بالنسبة لي كامرأة بمفردي، شعرت بأمان أكبر بدون الكحول في الملاعب… لا أشعر بارتياح عندما يكون الجميع في حالة سكر.”

سافرت بيت باسيكا من ساو باولو إلى قطر لتشجيع منتخب البرازيل في كأس العالم، وبطبيعة الحال توجهت إلى سوق واقف – السوق المركزي في الدوحة – لشراء بعض الهدايا التذكارية قبل أن تتوجه إلى منزلها.

السيدة باسيكا، وهي من محبي كرة القدم المخضرمين تدون عن اللعبة وقد أخذت مؤخرًا دورة تدريبية في إدارة كرة القدم، سافرت بمفردها لحضور البطولة، وفي حديثها إلى بي بي سي، قالت السيدة باسيكا إن التجربة مختلفة للغاية في قطر.

قالت: “أحيانًا أكون المرأة الوحيدة في المترو… أحيانًا كان ينظر إلي الركاب كثيرًا لأنني المرأة الوحيدة، لكن لم يتعد الأمر أكثر من تلك النظرات”.

“قبل سفري إلى قطر قرأت كثيرًا أن المنطقة ليست آمنة بالنسبة للنساء، بل وخطيرة جداً… لكنني شعرت باحترام كبير هنا من قبل الجميع ولم أواجه أي مشكلة لتواجدي هنا بمفردي دون رفقة”.

كان قرار إقامة كأس العالم في قطر مثيرًا للجدل، إذ رأى البعض أن الدولة لا تستحق ذلك بسبب سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان ومعاملة العمال الوافدين الذين استخدموا لبناء بنية تحتية كاملة للبطولة حسب ادعاءات البعض.

لكن مع افتتاح البطولة، تحول “سوق واقف” إلى مركز تجمع لمحبي ومشجعي كأس العالم، وفي أنه كان دائمًا الجزء الصاخب من الدوحة الهادئة عادة، إلا أن الأجواء كانت أكثر حيوية أثناء البطولة، على سبيل المثال، أصبح أكثر ازدحامًا؛ ويتحول إلى إستاد آخر لتجمع مشجعي المنتخبات التي تلعب في ذلك اليوم.

المطاعم مزدحمة ورائحة الشيشة تختلط برائحة اللحم المشوي، لكن الشيء الوحيد الذي لم تجده هناك هو الكحول، بيعها محدود للغاية ويتم التحكم فيه في قطر كونها دولة مسلمة محافظة.

قبل يومين فقط من حفل الافتتاح، أُعلن عن عدم بيع الكحول للجماهير داخل الملاعب، على الرغم من وجود مناطق محددة في مناطق المشجعين حيث يمكنك تناول المشروبات الكحولية.

تقول كارين ريتامال، مشجعة الأرجنتين، إنه على الرغم من محدودية الوصول إلى الكحول، تمكنت هي وأصدقاؤها من الحصول على مشروب كل يوم فترة إقامتهم هناك، مع ذلك أكدت أنها تفضل الملاعب التي تخلو من الكحول.

وضحكت قائلة: “نحن من الأرجنتين… نعيش كرة القدم، وإذا خسرنا، من الأفضل عدم وجود كحول تجنبًا لفوضى عارمة”.

وتحدثت ريتامال عن مدى إحباط وغضب الجماهير عندما خسرت الأرجنتين أمام المملكة العربية السعودية في مباراتها الافتتاحية في المجموعة، قائلة: “عندما انتهت المباراة، ظل المشجعون السعوديون يأتون إلينا ويقولون: أين ميسي؟ أين ميسي؟”، وتابعت “لقد كنا حزينين وغاضبين حقًا”، مشيرة إلى أنه “لو كان يوجد كحول من المؤكد أن الأوضاع كانت ستتفاقم، وكارثة كانت ستحدث”.

وأضافت ريتامال “التنقل بين الملاعب خلال البطولة كان مريحًا وآمنًا”.

مشجعون آخرون تحدثوا عن المباراة النهائية في آخر حدث كبير لكرة القدم للرجال حيم أُقيم نهائي يورو 2020 في ويمبلي وما حدث من فوضى خارج الاستاد.

بعض الجماهير التي كانت هناك آنذاك قالت لـ بي بي سي أنهم لم يشعروا بالأمان هناك، في حين قال آخر “هذا اليوم يُعتبر اليوم الوطني للعار بالنسبة لإنجلترا”.

في محاولة لتجنب الاشتباكات بين المشجعين وبين سلطات إنفاذ القانون المحلية، تم نشر عدد من ضباط الشرطة البريطانية في قطر للعمل كـ “مترجمين ثقافيين” بين المشجعين وسلطات إنفاذ القانون، بينما وفرت تركيا وباكستان رجال الأمن الخاص بهما.

منذ البداية، وُصفت بطولة كأس العالم في قطر بأنها صديقة للأسرة، كان هذا واضحًا في المدرجات حيث يمكن رؤية الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال من جميع الأعمار بأعلام في أيديهم، والبعض الآخر يبكي إذا خسر فريقهم.

قال الكثيرون إن قلة المشروبات الكحولية في الملاعب ساهمت في خلق أجواء صديقة للأطفال.

جولانتا بهاندو بولندية إحدى المشجعات التي شاهدت مباريات فريقها مع زوجها هامليش وطفليها بن ومايا، تقول: “نفضل قلة الكحول، خاصة عندما نذهب إلى الملعب مع الأطفال… في معظم الأوقات، يمثل جمهور منتخبنا الأقلية لذلك نفضل أن يكون الوضع آمنًا في الملاعب”.

أما فرانشيسكا رامسي، من مالطا، سافرت لحضور البطولة في قطر مع زوجها، وقالت “نحن نحب الأحداث الرياضية… حضرنا بطولة كأس العالم في البرازيل 2013”.

وتابعت “الأمر مختلف تمامًا… في قطر، شعرت بالحاجة إلى مزيد من التستر، لكن لم يمثل هذا أي مشكلة لي، أنا أحترم الثقافات المختلفة.”

وأضافت ضاحكة” نعم أحب شرب النبيذ الأبيض، لكن عدم وجوده في الملاعب جعل سلوك المشجعين أفضل”.

بالنسبة للسكان المحليين، أشادوا بموقف النظام، واعتبروا قيادة الدولة تحافظ على القواعد والأعراف الإسلامية التي تلتزم بها الغالبية العظمى من الناس في قطر.

من أكثر الأشياء التي لوحظت في هذه البطولة هو توافد النساء العرب على حضور المباريات في الاستادات، في حوارها مع بي بي سي قالت المشجعة سلمى أحمد إن أحد الأسباب التي جعلتها تشعر هي وأقاربها بالراحة للذهاب للمباريات هو عدم وجود كحول.

وأضافت “لم أكن أفكر في الذهاب إلى الملاعب من قبل – ولكن بعد حظر الكحول تشجعت على الذهاب خاصة أنني أحب كرة القدم جدًا… لقد كانت تجربة رائعة”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا