استضافت البحرين في وقت سابق من هذا الأسبوع الاجتماع 146 للاتحاد البرلماني الدولي، والذي انعقد في منطقة الصخير في الفترة من 11 إلى 15 مارس/آذار 2023، ورغم الجهود التي بذلتها البحرين لتظهر بصورة حضارية أمام الوفود العالمية المختلفة، انقلبت خطتها ضدها وفضحت هذه الاجتماعات وجه النظام البحريني الخبيث وسلطت الضوء على انتهاكاته ضد حقوق الإنسان وما يتعرض له السجناء السياسيون داخل سجونها.
خلال كلماتهم في الاجتماعات، أثار العديد من النواب البرلمانيين الذين يمثلون دول مختلفة قضايا الاعتقال التعسفي والمعاملة السيئة التي يتعرض إليها السجناء السياسيين، وطالبوا بالإفراج عنهم وإعطائهم كافة حقوقهم، مع التركيز على قضية عبد الهادي الخواجة، وهو ناشط سياسي بحريني-دنماركي اعتقل ظُلمًا قبل سنوات ويعاني الآن من التعذيب النفسي والبدني داخل مقر احتجازه.
النصيب الأكبر من انتقادات النظام البحريني جاء في كلمات الوفود القادمة من الدنمارك والسويد وأيرلندا وأيسلندا وهولندا وفنلندا والنرويج، في المقابل، رفض المتحدث الرسمي باسم الوفد البحريني جمال فخرو هذه التعليقات واعتبرها تدخلًا في السياسة الداخلية البحرينية، وبرر استمرار حبس الخواجة مشيرًا أنه ارتكب جرائم وفق القانون البحريني ويُعاقب عليها.
كما نفى فخرو أن الخواجة قد تعرض للتعذيب لافتًا أنه “إذا كان حقًا تعرض للتعذيب، لكانت قضية أمام هيئات الرقابية البحرينية، مثل أمين عام التظلمات بوزارة الداخلية ووحدة التحقيق الخاصة.”
لم ينتبه السيد فخرو أن هذه الهيئات الرقابية أُنشأت عام 2012، أي بعد عام من اعتقال عبد الهادي الخواجة وتعذيبه وإكراهه على الادلاء باعترافات كاذبة، أي لم يتسن له تقديم شكوى لهذه الجهات، وبالتالي من الطبيعي ألا توجد قضيته أمام أمين التظلمات ووحدة التحقيق الخاصة.
من ناحية أخرى، وثقت جهات حقوقية دولية مثل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (BICI) تعرض عبد الهادي الخواجة للتعذيب والمعاملة المهينة، وقد نشرت ذلك في تقريرها الخاص الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وقد جاء في الصفحة 438 من هذا التقرير:
“وثق التقرير أن الخواجة تعرض للتعذيب والاعتداء الجنسي من قبل قوات الأمن عام 2011… فور الاعتقال تلقى المعتقل ضربة قاسية على جانب وجهه مما أدى إلى كسر فكه… في المستشفى هُدد بالاعتداء الجنسي والإعدام، كما ُهدد بتعذيب عائلته…. أمضى شهرين في الحبس الانفرادي في زنزانة صغيرة تبلغ مساحتها حوالي 2.5 م × 2 م، وكان يتعرض للضرب بشكل روتيني من قبل الحراس الملثمين واعتدوا عليه جنسيًا، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى جسيمة…”
تعليقًا على إثارة قضية والدها في المؤتمر، قالت الناشطة البحرينية مريم الخواجة ابنة عبد الهادي الخواجة: “من الجيد أن أرى الدعم الذي يتلقاه والدي في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي من نواب من دول متعددة، خاصة وأنه قضى 12 عامًا من عقوبة السجن المؤبد التي اعتبرتها الأمم المتحدة تعسفية… لا يزال يعاني من ظروف السجن القاسية والحرمان المنهجي من العلاج الطبي المناسب، مثله مثل العديد من السجناء السياسيين البحرينيين الآخرين…. إنه لأمر مروّع أن نرى المتحدث باسم الوفد البحريني يسرد أكاذيب صارخة حول حالة حقوق الإنسان في البحرين وكذلك حالة والدي من خلال إنكار حقيقة تعرضه للتعذيب – وهي حقيقة موثقة من قبل لجنة تقصي الحقائق التابعة للنظام البحريني نفسه…. استشهاده بالمؤسسات التي أقيمت بعد عام من سجن والدي، والتي لم تحقق بعد في تعذيب والدي، يكشف محاولة البحرين الواضحة للتستر على الحقيقة “.
من جانبه علق سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD) قائلًا: “ما حدث في المؤتمر يؤكد وجود كارثة في جهود علاقات عامة للنظام البحريني… من خلال استضافة مؤتمر دولي، اعتقدوا أنهم يستطيعون غسل صورتهم على المسرح العالمي، وتنظيف سجلهم الحقوقي المليء بالانتهاكات المروعة والاعتقال التعسفي لمواطنيهم الذين يطالبون بالديمقراطية… القرار الديكتاتوري بإلغاء تأشيرات باحثي هيومن رايتس ووتش، لمنعهم من مراقبة هذا المؤتمر، يفضح كذلك أن شعارهم: تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة، ويؤكد أنه ليس سوى كذبة “.
أوليف مور، المدير المؤقت لفرونت لاين ديفندرز قال: “إن استضافة البحرين مؤتمرًا عالميًا للبرلمانيين الذين يعملون على تعزيز سيادة القانون، بينما في نفس الوقت ينتهك النظام حقوق الإنسان الأساسية لمواطنيه، هو مهزلة بمعنى الكلمة… نحيي البرلمانيين الذين تحدثوا لتحدي هذه المفارقة وندعو إلى إطلاق سراح عبد الهادي الخواجة وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين تعسفيًا في البحرين “.
نيكو جعفرنيا، الباحث في هيومن رايتس ووتش في قضايا البحرين واليمن، قال: “ظلت القيادة العليا للاتحاد البرلماني الدولي، صامتة أمام انتهاكات النظام البحريني -مضيف المؤتمر- ضد حقوق الإنسان واعتقال المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان مثل عبد الهادي الخواجة، بل وألغى النظام البحريني تأشيرات الدخول لباحثي منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش… صمت قيادة الاتحاد البرلماني الدولي لم يؤد إلا إلى تعزيز التبييض البحريني لانتهاكات حقوق الإنسان”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا