يشهد السودان حالة من عدم الاستقرار منذ اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم عمر البشير والذي استمر قرابة 3 عقود والتي بدأت في عام 2018 وانتهت بإيداع الرئيس السوداني بالسجن للمحاكمة بتهم الفساد.
منذ ذلك الحين طفت على السطح شخصيات عسكرية انتقلت من ساحة الجيش إلى المعارك السياسية وعلى رأسها الجنرال عبد الفتاح البرهان الذي فرض إجراءات استثنائية عام 2021.
قام البرهان بحل مجلسي الوزراء والسيادة الانتقاليين وإقالة ولاة (محافظين) واعتقال مسؤولين وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ، وهو ما عدّه الرافضون “انقلابًا عسكريا”.
على الجانب الآخر ظهر نائب البرهان الذي يتمتع بعلاقات خارجية قوية بالإضافة إلى نفوذ قوي داخل السودان والذي يدعى “محمد حمدان دقلو” حميدتي” وكان أحد اللاعبين الذي أيدوا خطوات البرهان في بادئ الأمر.
أمس اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة لحميدتي والتي تسمى الدعم السريع وبين قوات الجيش الوطني السوداني برئاسة الجنرال عبد الفتاح البرهان والتي خلفت قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.. فلماذا نشب الخلاف ولماذا تطور إلى أن أصبح مسلحاً؟.
نشأة وصعود
رغم اختلاف نشأة كل طرف عن الآخر إلا أن الأطماع السياسية قد جمعت بينهما للسيطرة على السودان وهو ما تفرقا عليه، فالبرهان تدرج في العسكرية السودانية منذ أن كان ضابطاً في سلاح المشاة بالسودان حتى ارتقى رئيساً للقوات البرية.
قام الرئيس السابق عمر البشير بترقية البرهان حتى أصبح رئيساً لأركان الجيش وعرض عليه إحدى الولايات في السودان لكنه رفض الدخول في اللعبة السياسية واستمر في المؤسسة العسكرية.
كان البرهان أحد أهم اللاعبين في نزع عمر البشير عن الحكم حتى أصبح رئيس المجلس الانتقالي والذي تولى مقاليد الحكم في السودان بالقوة.. على الجانب الآخر كان حميدتي راعي الأبل الذي عمل في تجارتها في العشرينات من عمره وازدهرت تلك التجارة بين السودان ومالي وليبيا في تسعينيات القرن الماضي.
استطاع حميدتي أن يكون ثروة هائلة من تلك التجارة التي كان يحميها من قطاع الطرق عبر رجال مسلحين تحولوا لميليشيات “الجنجويد” والذين تجاوز عددهم 100 ألف مقاتل لذلك قام عمر البشير بإعطائه صلاحيات واسعة لا تمنح إلا للجيش.
الخلافات والداعمين
رغم تقديم عمر البشير الدعم لكل من عبد الفتاح البرهان وحميدتي إلا أن كل منهما لم يحاول دعمه عندما اندلعت الثورة الشعبية السودانية ضده وادعا أنهما يقفان بجانب الشعب.
لكن ما حدث على أرض الواقع لم يكن كذلك فقد قام البرهان بإعلان إجراءات استثنائية واعتقل وزراء ومسؤولين وقام الجيش السوداني بقتل الشباب الثائر في ميادين الولايات السودانية وقد أيده حميدتي في ذلك.
لكن مع انعقاد ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي أقيمت في مارس الماضي بدأ الخلاف يطفو على السطح بسبب سعي البرهان إلى إدماج قوات الدعم السريع داخل الجيش في عامين لكن حميدتي أرادها في عشرة أعوام.
ومن هنا.. انتهى الخلاف إلى الصراع المسلح الدائر حالياً في السودان وعلى ما يبدو أن كل منهما كان ينتظر الأخر وردة فعلته حتى نشب ذلك الصراع الذي وصف فيه البرهان قوات الدعم السريع بالمتمردة ووصف حميدتي البرهان فيه بالمجرم الذي يسعى لاعتقاله.. وبات أمر دولة بحجم السودان متعلقاً بمصير الرجلين وهذا ما جنته الخرطوم من حكم العسكر!.
اقرأ أيضاً : انتشار واسع للجيش السوداني في أرجاء البلاد والدعم السريع يحرك قواته
اضف تعليقا