كتبه – غراس غزوان
لا يفصل بين قانون الإرهاب القديم والقانون الجديد في المملكة العربية السعودية سوى ثلاث سنوات، ولأن المدة قصيرة على تحديث القانون، ربما يرى البعض أن المملكة أرادت تغيير القانون وفقا للانتقادات التي وجهت له في العام 2014.
لكن القانون الجديد واجه انتقادات أشد وأكبر من الانتقادات التي وجهت له قبل ثلاث سنوات، حيث أضيف للقانون مواد وتعاريف غامضة وفضفاضة للأفعال الإرهابية.
انتقاد ولي العهد “عمل إرهابي”
ومن بين المواد المثيرة للجدل مادة تحظر المساس بشخص الملك سلمان بن عبد العزيز أو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بأي وصف يطعن بالدين أو العدالة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على اعتبار أن انتقادهما جريمة إرهابية يعاقب عليها القانون بالسجن لمدد تتراوح بين 5 و 10 سنوات.
وتعليقا على هذا القانون تقول “سارة ليا ويتسن” مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: إن “السلطات السعودية تقوم بإسكات المنتقدين السلميين واحتجازهم بتهم زائفة”، مشيرة إلى أن المملكة بدلا من أن تحسن التشريعات المسيئة تزيدها سوءا، خاصة مع الاقتراح الذي وصفته بـ “الهزلي”، والذي يعتبر انتقاد ولي العهد عملا إرهابيا.
وينص قانون “جرائم الإرهاب وتمويله” الصادر في أول نوفمبر 2017، على سحب صلاحيات واسعة من وزارة الداخلية ونقلها إلى رئاسة أمن الدولة العليا والنيابة العامة، وهما جهازان تم إنشاؤهما حديثا، ويقدمان تقاريرهما مباشرة إلى الملك.
كما أن القانون صدر بالتزامن مع حملة اعتقالات واسعة بدأها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، شملت العشرات من علماء الدين وشيوخ ومدونين، وقبل 4 أيام من حملة اعتقالات أخرى شملت العديد من الأمراء ورجال الدولة ووزراء واقتصاديين، بزعم تورطهم في قضايا تتعلق بالفساد.
الملك سلمان و ابنه
تعريف الإرهاب في القانون الجديد
وبحسب تقرير صادر عن منظمة “هيومان رايتس ووتش” فإن القانون الجديد أضاف إلى تعريف الإرهاب قائمة جديدة من الأفعال التي عرفها بأنها تقع ضمن “الإرهاب” منها “الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر أو تعطيل النظام الأساسي للحكم”، وكلها عبارات غامضة استخدمتها السلطات السعودية سابقا لمعاقبة المعارضين والناشطين السلميين.
وأشارت إلى سجن ناشطين حقوقيين بارزين بتهم تحتوي على نفس العبارات لمدد تتراوح بين 10 و 11 سنة، بينهم الحقوقيان البارزان عبد الله الحميد ومحمد القحطاني.
استهداف المعارضين
وفندت المنظمة العديد من النقاط السلبية التي احتوى عليها القانون والتي تستهدف في الأساس معارضي النظام، حيث تسمح المادة 19 باحتجاز المشتبه فيه رهن التحقيق لمدة تصل إلى 12 شهرا مع تمديد غير محدود بأوامر المحكمة، فيما تسمح المادة 20 بحجز المشتبه به لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر في معزل عن العالم الخارجي، حيث يكون التعذيب وسوء المعاملة شائعين بشدة، وفقا للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب في المذكرة التي قدمها إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في إبريل 2016.
وأشار التقرير إلى وجود أحكام أخرى في القانون تثير الشكوك، منها المادة 34 التي تنص على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 3 إلى 8 سنوات لكل من يؤيد أي فكر إرهابي أو يتعاطف معه أو يروج له.
سجون السعودية
وتقيد المادة 21 من القانون حق المشتبه به بالاستعانة بمحام أثناء الاستجواب، فيما تنص المادة 27 على حق المحكمة العليا في الاستماع إلى الشهود والخبراء من دون حضور المدعى عليه أو محاميه، وعليها فقط إبلاغهما بمضمون الشهادة، مما يعيق إلى حد كبير حقهما في الطعن في هذه الأدلة.
واختتمت مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش التقرير بقولها “يدعي محمد بن سلمان أنه إصلاحي، لكنه يحتجز المنتقدين السلميين كإرهابيين بنفس الاستبداد القديم الذي رأيناه كثيرا بين الحكام السعوديين”.
اضف تعليقا