كتبه – منذر العلي
يبدو أن قابل الأيام سوف يحمل للمقاومة الفلسطينية ما لا يسرها، ليس من الاحتلال الإسرائيلي، بل من جانب إخوتها وأشقائها العرب والمسلمين.
كانت هذه بمثابة الرسالة التي أراد الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، توصيله للمقاومة وللعالم أجمع.
وزراء التحالف العسكري
مقطع الفيديو الذي عرضته الجلسة الافتتاحية للاجتماع المنعقد، الأحد 26 نوفمبر الجاري بالرياض، تضمن لقطات لمسلحين من المقاومة الفلسطينية باعتبارهم إرهابيين.
انتفاضة عربية وترحيب إسرائيلي
وتداول نشطاء عرب وفلسطينيون على نطاق واسع صورة من الفيديو المعروض، قالوا إنها ترجع لانتفاضة الأقصى عام 2001 وهي لمقاوم فلسطيني يوجه سلاحه تجاه جنود الاحتلال في مستوطنة “جيلو” المقاومة على أراض فلسطينية جنوب القدس المحتلة.
وتظهر الصورة شابًّا ملثمًا يوجه فوهة بندقيته الآلية صوب هدف لم يوضحه المشهد، بينما كُتب على جدار يجاوره عبارة “جيلو في خطر”.
مقاوم بالضفة الغربية
ردود الأفعال لم تكن من جانب الرياض أو قيادة الاجتماع، بينما كان طرفاها نشطاء أشعلوا انتفاضة على مواقع التواصل الاجتماعي، و”أفيخاي أدرعي” المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وعبر حسابه على تويتر احتفى “أدرعي” بالمشهد المعروض ونشر صورة منه مصحوبة بتعليق مثير للجدل، قال فيه: “وشهد شاهد من أهلها.. العرب ينطقون الحق سواء كان سهوًا أو قصدًا”.
وفي تحريض واضح وصريح على المقاومة الفلسطينية قال: “الإرهاب يبقى إرهابًا، لن تخفيه عمليات تجميل المصطلحات؛ لأن الفعل واحد والنية واحدة، فلا داعي لغضب حماس ومؤيديها، فلا أحد يخجل من أصله وحقيقته، كونه واقعة موجودة، وما حصل اليوم أنه تم وضع الإصبع على المرض فهل يتم استئصاله؟”.
تغريدة أفيخاي ادرعي
ويبدو مستبعدًا إلى حد كبير أن يكون تضمين هذا المشهد في الفيديو المعروض جاء من قبيل المصادفة البحتة في اجتماع بهذا المستوى الرفيع، فليس متصورًا أن تمر هذه المشاهد على من صنعوا الفيلم وأجاز نشره من قبل وزارة الدفاع السعودية، دون أن يلتفت إليها أحد.
وإذا افترضنا أن هذه الصورة كانت سهوًا، فلماذا لم يرد التحالف ولم توضح الرياض حقيقة الأمر بعد مرور أكثر من 24 ساعة على الاجتماع، أخذًا في الاعتبار قوة الحملة على مواقع التواصل ومشاركة خليجيين فيها، الأمر الذي يشير إلى حتمية وصول القضية لصانع القرار في الرياض.
لوبي السعودية والإمارات
في حقيقة الأمر ووفق شواهد ثابتة وموثقة، فإن تورط السعودية والإمارات في الزج بالمقاومة الفلسطينية في سياق مكافحة الإرهاب، يبدو أمرًا بديهيًّا تعضده العديد من المواقف السابقة.
فقبل أيام فقط، وافقت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، على تشريع يعاقب الحكومات والأفراد الأجانب الذين يقدمون الدعم المالي والمادي لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، وذلك بدعم إسرائيلي لجماعات الضغط (اللوبي) السعودية والإماراتية في واشنطن.
وبحسب ما كشفته تقارير إعلامية غربية نُشرت في وقت إعداد القانون مع بداية اندلاع الأزمة الخليجية يونيو الماضي، فإن “إسرائيل لم تكن قادرة على الانضمام المباشر لخطوة حصار قطر التي تقودها السعودية، بسبب الاتصال المحدود بين الطرفين، لكن هذا لم يمنعها من الدعم القوي والتأييد المباشر لتحرك جماعات الضغط السعودية والإماراتية لرؤية الكونجرس الأمريكي لكي يمرر تشريعات معادية لقطر”.
وبحسب مواد التشريع التي نشرها الموقع الرسمي للكونجرس الأمريكي على الإنترنت، فإن مشروع القانون (H.R.2712) يسمى “قانون منع الإرهاب الدولي الفلسطيني لعام 2017″، ويقول مشروع القانون في مادته الأولى إن الخارجية الأمريكية صنفت حركة حماس كمنظمة إرهابية أجنبية في 8 أكتوبر 1997، كما عدتها وزارة الخزانة تنظيمًا إرهابيًّا عالميًّا بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 في عام 2001.
اللوبي الإماراتي في أمريكا ظهر معنيًّا كثيرًا بمواجهة القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة، حتى بعيدًا عن نطاق المقاومة المسلحة، ففي تسريب جديد كشفه موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني، نوفمبر الجاري، فُضح سعي “العتيبة” في مباحثاته مع المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط “دينيس روس” لمعاقبة قطر، بسبب دعمها لحركة مقاطعة إسرائيل المعروفة باسم “بي دي إس”.
الخبر
حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) تُعرف نفسها بأنها “حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد” تسعى لمقاومة الاحتلال من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين، وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.
معاداة المقاومة
على الجانب الآخر، يتواصل الدوران السعودي والإماراتي المناوئان للقضية الفلسطينية، بمعاداة المقاومة، خاصة الإسلامية منها، وفي مقدمتها حركة حماس.
تسريبات العتيبة كشفت عن لقاء عقد بين وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، قبل الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، أوصاه فيها الأخير بسحق حركة حماس.
عبدالله بن زايد
كما اتهمت الإمارات بالمسؤولية عن اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح بأحد فنادق دبي عام 2010، حيث نقلت تقارير إعلامية، عن مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك”، قوله إن رئيس شرطة دبي السابق الفريق ضاحي خلفان متورط في اغتيال “المبحوح”.
التقارير أضافت أن “المخابرات الإماراتية علمت بنشاط “المبحوح”، وسبق لها أن أوقفته، واستلم “خلفان” ملف “المبحوح”، وبدأ بالتواصل مع رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق في غزة والقيادي الفتحاوي المفصول (محمد دحلان) لكي يمده بمعلومات عن “المبحوح””.
وهنا تقود التفاصيل إلى الحلقة الأخطر في علاقة الإمارات بالمقاومة الفلسطينية، والدور الذي يلعبه “دحلان” منذ تعيينه مستشارًا أمنيًّا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في محاولة لي ذراع المقاومة وإخضاعها تحت الوصاية الإماراتية.
محمد دحلان
هذا المسلك كان واضحًا بشدة في خضم الأزمة الخليجية الحالية، فبينما كان دحلان طرفًا في لقاءات التفاهمات الأمنية بين مصر وحماس في القاهرة، كانت كل من السعودية والإمارات تكيل الاتهامات ضد حماس.
ففي 6 يونيو الماضي، قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، على هامش زيارته لباريس: إن “الكيل قد طفح، وعلى الحكومة القطرية التوقف عن دعمها للجماعات الإرهابية، مثل حماس وجماعة الإخوان”.
وبعدها بيومين هاجم وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات “أنور قرقاش” حركة حماس، وقال في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن “وجودها (حماس) في قطر يشكل خطرًا على المنطقة”.
اضف تعليقا