كشفت صحيفة التليغراف في تقرير صادم عن تعرض عاملات منزليات للإهانة والإذلال ومعاملة العبيد من قبل عدد من الدبلوماسيين الإماراتيين في لندن، والذين يجبروهن على العمل لمدد تصل إلى 18 ساعة في اليوم، والاستحمام بدلاء من الماء البارد وتناول بقايا الطعام.
وحسب التقرير، تعرضت عاملات من شرق آسيا، تحديدًا الفلبين وإندونيسيا، لظروف معيشية غير إنسانية وانتهاكات عمالية مهينة داخل منازل الدبلوماسيين الإماراتيين في لندن على مدى الخمس سنوات الماضية.
يأتي ذلك على الرغم من الوعود التي قطعتها الحكومة في عام 2015 للقضاء على استغلال عاملات المنازل منازل الأثرياء خاصة الدبلوماسيين الإماراتيين والسعوديين الذين فضحهم التقرير.
العام الماضي، قضت المحكمة العليا بأن الدبلوماسيين الذين يستغلون العمال ويجبرونهم على العيش في ظروف العبودية الحديثة لا يمكنهم التمتع بالحصانة الدبلوماسية لإسقاط دعاوى التعويض المرفوعة ضدهم.
كان الحكم خاصًا بقضية واحدة لدبلوماسي سعودي مقيم في لندن، اتُهم باستعباد عاملة فلبينية، إذ أجبرها على ارتداء الجرس على مدار 24 ساعة في اليوم ليكون تحت أمر أسرته.
كالايان، وهي منظمة خيرية مكرسة لدعم عاملات المنازل المهاجرات في المملكة المتحدة، صرحت أنها تمتلك عدد ضخم من ملفات الضحايا الذين تعرضوا لهذا النوع من الإهانة والإذلال، مؤكدين أن العدد الحقيقي أكبر بكثير لكنهم لم يتمكنوا من نيل حريتهم بعد.
“غيض من فيض”
الوثائق والملفات التي شاركتها المنظمة الخيرية مع “تليغراف” كشفت أنه بين 2017 و 2021 ، تعرضت ما لا يقل عن 13 عاملة منزلية في منازل الدبلوماسيين السعوديين والإماراتيين والبحرينيين في الخارج لسوء المعاملة وإهانة وإذلال تتنافى وكافة المعايير الإنسانية وترقى للعبودية الحديثة.
هيئة الإحالة الوطنية التابعة لوزارة الداخلية البريطانية، والتي تدعم ضحايا ممارسات العبودية الحديثة، قبلت هؤلاء الـ 13 حالة مؤكدة أنهم تعرضوا لممارسات وحشية وعنيفة ومهينة تجعلهم ضمن من ينطبق عليهم مواصفات ضحايا العبودية الحديثة.
في تصريحات خاصة، قالت عائشة محسن، المحامية في كالايان: “نحن واثقون أن عدد العاملات اللاتي يحتجن للمساعدة أكبر بكثير ممن تتوفر لدينا بياناتهم… أضعاف هذا العدد لم يتمكنوا من الفرار بعد.”
وأضافت “هذه الممارسات الوحشية تحدث خلف الأبواب المغلقة، في منازل الدبلوماسيين، لذلك من الصعب على الضحايا طلب المساعدة، لهذا تفشل الحكومة في الحصول على ضمانات لحماية العاملات من التعرض لمثل هذه الانتهاكات… يعرف الدبلوماسيون أنهم يستطيعون ارتكاب أي انتهاك مع ضمان الإفلات من العقاب”.
من جانبه قال الوزير السابق في مجلس الوزراء ديفيد ديفيس إنه لا ينبغي السماح لممثلي الشرق الأوسط بإعادة خلق “الظروف القمعية المنتشرة في بلدانهم داخل المنازل الدبلوماسية في المملكة المتحدة” مضيفًا: “يجب أن يلتزم هؤلاء الأفراد بالقوانين البريطانية”.
وصفت ديوا، وهي أم لطفل وعاملة سابقة جلبها دبلوماسي سعودي إلى بريطانيا عام 2018، لصحيفة التلغراف كيف عاشت سجينة في منزل بغرب لندن.
لقد أمضت ثلاثة أشهر في الخدمة في منزله، ولكنها لم تتقاض أجرًا مطلقًا وكانت “تأكل فقط بقايا الطعام من العائلة”، مضيفة: “لا يمكنني تناول الطعام إذا كانوا خارج المنزل”.
لم تتمكن ديوا من الخروج بمفردها وصادر الدبلوماسي جواز سفرها عند وصولها إلى المملكة المتحدة، كانت تقسم وقتها بين منزل المسؤول ومنزل آخر يمتلكه أحد أقاربه، وفي بعض المناسبات، كانت تُجبر على تنظيف كلا المنزلين في نفس اليوم.
وتابعت ديوا “كنت غاضبة وحزينة، معظم وقتي كنت أقضيه في البكاء… لم أستطع تحمل فكرة الاستمرار في هذا الوضع، لذلك بحثت عن جواز سفري وتمكنت من الحصول عليه وغادرت.”
عشرات الحالات المماثلة تمتلك “كايلان” ملفات خاصة بهم، معظمهم يشتركون في نقطة مصادرة جواز السفر وهواتفهم النقالة، والتعرض للتجويع معظم الوقت، وجزء كبير منهم لا يحصل على القدر الكافي من النوم والراحة، يُجبرون أحيانًا على العمل حتى منتصف الليل.
عاملات أخريات تحدثن عن حرمانهم من الطعام، وإجبارهم على الاستحمام بالمياه الباردة مع عدم أخذ يوم عطلة.
إحدى العاملات تروي “كنت أستيقظ في الخامسة والنصف صباحًا وأول شيء يكون تنظيف السيارة الخاصة بالمالك، ثم تنظيف المنزل [المكون من أربعة طوابق] … المنزل كان يستقبل عدد كبير من الضيوف لذلك كنت أعمل على مدار الساعة دون توقف أو راحة”.
وتابعت “لم يُسمح لي بمغادرة المنزل أو استخدام شبكة الانترنت.. أخذوا جواز سفري… لم يدفعوا لي راتبي… كانت غرفتي بلا مدفأة أو مياه ساخنة…. في فصل الشتاء، كنت أضطر إلى غلي الماء في غلاية، وأسكبه في دلو وأنظف نفسي بهذه الطريقة”.
حسب إحصائيات “كايالان”. يوجد نحو 17 ألف عاملة منزلية في منازل أثرياء العرب والدبلوماسيين وعدد من الأثرياء الآخرين حول العالم.
من جانبه، قال جيمس أوينز كيو سي، الذي عمل على تقرير حكومي خاص بالانتهاكات التي تتعرض لها العاملات المنزليات لعام 2015، إن الوزراء يغضون الطرف عن ممارسات العمل التعسفية التي تحدث في منازل الدبلوماسيين والأثرياء الأجانب.
وقال “لا أعتقد أن الحكومة تأخذ هذه القضية على محمل الجد … يريدون أن تأتي هذه العائلات الثرية إلى المملكة المتحدة لأسباب سياسية واقتصادية”، مضيفًا أن غالبية الأفراد الذين جلبوا موظفيهم جاءوا من الشرق الأوسط.
رداً على تقرير السيد إوين، تعهدت الحكومة بأنها ستقدم فحوصات الامتثال لضمان “فهم” الأسر الدبلوماسية “لالتزاماتها كأرباب عمل” عند تعيين موظفين من القطاع الخاص، لكن النتائج التي توصلت إليها صحيفة تليغراف تظهر أنه على مدار السنوات السبع الماضية، استمر تعرض النساء – وبعض الرجال – في جلبهم إلى البلاد من قبل المسؤولين الدبلوماسيين، للإيذاء النفسي والجسدي.
في إحدى الحالات من عام 2018، أُجبرت عاملة يعمل لدى دبلوماسي أجنبي على الاستمرار في العمل بعد تلقيها العلاج في المستشفى من آلام في البطن ونزيف مهبلي، على الرغم من توصية الأطباء لها بالراحة لمدة أسبوع.
ولجأت المرأة أيضًا إلى تناول بقايا طعام من مطبخ الدبلوماسي بسبب الجوع وتعرضت “للإساءة اللفظية والنفسية” من قبل المسؤول/
السيد إيوينز أكد على أنه “يجب إيجاد طريقة لمحاسبة المتورطين”، وأضاف: “صاحب العمل هو المسؤول الأول عن هذه الانتهاكات… في رأيي يجب وضع علامة حمراء على تأشيرة الكفيل إذا تبين أنهم ارتكبوا انتهاكات جسيمة ضد موظفيهم “.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا