يولد الإنسان في بيئةٍ لا يتدخل في اختيارها، ومع مضي عمره في تلك البيئة تصبح هي موطنه وتُحفر في ذاكرته جميع أركانها وتؤثر فيه وفي شخصيته وبالتالي يصبح محسوباً عليها، ومنتميا إليها.

في السعودية لا يحدث ذلك، فبعض المواطنين يولدون ويعيشون ويترعرعون في بلاد الحرمين وقد يموتون فيها ولا تعترف الدولة بوجودهم، وكأن الجنسية السعودية منحة من آل سعود لمن يشاءون كما أنه يمكنهم نزعها ممن يشاءون.

مؤخراً احتفى الإعلام السعودي بالتعديل الذي أدخلته الحكومة السعودية على قانون الجنسية، والذي يتضمن في داخله خداعاً صريحاً للشعب السعودي، ولا توجد فائدة منه غير الدعاية الإعلامية.

تعديل شكلي 

أصدرت الحكومة السعودية تعديلاً على قانون الجنسية، وذلك بعد مطالبات طويلة استمرت لسنوات من أجل تجنيس أبناء السعوديات المتزوجات من أجانب، لكن التعديل جاء باهتاً ولا يختلف عن سلوك المملكة القديم.

أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بانتقال سلطة التجنيس من وزير الداخلية إلى رئيس الوزراء أي محمد بن سلمان، كما أمر بتجنيس أبناء السعوديات إذا توفرت فيهم بعض الشروط.

الشروط المطلوبة هي قديمة حديثة وعلى رأسها أن يكون المتقدم قد بلغ سن الرشد عن تقديم الطلب على أن يكون قد أقام في المملكة العربية السعودية ما لا يقل عن 10 سنوات، إضافة لذلك أن يكون المتقدم سليم العقل والجسم وحسن السيرة والسلوك، وألا يكون قد تم إصدار أحكام قضائية في حقه، وأن يكون صاحب حرفة أو مهنة تنتفع منها البلاد، علاوة عن معرفته التامة وإتقانه للغة العربية تحدثاً وقراءة وكتابة.

والحقيقة أن القانون لم يقدم شيئاً لأبناء السعوديات وسط تجاهل تام من النظام السعودي لهم ورفضه إعطائهم أقل الحقوق، فقد دشن من قبل ناشطون وسم #تجنيس_أبناء_السعوديات كي ينال أبنائهن الجنسية.

بالعودة إلى الإحصائيات الرسمية فإن عدد أبناء السعوديات المقيمين في المملكة يقدر بمليون و500 ألف، كما بلغ عدد السعوديات الاتي تزوجن من أجانب ما يقرب من 700 ألف امرأة جميعهم تجاهلهم النظام.

معاناة حقوقية

تحصر الحكومة السعودية أزمة تجنيس أبناء السعوديات في الأعمال الروتينية وسبل إنفاذ القانون، لكن المعاناة ارتقت إلى أن أصبحت قضية حقوقية، وهو ما كشفته إحدى الشابات التي ولدت لأب باكستاني ولأم سعودية في المملكة.

تناولت بعض الصحف قضية شابة تدعى حورين عالم وهي من أبناء السعوديات ولديها من العمر 25 عام، وقد تقدمت من قبل على طلب للحصول على الجنسية وهي في عمر 18 عام دون أن يتغير شيئاً.

أكدت حورين أنها ولدت في المملكة ولا تجيد التحدث باللغة الباكستانية لكن اللغة العربية هي لغتها الأم، كما أنها لم يسبق لها أن زارت باكستان موطن أبيها لكن الحكومة ترفض الاعتراف بها على الرغم من اكتمال الشروط بحقها.

علاوة عن ذلك فإن حورين تُعامل معاملة الأجنبية في بلادها، وتواجه صعوبات في التعليم في المدارس الحكومية والجامعات وشأنها شأن الآلاف من أبناء السعوديات لا يحق لها تلقي الرعاية الصحية.

الخلاصة أن الحكومة السعودية تتحكم في مصير مئات الآلاف من الشعب وترفض الاعتراف بهم في أشد الحالات، حيث أنها تتلاعب بمصائر الأفراد، وعلى الرغم من سنها هذا القانون، مازالت الجنسية السعودية منحة حكومية على هوى النظام.

اقرأ أيضاً : مليارات السعودية والإمارات تنهال على باكستان.. ما دلالة ذلك؟!