العدسة – غراس غزوان

يواجه الرئيس السوداني عمر حسن البشير غضبًا شعبيًا وضغوطًا واسعة من قِبل جنرالات وأحزاب سياسية، لسحب القوات السودانية المشاركة ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن.

وتصاعدت حدة هذه الضغوط خلال الشهور الأخيرة خاصة بعد وقوع اشتباكات بين القوات السودانية والقوات الإماراتية المشاركة في التحالف، ووقوع نحو 14 قتيلًا من الجانب السوداني.

وتساءلت الكتل السياسية في السودان عن جدوى المشاركة في هذه الحرب، حيث أكّدت أحزاب سودانية أنّ الأوضاع في اليمن الآن أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل دخول قوات التحالف.

البشير يواجه ضغوطًا لسحب القوات السودانية من اليمن.. فهل يفعلها؟

 ” عمر البشير “

 

جدل داخل البرلمان والحكومة

وداخل أروقة البرلمان السوداني حذّرت بعض الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق الوطني السوداني من عواقب تلك المشاركة على السودان.

ويتخوف المشاركون في هذه المطالبات من أن تتسبب تلك المشاركة في دخول السودان في أزمات جديدة.

وفي هذا الإطار يقول البرلماني حسن عثمان رزق، ممثل حزب حركة الإصلاح الآن في حكومة الوفاق الوطني: إنّ قوات التحالفِ في اليمن لم يكن لها أي أثر إيجابي، مطالبًا بسحب القوات السودانية من اليمن.

وفنّد “رزق” الأسباب التي جعلته ينادي بسحب القوات من بينها أن التحالف لم يستطع استعادة الشرعية في اليمن محذرًا في الوقت نفسه من تضرّر بلاده من المشاركة في هذه الحرب، خاصة مع ظهور هيئات حقوقية بدأت تطالب بمحاسبة ومعاقبة كل الجهات المشاركة بقتل الأطفال في اليمن.

وتابع: “إذا كانت مشاركة السودان في الحرب من أجل الشرعية في اليمن، فإنّ ذلك يحدده أهل اليمن؛ لأننا لن نسمح بالتدخل في شرعيتنا، وإن كان من أجل مكة والمدينة، فإنّ مكة والمدينة ليس بهما حرب”.

” حسن عثمان رزق “

ومن بين العوامل التي آثارت الجدل داخل الوسط السياسي في السودان هو إعلان قائد قوات الدعم السريع في الجيش السوداني محمد حمدان عن حجم الخسائر البشرية من الجنود والضباط المشاركين في الحرب اليمنية.

وكشف “حمدان” في حوار صحفي مطلع أكتوبر الماضي عن مقتل 412 سودانيا بينهم 14 ضابط منذ إعلان السودان المشاركة في عاصفة الحزم في مارس 2015.

وفي تصريحات لموقع “الجزيرة نت” قال مصدر حكومي: إن الأسباب المنطقية تتجلى أمام الحكومة السودانية بضرورة إعادة النظر في استمرار القوات السودانية في اليمن.

وتساءل المصدر عن مبررات البقاء باليمن في ظلّ دخوله بحالة مجاعة لم تشهدها البلاد من قبل.

كما ينادي العديد من الجنرالات والقيادات السابقة في الجيش السوداني بسحب القوات من اليمن، وفقًا للعديد من المبررات التي قالوا إنها كافية لاستجابة الحكومة لذلك.

 القوات السودانية في “اليمن”

 

أسباب الانسحاب

وكشفت تسريبات جديدة للمغرِّد السعودي “مجتهد” المعروف بقربه من دوائر صنع القرار داخل المملكة عن بعض الأسباب التي قد تساهم في قيام البشير بسحب القوات السودانية من اليمن.

ومن هذه الأسباب، بحسب تغريدات “مجتهد”، مقتل أكثر من ألف سوداني من أصل 7 آلاف هي قوام القوات البرية السودانية المشاركة في التحالف، حيث تعد القوة البرية الأكبر بين القوى المتحالفة.

وأشار “مجتهد” إلى أن السودان لم يتسلم “ريالا واحدا” من المليارات التي وعد بها، وأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقف مع الجانب المصري في النزاع الدائر بين الخرطوم والقاهرة حول حلايب وشلاتين، بالإضافة إلى ضغط بن سلمان على السودان لتقطع علاقاتها مع قطر بطريقة غير “مؤدبة”. بحسب وصف مجتهد.

” محمد بن سلمان “

وقال مجتهد إنّ القضية قدمت للسودانيين على أنها حماية للحرمين الشريفين، وليس للنظام السعودي، ولذلك كان السودانيون راضون عن مقتل 100 ثم 200 ثم 500، لكن عندما تجاوز الرقم ألف شخص تساءل السودانيون عن جدوى هذه الحرب، مشيرًا إلى تصاعد هذه التساؤلات داخل البرلمان والمؤسسة العسكرية.

كما ألمح الكاتب والمحلل السياسي السوداني في تصريحات لموقع نون بوست إلى أنّ الخسائر المفصح عنها مؤخرًا تفوق ما حققته الخرطوم من مكاسب. مشيرًا إلى أنّ النظام السوداني بدا في موضع حرج، بسبب وقوفه على الحياد في الأزمة القطرية وتجنُّبه الصدام مع أي من طرفي الأزمة الخليجية، وهو ما أثار حفيظة العواصم الخليجية الأخرى.

ويقول مجتهد أيضا إنّ السودان لم يحصل على شيء من المليارات التي وعد بها ما زاد من حرج البشير أمام شعبه، بينما تدفقت عشرات المليارات على السيسي الذي وقف معه بن سلمان في قضية حلايب وشلاتين، رغم أنه لم يقدم مقاتلًا واحدًا كما قدمت السودان.

واعتبر “مجتهد الإهانة الحقيقية التي لحقت بالبشير جاءته بعد أن كرّر مطالبته بالمليارات من بن سلمان فردّ عليه بفرض شرط جديد بموجبه تقطع السودان علاقاتها مع قطر، والأسوأ من ذلك كان طريقة التعامل العنصرية التي تعامل بها ولي العهد مع البشير، وكأنّ الأخير عبد يؤدّي الواجب تجاه سيّدِه الذي قال له إن المليارات تفضلًا منه، وليست حقًا للسودانيين. بحسب مجتهد.