العدسة – هادي أحمد

لم يكن “جاريد كوشنر” كبير مستشاري الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وزوج ابنته “إيفانكا ترامب”، يدري أن اللقاء الذي جمعه بولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” قبل ساعات من انطلاق حملة مكافحة الفساد؛ ستكون سبب لخروجه وزوجته من “جنة” البيت الأبيض، بل وبطلب من والد زوجته بعد أقل من عام على دخوله المقر الرئاسي بالعاصمة واشنطن.

وقالت مجلة نيوزويك الأمريكية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من الزوجين كوشنر وإيفانكا مغادرة البيت الابيض والعودة إلى منزلهما بمدينة نيويورك، ويمارس ضغوط متواصلة على المستشارين من أجل هذا لغرض ؛ ليثير الشائعات حول وجود علاقة متوترة بين الطرفين.

وأشارت إلى أن قرار ترامب المثير للدهشة يأتي بسبب الضغوط الشديدة التي يتعرض لها من جانب الجنرال “جون كيلي” رئيس أركان البيت الأبيض، الذي أبدي استيائه بشكل علني من زيارة كوشنر للرياض فى أكتوبر الماضي.

وعقب زيارة كوشنر بساعات، نفذ ولي العهد حملة اعتقالات غير مسبوقة فى المملكة بحق أمراء ووزراء ورجال أعمال وتم وضعهم جميعا قيد الاحتجاز بفندق الريتز كارلتون الرياض.

” دونالد ترامب “

 الصقر يأكل الصهر

المجلة الأمريكية أكدت أن الزيارة وضعت كلمة النهاية في العلاقة بين كوشنر وكيلي، والتي كانت متوترة من الأساس، مشيرة إلى أن كيلي قص جناحي كوشنر الذي بدا أن تأثيره آخذ فى الانحصار عبر عدة إجراءات وقواعد صارمة فرضها في البيت الابيض ومن شأنها أن تعجل من مغادرة الزوجين المقر الرئاسي في أقرب وقت.

وذكرت “نيوزويك”، أن كيلي أنشأ نظاما جديد يلزم جميع المستشارين تقديم التقارير إليه قبل أن تمر على الرئيس، وهذا يعني أن إيفانكا يجب أن تمر على الجنرال قبل الوصول إلى والدها، مشيرة إلى أن الزوجين لا يزالان خارج نطاق كيلي الذي يحاول استعادة النظام في البيت الابيض.

“جون كيلي” رئيس أركان البيت الأبيض

 المجلة الأمريكية قال إن الرئيس الأمريكي يحاول أيضا من خلال إبعاد الزوجين عن البيت الأبيض الهروب من التغطية الصحفية السلبية، التي تصاحب كوشنر بسبب اتهامات التواطؤ مع الروس والتي تخضع للتحقيقات حاليا، بجانب أن أبدى ندمه على الأخذ بنصيحة “كوشنر” بإقالة جيمس كومي (مدير إف بي آي السابق).

وقال خبراء قانونيون لـ”نيوزويك”، إن عجز “كوشنر” عن إدراج جميع الاتصالات الأجنبية في “استمارات الموافقة الأمنية الوطنية”، فضلًا عن ممتلكاته المالية؛ تجعل منه هدفًا قويًّا للمحققين.

وفى دليل أخر على تراجع نفوذ كوشنر مقابل الجرنال كيلي ، فقد جاء عدم مشاركة الأول في كامل الجولة الآسيوية، فقد غاب جزئيا عن  الجولة الآسيوية للرئيس في نوفمبر، على النقيض من زيارته للمملكة في مايو الماضي.

وفي المقابل شارك في الزيارة مستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر، وكان للثنائي كيلي وماكماستر، ومعهما وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماتيوس” قد لعبوا دورا كبيرا فى إجبار الرئيس الأمريكي على التراجع عن تنفيذ قائمة من القرارات ضد إيران- بإيعاز من السعودية-  كان من الممكن أن تؤدي إلى كارثة بشأن الاتفاق النووي، فيما عرف بـ“ليلة الجنرالات الثلاثة (وفقا لصحيفة الجارديان) .

واعتبرت  صحيفة نيويورك تايمز تعيين الجنرال كيلي في منصب رئيس أركان البيت الأبيض من أهم التغيرات حيث شرع بـ “عسكرة نهج” عمل آلية العمل في البيت الأبيض لينهي ستة أشهر من الفوضى والتشرذم في الفريق الرئاسي عجز خلالها ترامب عن تمرير تشريع واحد في الكونغرس وسجل فيها الإعلام الأميركي رقماً قياسياً للتسريبات مثل نص مكالمات هاتفية لترامب، إلى العراك الداخلي، إلى تحركات العائلة ومن يدخل ومن يبقى خارج المكتب البيضاوي.

كل ذلك يريد كيلي إيقافه وبدأ بإغلاق باب مكتب ترامب وعدم السماح حتى للابنة إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، الدخول من دون استشارة كيلي أو استدعاء مباشر من الرئيس.

نهج كيلي واحتمال تعيينه ديفيد لابان – وهو أيضاً من الجيش الأميركي – مديراً للاتصالات، يعني تحالفاً عملياً بينه وبين ماكماستر في نقل آلية العمل في الجيش إلى البيت الأبيض. فالذي ينفذ الأوامر يبقى، والذي يخالف ويسرب، قد يصبح في خانة المسؤول السابق.

” كوشنر وإيفانكا “

 بن سلمان وكوشنر

كتبت صحيفة الغارديان البريطانية، أن الثنائي محمد بن سلمان ولي العهد السعودي من جهة، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه من جهة أخرى، يشكلان مزيجا خطيرا، مشيرة إلى أن الرجلين أصبحا صديقين قريبين يوحدهما في علاقاتهما الشباب والقوة .

وذكرت أن كوشنر زار المملكة للمرة الثالثة منذ بداية العام قبل ساعات من حملة مكافحة الفساد وبعد لقائهما وقعت 3 أشياء.. محمد بن سلمان بدأ أعمال تطهير جدية في صفوف خصومه. وأطلق انقلابا صامتا في لبنان. كما فرضت القوات المسلحة السعودية حصارا على الموانئ اليمنية. ولم ينتقد البيت الأبيض هذه الأحداث، فأعلن الرئيس ترامب في موقع تويتر عن دعمه لأعمال التطهير.

” كوشنر وبن سلمان “

 وقالت رويترز نقلا عن مصدرين إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون طلب من السعودية تخفيف حصارها لليمن وذلك قبل أيام من إعلان التحالف الذي تقوده المملكة يوم الأربعاء أنه سيسمح بدخول المساعدات عبر ميناء الحديدة وسيعيد فتح مطار صنعاء أمام طائرات الأمم المتحدة.

وذكر مسؤولون أمريكيون ودبلوماسي أوروبي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ضغطت على السعوديين أيضا للسماح لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بالعودة إلى بيروت بعد أن توجه إلى الرياض في الرابع من نوفمبر   وأعلن استقالته بلا مقدمات

وتعكس الجهود لتخفيف حدة السياسة الخارجية السعودية تزايد مخاوف واشنطن بشأن اتجاه الرياض على الرغم من محاولات ترامب لتحسين العلاقات مع المملكة حليفة الولايات المتحدة منذ وقت طويل.