العدسة – منذر العلي
اتصال مفاجئ في توقيته وفحواه، أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، بعد أزمة التأشيرات التي سببت توترًا بالغًا بين البلدين.
أردوغان كشف، الثلاثاء الماضي، عن تفاصيل هذا الاتصال، وقال بشأنه: “بعد فترة طويلة، استطعنا التوصل إلى نقاط مشتركة في العلاقات التركية الأمريكية، وسنواصل ذلك في الأيام المقبلة”.
القضيتان الأساسيتان في الاتصال كانتا دعم واشنطن لتنظيم “ب ي د” الكردي في سوريا، والمضنف كتنظيم إرهابي في تركيا، وقضية إعادة المعارض التركي فتح الله كولن زعيم “منظمة الخدمة” الذي تصنفه تركيا إرهابيًّا وتتهمه بقيادة محاولة الانقلاب على أردوغان العام الماضي.
فهل يمكن أن تسفر تلك المكالمة عن تسليم “كولن” لتركيا، وما هو الدور المصري المرتقب في هذه الأزمة؟.
ترامب يخطب الود
الشاهد الأبرز في مكالمة ترامب أنها تكشف إلى أي مدى يسعى الرئيس الأمريكي لخطب ود تركيا أردوغان، وسط توترات قائمة بين البلدين إثر الخلاف القائم على مسألة الدعم العسكري الأمريكي لأكراد سوريا أصحاب العداء التاريخي مع أنقرة.
من الملف السوري أيضًا، يظهر شاهد جديد يقوي موقف ترامب المتصالح مع تركيا، فقبل تلك المكالمة بيومين فقط كان أردوغان بصحبة نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني.
التحالف الثلاثي المجتمع في منتجع سوتشي الروسي، أكد أنه لا حل في سوريا إلا عبر دوله فقط، ليغلق الباب أمام اي دور أمريكي مستقبلي في صياغة مستقبل سوريا، الغارقة في نزاع دموي اقترب من 7 سنوات.
وبخلاف الأزمة السورية، فإن مجرد تحالف أردوغان مع روسيا وإيران يعد صفعة لا ترغب أمريكا في أن يتلقاها وجهها، في ظل الحديث عن رغبة واشنطن بتقوية العلاقات مع أنقرة إلى أبعد الحدود.
كما تأتي المكالمة بعد أقل من شهرين على الأزمة التي شابت العلاقات بين البلدين، وصلت إلى حد وقف إصدار التأشيرات المتبادل لمواطنيهما، بعد مرور أسبوع على اعتقال عامل بالقنصلية الأمريكية في إسطنبول يشتبه في علاقته برجل الدين فتح الله كولن.
” أردوغان وترامب “
هل تتم الصفقة؟
انطلاقًا من الأزمة الأبرز بين البلدين والمتعلقة بتنظيم “كولن”، فإن مكالمة ترامب وأردوغان تمهد الطريق أمام استعادة أنقرة للمعارض المثير للجدل، حتى لو على سبيل صفقة تبادل يتم بمقتضاها تسليم “كولن” المقيم في أمريكا منذ عام 1999، مقابل إفراج تركيا عن قس أمريكي محتجز في أراضيها منذ 2016.
ففي خطاب متلفز قال أردوغان سبتمبر الماضي: “يطلبون إعادة القس، لديكم الداعية “كولن” هناك، سلموه إلينا وسنحاكم برانسون ونعيده إليكم”.
وأُوقف القس الإنجيلي مع زوجته نورين للاشتباه بقيامهما بأنشطة “ضد الأمن القومي”، قبل الإفراج عن الزوجة بعد فترة قصيرة، وتوجيه التهمة إلى الزوج في ديسمبر الماضي بالانتماء إلى حركة “كولن”.
وفي أكتوبر الماضي، أعلن وزير العدل التركي “بكر بوزداغ” أن بلاده أعدت ملفًّا بالأدلة لتقدمه إلى السلطات الأمريكية من أجل تسليمها “كولن”، وحذرت واشنطن من المماطلة بهذا الخصوص.
وتقول واشنطن إنها لن تسلم الرجل إلا إذا قدمت تركيا أدلة على تورطه في المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وعلى الرغم من هذا لم تخف تركيا بصيصًا من الأمل لديها، حين قال السفير التركي في واشنطن، يوليو الماضي، إنه “يحسّ استعدادًا من لدن إدارة الرئيس الأمريكي للتقدم في قضية تسليم كولن”، لكنه استدرك القول: إن “المسار البطيء للإجراءات تخلق الإحباط”.
وثمة مؤشرات على انفراجة محتملة في أزمة تسليم “كولن”، ربما يكون آخرها اللقاء المغلق بين ترامب وأردوغان على هامش فعاليات الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي.
ترامب وصف العلاقات التي تربط الولايات المتحدة مع تركيا بأنها “علاقات صداقة ممتازة، تجاوزت درجة غير مسبوقة من التقارب”، فيما قال إن معرفة شخص مثل أردوغان هي “شرف عظيم وميزة كبيرة”.
” فتح الله كولن “
مصر على خط الأزمة
الحديث المتزايد بشأن تسليم “كولن” جدد الجدل المثار منذ العام الماضي حول إمكانية لجوئه إلى مصر، التي تناصب تركيا العداء منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013.
ففي يوليو 2016، قال وزير العدل التركي، “بكير بوزداغ” إن بلاده تلقت معلومات استخباراتية حول نية “كولن” الفرار من الولايات المتحدة إلى بلد آخر، لا تربطها اتفاقية لإعادة المطلوبين مع تركيا، ذاكرًا من بين هذه الدول: مصر، والمكسيك، وكندا، وأستراليا، وجنوب إفريقيا.
بعدها قدم أحد أعضاء مجلس النواب بيانا عاجلا للحكومة يطالبها فيه بمنح اللجوء السياسي لكولن ردًّا على استضافة تركيا لمعارضين مصريين.
وفي أول رد رسمي، قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل: إن مصر لم تتلق أي طلب من “كولن” للحصول على حق اللجوء السياسي إليها، مضيفا أن مصر “ستدرس مثل هذا الطلب في حال تقديمه”.
” شريف إسماعيل “
تزامن هذا الجدل مع تحفظ مصر على مشروع قرار لمنظمة التعاون الإسلامي خاص بإدراج “منظمة كولن” كمنظمة “إرهابية”.
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر مطلعة قولها إن ذراع “كولن” الإعلامي والمتمثل في الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” يعمل من العاصمة المصرية القاهرة.
وأوضحت المصادر أن الطاقم الذي يتكون من صحفيين عرب وأتراك، ويديرون الموقع الإلكتروني العربي للصحيفة يعملون من خلال مقر رسمي لهم في القاهرة وبعلم السلطات المصرية.
وفي أغسطس 2016، رفضت مصر طلبًا تركيًّا بإغلاق مدارس “صلاح الدين الدولية”، التابعة لحركة “الخدمة”.
اضف تعليقا