استولى الجنرال عبد الفتاح السيسي على الحكم في مصر بعد انقلاب عسكري مكتمل الأركان على الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور الراحل محمد مرسي، وذلك بعد حملة تشويه استمرت لفترة، حاولت فيها الدولة العميقة إفشال الرئيس.
بعد نجاح مخطط الانقلابي السيسي بسط سيطرته على جميع أجهزة الدولة وتحكم في كل مقدراتها وأصبح الآمر الناهي في مصر، ملقباً نفسه بالطبيب أو الفيلسوف واستخدم الإعلام لإظهاره بصورة المنقذ لمصر.
لكن مع مرور الوقت اتضح للمصريين مقدار الجنرال ذي الخلفية العسكرية، الذي لم ينجح إلا في ملء السجون، وفرط في الأراضي المصرية وكذلك مياه النيل علاوة عن إثقال الدولة بالديون المتراكمة، فقام لبيع الأصول المصرية محاولاً تدارك الأزمة.
مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في أوائل العام الماضي هربت الأموال الساخنة من مصر في أقوى ضربة وجهت للاقتصاد المصري، الذي أضعفه السيسي بسياساته غير الرشيدة ما تسبب في أزمة شح الدولار من الأسواق.
مؤخراً ازدهرت الأسواق السوداء في مصر، والتي تبيع الدولار للمصريين الذين يحتاجونه في تجارتهم، ومستلزماتهم بأسعار أعلى من البنوك المصرية.. لكن اللافت للنظر هو وجود السيولة بشكل كبير في تلك الأسواق مع شح السيولة الدولارية في البنوك المصرية.. فما دلالة ذلك؟!.
السوق السوداء
صرح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي منذ أيام أن الحكومة ستعمل بشكل كبير للقضاء على الأسواق السوداء وذلك بعد أن هوى سعر الجنيه مؤخراً أمام الدولار ليصل إلى 34 جنيه في مقتبل العام الجديد.
أما في الأسواق السوداء والتي تمتلك من سيولة هائلة من الدولار فقد تجاوز سعره 40 دولار في بعض الأحيان، لكن المسؤول المصري لم يصرح عن كيفية القضاء على تلك الأسواق مع انتشارها الكبير في جميع أنحاء مصر.
للوهلة الأولى ستستخدم حكومة السيسي ذو الخلفية العسكرية القبضة الأمنية من أجل سحق التجار وصغار المضاربين في السوق لكن هذا يستدعى سؤالاً هاماً إذا كانت الحكومة تستطيع القضاء على السوق السوداء فلماذا تركتها تستفحل وتكبر؟! وقد صارت تمتلك سيولة أكبر من البنوك أو على الأقل باتت لديها معروض على عكس البنوك المصرية التي تقر بضعف السيولة لديها.
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعود إلى عام 2016 وهو عام التعويم الأول للجنيه المصري، وقد أقرت بعض التقارير من الاستفادة الحكومية من تلك الأزمة التي سحقت مدخرات الشعب وتسبب في حالة هائلة من التضخم.. ففي هذا العام بالتحديد بدأ مصطلح السوق السوداء للدولار يبدر للأذهان بالشكل الحالي على رغم من وجوده قبل ذلك الحين لكنه لم يستفحل وقد واجهته الدولة بنفس الصورة القمعية.
لعبة الحكومة
أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن خطة لتدبير المواد الدولارية، والتي ستبدأ الحكومة في تطبيقها هذا العام ولم يعلن عن ماهيتها أو كيفيتها، هذا يدل على أن الحكومة كان بمقدورها أن تحد من ازدهار السوق السوداء، إلا إذا كانت تستفيد من الوضع الحالي.
يقر المتعاملون في السوق السوداء وكذلك أصحاب المصانع والشركات أن السوق كان متشبعاً بالدولار في الفترة التي سبقت التعويم، دون قبضة أمنية طوال المدة التي سبقت التعويم الأخير.
هذا دفع بعض المراقبين إلى قولهم بأن مشكلة الدولار هي لعبة من الحكومة على مستوى عال، وقد اتخذت خطة كاملة الأركان لسرقة أموال الشعب عن طريق أزمة الدولرة.
تقوم الحكومة بطرح المعروض بسعره قبل التعويم حتى يتشبع السوق منه ثم تسمح للأسواق الموازية الازدهار والنمو، وبعدها تقوم بإقرار تعويم آخر ثم فيضطر الشعب للشراء من السوق السوداء التي تقوم الحكومة في الأخير بسحقها من أجل التحصل على سيولة دولارية علاوة عن حصولها على الدولار من الشعب المصري أيضاً.
الخلاصة أن الحكومة المصرية تتربح من أزمة الدولار التي تبيعه بأسعار قبل التعويم وتحصل عليه عنوة بعد التعويم وهي تشجع هؤلاء التجار على الجشع بشكل كبير، وبين هذا وذاك يظل الشعب المصري مطحوناً في ظل الظروف المعيشية القاسية مع حكومة لا ترحم.
اقرأ أيضاً : من أجل التجاوز عن الملف الحقوقي.. السيسي يؤخر إتمام “خيانة” تسليم تيران وصنافير
اضف تعليقا