تزداد الأوضاع في جمهورية مصر العربية سوءًا يوماً بعد يوم، ما دفع الكثير من المواطنين للهجرة بسبب ضيق المعيشة وارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وما زاد الطين بلة هي سياسات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

في عام 2016 ادعى السيسي الذي أطلق على نفسه “طبيب الفلاسفة” أنه توصل إلى مشروع اقتصادي سيجعل مصر في مصاف الدول المتقدمة في غضون سنين، واتبع سياسات اقتصادية أدت إلى غرق البلاد في نهاية المطاف.

اتجه قائد الانقلاب للاستدانة ما تسبب في انهيار الجنيه المصري بالتزامن مع حالة الفقر التي أصابت عاملة المصريين بكل المجالات، والتي تأثر بها المجال الطبي بشكل عام.

تبع ذلك جائحة كورونا التي ضربت العالم وتسببت في وفاة الملايين والتي قدم فيها الأطباء المصريين مثالاً رائعاً في التفاني بالعمل والتي ترتب عليها وفاة أعداد كبيرة منهم.

كشفت تلك الفاجعة عن حجم المعاناة الحقيقة التي لحقت بالأطباء في مصر، علاوة عن ذلك فإن السيسي أهمل هذا المجال وأهله، بل وتعمد حاشيته إهانة الأطباء في بعض الأحيان دون حساب أو عقاب، كل ذلك تسبب في هجرة جماعية للأطباء من مصر ما ترتب عليه خطراً حقيقي.

هجرة جماعية 

أعلنت نقابة الأطباء المصريين عن استقالة 4612 طبيب خلال العام المنصرم 2022، وهو رقم كبير مقارنة بالأعوام التي سبقته، والتي حذرت فيها المؤسسات الطبية من هجرة جماعية للأطباء قد تنتج عنها نتائج كارثية.

أرجعت النقابة أسباب الهجرة الجماعية إلى تدني الأجور في مصر مع سوء بيئة العمل، لكن على ما يبدو أن أسباب الاستقالة والعزوف عن العمل في مصر تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.

بالرجوع للأعوام السابقة فبدءاً من 2016 فقد استقال 1044 طبيب، أما عام 2017 فقد تقدم 2549 طبيب باستقالته ويلاحظ هنا القفزة النوعية في الأرقام بالتزامن مع زمن إصلاحات الجنرال السيسي.

أما عام 2018 فقد استقال 2612 طبيب وفي عام 2019 فقد تقدم 3507 باستقالته ثم 2986 في عام 2020، وفي عام 2021 أصبحوا 4127 طبيب، لتصبح الحصيلة من 4621 طبيب في العام الماضي.

تشويه وإهانة

يتعمد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي تشويه صورة الأطباء بطريقة خبيثة في خطاباته، ففي إحدى التصريحات قال عن هجرة الأطباء ” الدكتور عاوز مرتب كويس وأنا مش قادر أديله مرتب كويس” في دلالة منه أن الأزمة تكمن في مرتب  الطبيب وأن الأطباء طبقة مصابة بالجشع وترفض العمل إلا إذا حصلت على راتب جيد.

استقالة الأطباء لا تعود للسبب الذي ذكره قائد الانقلاب، فالسبب الرئيسي يكمن في  فساد بيئة العمل والتي تشمل سوء حالة المباني ونقص التجهيزات والآلات والأدوات والأدوية والمستلزمات وفساد بروتوكولات العمل من طول ساعات العمل ومنع الإجازات ونقص التدريب وغياب فرص التأهيل العلمي.

علاوة عن ذلك، فإن الافتقاد إلى الأمن والأمان الوظيفي في العمل وكثرة الاعتداءات على الأطقم الطبية بصورة شبه يومية، كان من أهم أسباب الهجرة الجماعية للأطباء، والتي كانت آخرها حادثة اعتداء الضابط طيار وعائلته على الطاقم الطبي ما تسبب في إصابات وكسور بشكل وحشي.

الخلاصة أن الهجرة الجماعية التي يقوم بها الأطباء ناتجة عن إهمال الحكومة لهم كما أنها تتعمد تشويه صورتهم على لسان قائد الانقلاب علاوة على الإهانة التي يتعرض لها الطواقم الطبية دون رادع.

اقرأ أيضاً : مع بدء العام الجديد.. كيف استقبل الشعب المصري عام 2023؟