسمي خالد العوامي، وقال موجها حديثه “لـلحلو”، عبر الصفحة الرسمية للحزب عبر موقع “فيسبوك”، “أتذكر عندما جئت بالأمس القريب منذ أيام قلائل.. مرتجفاً مهرولاً واقفاً أمام من اتهمتهم زوراً بالتحالف مع أعداء الوطن.. جئت إليهم مرتعداً تستنجد بهم من تعرضك لضغوط من جهاز الأمن الوطني بالإسكندرية، كي يجبروك كما تزعم على الاستقالة من الحزب .. وادعيت أنك رفضت عرضا لهم بتعيينك في منصب سياسي هام مقابل الاستقالة”.

وما يعزز هذه الفرضية أن الأجهزة الأمنية لها سوابق كثيرة في التدخل في شؤون الأحزاب، وأحدث هذه التدخلات قبل حزب الحركة الوطنية، الإطاحة بنجيب ساويرس من حزب المصريين الأحرار.

” نجيب ساويرس “

وقال الدكتور أسامة الغزالي حرب، القيادي السابق بالحزب، إن “المصريين الأحرار” في قلب الديمقراطية الحقيقية لمصر، وهذا التجمع لإعادة الحزب الحقيقي للحزب، وما حدث مؤخراً في الحزب مؤسف وهو نتيجة الثقة الزائدة، وهو لا يجب في العمل السياسي، في إطار التعليق على إلغاء مجلس الأمناء.

وأضاف الغزالي، استقلت من الحزب لأسباب شخصية، إضافة إلى “أنني التمست انحرافًا في توجهات الحزب”، مدينًا تدخل الأمن في حزب المصريين الأحرار.