العدسة – ربى الطاهر
القهوة …هي واحدة من المشروبات الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم، والذي ينمو في أكثر من 70 بلدا.
ويقال إن أول من اكتشف الأثر المنشط لنبات القهوة هم قبيلة “الأورومو” في إثيوبيا، وقد انتشرت القهوة من إثيوبيا إلى اليمن ومصر، وبحلول القرن الخامس عشر وصلت إلى أرمينيا وبلاد فارس وتركيا وشمالي إفريقيا، وقد انتشرت القهوة من العالم الإسلامي إلى إيطاليا، ثم إلى بقية أوروبا وإندونيسيا وإلى الأمريكتين.
ورغم أنها ثاني أكثر السلع تداولا في العالم بعد النفط الخام، إلا أنها لم تستخدم قبل ذلك كوقود للحافلات.
أما اليوم فقد أعلنت شركة “رويال داتش شل” وشركة “التكنولوجيا النظيفة بايو-بين”، استخدامهم لوقود مستخرج من بقايا القهوة في تزويد بعض الحافلات في لندن.
وقررت الشركتان من خلال بيان أصدراه أن هذا الوقود الحيوي الجديد يمكن استخدامه كوقود للحافلات دون الحاجة إلى تعديل.
وأضاف البيان أن الشركتين استطاعتا أن يستخلصا من بقايا القهوة زيتا يكفي لتشغيل حافلة واحدة لمدة عام، إذا استخدم كمزيج خالص يشكل نسبة 20 % مخصصة للعنصر الحيوي ويخلط مع الديزل مشكلا ما يعرف بوقود بي20.
واستعرضت الشركة إمكانية إنتاج 200 ألف طن من بقايا القهوة سنويا، معتمدة على استهلاك المواطن في لندن، حسب متوسط الاستهلاك الذى يتراوح ما بين كوبين أو ثلاثة يوميا.
وتعتمد الشركة على المقاهي الكبيرة والمصانع في جمع بقايا القهوة ثم تقوم بتجفيفها ومعالجتها لاستخراج هذا الزيت منها.
كما قد أعلنت هيئة النقل في لندن على موقعها الإلكتروني أنها تسعى لاستخدام البدائل التي تقلل من انبعاثات الكربون، لذلك فإنها في إطار اختبارات استخراج وقود مستخلص من زيت الطهي.
وتشترك مع القهوة محاصيل أخرى متعددة يمكن أن يستخرج منها الوقود الحيوي، فيستخرج مثلا: الميثانول والديزل الحيوي من المحاصيل المنتجة للنشاء والسكر والزيوت النباتية، ومن هذه النباتات القمح والذرة وقصب السكر وزيت النخيل وزيت السلجم.
وعلى الرغم من الاستخدام الآمن لهذا الوقود الحيوي إلا أن أي استبدال باستخدام هذه المحاصيل لإنتاج الوقود الحيوي سيكون له آثار على الغذاء الإنساني وإنتاج أعلاف الحيوانات، مما سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة.
لذلك بدأ إنتاج الجيل الثاني من الوقود الحيوي باستغلال مصادر نباتية أوسع، مثل الثمام العصوي والحشيشة الفضية العملاقة، كما لجأ أيضا إلى إعادة تدوير مخلفات الصناعات الغذائية، ومعالجة مخلفات الخضروات، وبالتأكيد فإن هذا التطور سيقلل من الآثار البيئية الناجمة عن استخدام الطاقة الحيوية.
واجتمعت آراء العلماء المختصين في أبحاث إنتاج الوقود الحيوي على أنه يحتوي على العديد من المتناقضات، فقد لا يؤثر الإنتاج “المسؤول” على تحويل الأراضي من زراعة الغذاء إلى زراعة محاصيل طاقية لا تحدث ضررا على البيئة، بل من الممكن أيضًا أن تساعد في حل مشاكل النفايات، بل إنها من الممكن أن تخلق فرص العمل للفقراء.
بينما قد يحدث العكس في حالة الإنتاج غير “المسؤول”، الذي في أحسن الأحوال لا تتوفر منه استفادة مناخية، وفي أسوأ الأحوال؛ قد يحدث ضرر في البنية الاجتماعية والبيئية.
ونوهت مؤسسة جبل روكي – مؤسسة في الولايات المتحدة الأمريكية مخصصة للاستشارات والبحوث ونشر والمحاضرات العامة في مجال الطاقة المستدامة- أن الأهم لإنتاج الوقود الحيوي هو الممارسات السليمة لأنها ستوازن بين إنتاج الغذاء وصناعة الألياف، ولن تسبب مشاكل متعلقة بالمياه والبيئة.
ومحاولات التطوير لإنتاج الوقود الحيوي مستمرة، فقد أنجزت شركة طيران نيوزيلندا أول اختبار لطائرة تجارية في العالم باستخدام وقود مصنَّع جزئيا من الجاتروفا في ديسمبر 2008.
كما استخدمت خطوط كونتيننتال الجوية عام 2009، وقود حيوي لطيرانها التجاري في أمريكا الشمالية، وقد أستخدمت في أولى رحلاتها طائرتين من نوع بوينج 737-800، كان الوقود الحيوي المستخدم مزيجًا مشتقًّا من الطحالب والجاتروفا.
ووفقا لأبحاث أجرتها جامعة “ييل” في مارس 2011 فهناك إمكانية كبيرة لاستخدام الوقود الحيوي المشتق من الطحالب والجاتروفا كوقود للطائرات.
طائرات تعمل بــ “الوقود الحيوي”
واعتبارًا من يونيو 2011، سمحت المعايير الدولية المنقحة لوقود الطيران رسميًا لشركات الطيران التجارية بمزج وقود الطائرات التقليدي مع ما يصل إلى 50٪ من الوقود الحيوي.
كما قد منحت إدارة الطيران الاتحادية 7.7 مليون دولار إلى ثماني شركات للمضي قدمًا في تطوير الوقود الحيوي التجاري، مع التركيز بشكل خاص على الكحول كوقود للطائرات في ديسمبر 2011.
واشتركت كذلك القوات المسلحة الأنجولية في محاولات تطوير وقود مستدام (من الكحول والسكريات والكتلة الحيوية والمواد العضوية مثل زيوت الانحلال الحراري) التي يمكن استخدامها في الطائرات دون تغيير كفائتها أوالبنية التحتية الخاصة بها.
وفي عام 2014 استهدفت شركة جرينسكي بلندن، إنشاء مصنع للوقود الحيوي له القدرة على استيعاب حوالي 500 ألف طن من قمامة البلدية وتغيير المكون العضوي لها إلى 60 ألف طن من وقود الطائرات، و 40 ميجاوات من الطاقة.
وكان من المأمول أن تستخدم جميع الرحلات الجوية البريطانية الوقود المستمد من النفايات والقمامة التي يرميها سكان لندن بحلول نهاية عام 2015، حيث كان من المتوقع أن يؤدي إلى توفير الكربون الناتج عن 150 ألف سيارة.
إلا أنه ولسوء الحظ، تم تنفيذ خطة بـ 340 مليون جنيه استرليني، في يناير 2016، بعد انخفاض أسعار النفط الخام، مما ألحق الضرر بالمستثمرين مع عدم وجود دعم من الحكومة البريطانية.
اضف تعليقا