قال رئيس المنبر المصري لحقوق الإنسان، معتز الفجيري، إن الانتخابات الرئاسية المقبلة، المُقرر إجراؤها منتصف العام المقبل، لن تكون على غرار الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في عامي 2014 و2018.
وأضاف: “انتخابات 2024 لن تكون بالسهولة المطلقة التي كانت عليها في الانتخابات السابقة؛ لأن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان لديه طموح عندما جاء للسلطة بتقديم نموذج تنموي جديد، بمعنى أن الدولة فيها قمع للحريات لكنها تحقق معدلات من التنمية، مثل نماذج مماثلة في الصين وكوريا الجنوبية في وقت ما، لكنه فشل في ذلك بشكل جلي”.
وأشار الفجيري، إلى أن “هناك اختلالات بنيوية في الاقتصاد المصري، وهذه الاختلالات تسبّب فيها النظام نفسه لعوامل مختلفة، بجانب التغيرات الإقليمية والدولية وما إلى ذلك”.
وتابع: “شرعية الإنجاز غير موجودة، وفي نفس الوقت بدأت تظهر بعض الأصوات التي يبدو عليها عدم الرضا من أداء الرئيس، وهنا لا نقصد المعارضة، وإنما خطابات بعض الدوائر القريبة من السلطة؛ فقد رأينا سابقا البيان الذي أصدره النائب السابق أنور السادات، وكذلك الظهور المتكرر لجمال مبارك، وكذا البيانات التي تصدر من بعض الأحزاب التي تضم شخصيات محسوبة على النظام الأسبق بالرغم من كونهم مؤيدين للنظام في السنوات السابقة”.
وقال الفجيري: “بشكل عام لم يعد السيسي قادرا على الحفاظ على شعبيته بالصورة التي كان عليها عندما جاء للسلطة في انتخابات الرئاسة عام 2014، وأعتقد أن أحد أسباب الحوار الوطني هو الوصول لتوازن ما مع الأحزاب القائمة يسمح له بتجديد شرعيته بسهولة من خلال الانتخابات القادمة، لكن الأمر متوقف على متغيرات كثيرة”.
وواصل بالقول: “هناك احتمالان بشأن الانتخابات القادمة، الأول: ازدياد الضغوط الخارجية، مع بعض الضغوط من الداخل فيؤدي الأمر إلى نشأة بعض المساحات السياسية الجديدة. أما الاحتمال الثاني: بعد مرور الأزمة الاقتصادية أو تحسنها بشكل ما من خلال بعض الدعم الخارجي الدولي أو الإقليمي فربما ستدخل البلاد في موجة قمع عنيفة جدا خلال العام الجاري بحيث تمر الانتخابات الرئاسية بسلاسة”.
وزاد: “في كل الأحوال، أتصور أن ملف الانتخابات القادمة لن يكون سهلا بالنسبة للرئيس السيسي، وسيكون أمام النظام بعض التحديات التي يواجهها بالفعل، وعلينا أن ندرك أن النظام يقف وحده، وقوته مُستمدة من ضعف الآخرين، أو من عدم اهتمام الخارج بقضية الديمقراطية في مصر بشكل كبير؛ ففور مجيئه للسلطة وجّه ضربات عنيفة جدا للمعارضة السياسية، وبالتالي فلا يوجد بديل قوي جاهز”.
وأضاف الفجيري، وهو عضو اللجنة التنفيذية للشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان: “ربما نرى خلال العام الجاري بعض التفاعلات أو التحديات، لكن أي تحديات نوعية ستحدث ستكون من داخل النظام؛ فإذا كان هناك رضا من الجيش، ورضا من الدوائر المُشكّلة للدولة العميقة في مصر فلا خوف”.
ونوه إلى أن “الأطراف الخارجية ربما تضغط على النظام في الفترة المقبلة، ولا أعتقد أن الدولة بكافة أصواتها وأطرافها ومكوناتها راضية عن أداء الرئيس، وهذا هو التحدي الذي يواجه السيسي، فإن استطاع أن يجعل الدولة في صفه بالكامل (الجيش، والدولة العميقة، والأصوات المختلفة المحيطة بها) فلن تكون هناك مشكلة في ملف الرئاسة، أما تحدي المعارضة أو النشطاء فربما يُشكّل ضغوطا فقط”.
واختلف مع وصف البعض للانتخابات الرئاسية المقبلة بأنها أهم وأخطر معركة تُهدّد عرش السيسي، قائلا: “ليس لهذه الدرجة؛ فليست هناك انتخابات تنافسية، لكن السؤال هو: هل سيسمح الرئيس تحت ضغوط ما أن تكون هناك انتخابات حقيقية؟ فلو كانت هناك انتخابات بتنافسية حقيقية أعتقد أن السيسي لن يستطيع أن يمر بها، لأن الإنجاز والأداء غير مرض، لكن بالقمع يمكنه أن يمر”.
وتابع: “إذا كانت هناك قواعد تنظم انتخابات تنافسية تعددية ستصبح عقبة أمام السيسي، وهو ما لا يريده الرئيس؛ فالرئيس دائما ضد أي شخص لديه القدرة على المنافسة، بداية من الفريق أحمد شفيق، مرورا بالفريق سامي عنان، وحتى الأصوات التي تنادي بعودة جمال مبارك”.
وقال الفجيري: “أما إذا انعدمت الانتخابات التنافسية، ووُجدت آلية للقمع دون ضغوط، فسيستمر النظام بشكل طبيعي، لكن هذا لا يعني حدوث استقرار بالمرة؛ فالسيسي قد يستمر في السلطة لسنوات قادمة، لكن كل استمرار له هو مُهدِد لاستقرار نسيج المجتمع؛ لأن استمرار الرئيس له ثمن سياسي وقانوني ودستوري واقتصادي واجتماعي كبير”.
وأوضح أن “إلغاء حالة الطوارئ تُعدّ من الإجراءات التي اتخذها النظام خلال السنتين الأخيرتين، مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ومع الحديث عن تعديل قانون الجمعيات، ومع إغلاق بعض الملفات القضائية مثل جزء من القضية 173، وبالتزامن مع بعض الإفراجات عن المعتقلين، لكن كل هذه الإجراءات لم تغير في الواقع كثيرا، ومشكلتنا الحقيقية مع النظام القانوني المصري”.
وأردف: “بالطبع إلغاء حالة الطوارئ أمر جيد، ولكنه غير كاف، لأن المشكلة في التدابير الاستثنائية غير القانونية، بمعنى أنه قد يختفي شخص ما ولا يُسجل اعتقاله، أو يتم اعتقاله لفترة طويلة دون عرض على النيابة، وقد يواجه التعذيب خلال هذه الفترة، وهناك دمج لتدابير استثنائية في القانون العادي، مثل قانون الإرهاب، والقيود المفروضة على التظاهر والاجتماعات والتجمعات، وغيرها من التدابير الاستثنائية، وهناك دوائر الإرهاب في المحاكم العادية”.
وأشار إلى أن “إلغاء قانون الطوارئ لن يكون له أثر مكتمل دون النظر في التشوّه القانوني الذي يُحدثه النظام الحاكم منذ عام 2014؛ فهناك تشوّه قانوني عميق جرى في قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية، والقوانين المنظمة للإعلام، والقوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب بشكل خاص، ولدينا سلسلة من التعديلات اللي تمت تحت لافتة (مكافحة الإرهاب) فقننت الإجراءات الاستثنائية”.
واستطرد قائلا: “بعد رفع حالة الطوارئ، والإعلان عن الحوار الوطني المتعثر ما زالت الاعتقالات مستمرة بنفس الاتهامات الواهية، وهي الانتماء لجماعة إرهابية، ونشر أخبار ومعلومات مغرضة هدفها الدعاية والإساءة للدولة، وبالتالي لن يكون هناك أي أثر لرفع تدابير الطوارئ ما لم تكن هناك معالجة لمثل تلك التشوّهات الموجودة في القانون العادي”.
ونوّه الفجيري إلى أن “دور الحوار الوطني، ولجنة الحقوق والحريات بداخله عليها أن تنظر وتطرح مثل هذه التعديلات، وإلا لن يحدث التغيير، لأنه في النهاية الاعتقالات ستستمر، وسيُعاد تدوير المعتقلين طالما بقيت هذه البنية القانونية على تشوهها كما هي بما فيها وضعية السلطة القضائية التي تحوّلت لمنصات للتنكيل بالخصوم والمعارضين”.
اقرأ أيضا: قوات الأمن المصري تشن حملة اعتقالات بالتزامن مع ذكرى ثورة يناير
اضف تعليقا