أكدت منظمة الصحة العالمية أن عدد المصابين بالخرف “الزهايمر” قد بلغ 47 مليون مصاب حول العالم، وهو ما يعني إصابتهم بخلل في وظائف المخ، تبدأ بالذاكرة والتفكير وكذلك السلوك، ويعتبر “الزهايمر” هو السبب الأشهر في الإصابة بالخرف.

وكانت العديد من الدراسات السابقة والحديثة أيضا، تربط بين الزواج والإصابة بالخرف، حيث أثبتت النتائج أن الأشخاص المتزوجين أو من كانوا متزوجين تقل فرص إصابتهم كثيرا بمرض الخرف، بالمقارنة بالأشخاص الذين لم يسبق لهم الزواج.

وترتفع نسبة احتمالية الإصابة بالخرف لدى الأعزاب لتصل إلى 42% عن هؤلاء   الذين تزوجوا في منتصف العمر، ولم تشر الأبحاث إلى أن هناك علاقة بين الطلاق وزيادة فرص الإصابة بالمرض.

وأوضح ” أندرو سومرلاد” كبير الباحثين بكلية لندن الجامعية، أن تلك النتائج تم التوصل إليها بعد فحص ما يقرب من مليون شخص من السكان في بلدان كثيرة حول العالم، وكذلك على فترات زمنية متعددة، وأضاف قائلا: ” هذه الأبحاث التي شملت كل هذا العدد هي أقوى دليل على أن المتزوجين أقل عرضة للإصابة بالخرف”.

 

الحالة الاجتماعية

كما اعتمد “سومرلاد” وفريقه المكون من 15 باحثًا، على تحليل دراسات اهتمت بفحص الحالة الاجتماعية للمرضى المصابين بالخرف، والتي نشرت حتى نهاية عام 2016، وقامت إحدى هذه الدراسات التي أجريت في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا، بفحص وتحليل أكثر من 812 ألف مشارك، نصفهم في سن الخامسة والستين أو تجاوزه.

وكان “سومرلاد” قد توصل إلى أن الأرمل تزيد فرص إصابته بالخرف 20% عن الشخص المتزوج، وأرجع ذلك إلى الوقوع تحت تأثير مشاعر الحزن، أما بالنسبة لغياب نفس الفارق في حالة المتزوجين والمطلقين، فقد عزى ذلك إلى احتمالية استمرار التواصل بين المطلقين، خاصة إن كان لديهما أطفال.

وعلق ” أندرو سومرلاد” في نهاية الدراسة بقوله ” إن الزواج في حد ذاته لا يحمي من الإصابة بمرض الخرف، وإنما نمط الحياة الذي يفرض بفعل الزواج هو السبب وراء تقليل فرص الإصابة بمرض الخرف أو تطوره.

وأوضح الباحثون أن المتزوجين عادة ما يتميزون بكثرة الأنشطة الاجتماعية، مقارنة بالعزاب، ولديهم المزيد من التفاعل مدى الحياة مع الآخرين، وهذا ما يحفز الدماغ، كما أنهم أكثر تواترًا من المحادثات، إضافة إلى أنهم يتناولون الطعام الأكثر صحة، ويمارسون الرياضة البدنية أكثر من الأشخاص الأعزاب أو الأرامل.

ووفقا للدراسة فهذه الأنشطة تزيد الاحتياطي المعرفي، فتوفر لك المزيد من الإستراتيجيات التي تحسن من صحة وأداء المخ، وتجعلك قادرًا على التعامل مع الأضرار التي تلحق به فتسبب الخرف و”الزهايمر”.

 

تأثير الزواج

ومن جانبها، أشارت الدكتورة “لورا فيبس”، من مؤسسة أبحاث “الزهايمر” في بريطانيا أن الأشخاص المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل، كما أنهم يعيشون بشكل عام لفترة أطول، وأرجعت ذلك لوجود عوامل مختلفة كثيرة منها البقاء نشيطا جسديا وعقليا واجتماعيا، فهذه الأنشطة من شأنها أن تساهم في ذلك الارتباط ما بين الصحة والزواج، ونوهت إلى أن هذا هو نمط الحياة الصحي، وممارسته هي التي تحمي، بغض النظر عن الحالة الاجتماعية.

كما تناولت دراسة أخرى أجريت في جامعة “لوبورو” أن الزواج يقلل من فرص الإصابة بمرض الخرف بنسبة 60%، وأكد الباحثون أن الأشخاص من غير المتزوجين، يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض الخرف أو “الزهايمر” في سن متقدمة لاحقا، إضافة إلى أنهم أكثر عرضة لأمراض القلب والاكتئاب، وهي أيضا من العوامل التي تضاعف خطر الإصابة بالخرف.

وقدم الباحثون العديد من الأسباب لذلك؛ منها أن الرجال المتزوجين يكون لديهم أنماط حياة صحية أفضل، كتناول طعام صحي أكثر، وتدخين أقل، وزيارة المؤسسات الصحية بشكل مبكر ومتكرر، هذا بالإضافة إلى تأثير  الممارسة الجنسية، والتي تساعد الرجال المتزوجين على التخلص من الضغوط النفسية، فالممارسة الجنسية من شأنها إحداث حالة من “فقدان الذاكرة المؤقت”، أو “النسيان العابر” التي تستمر من دقائق إلى بضع ساعات، وهو ما يسهم في نسيان الهموم، والتخلص من الضغوط النفسية، وبعدها يحدث العكس.

فقد توصل العلماء من خلال الدراسات الجديدة إلى أن الممارسة الجنسية تعزز الذاكرة، وتؤدي لنمو الخلايا العصبية في المنطقة المسماة “قرن آمون” في الدماغ، وتلك هي المنطقة المسؤلة بشكل مباشر عن الذاكرة.

هذا بالإضافة إلى الاستقرار العاطفي والذهني، والذي لا يتحقق إلا في الحياة الزوجية، مما يساعد الشخص على الحياة بصورة صحية أفضل، بعيدا عن حياة الفوضى والملل التي تسبق الزواج، كما أنه يسهم في ثبات التفكير, على عكس الشخص العزب الذي غالبا ما يكون تفكيره مشتتًا في كثير من الأشياء.

وقد أثبتت العديد من الدراسات البحثية التي أجريت في العقدين الماضيين، أن كلا من الرجال والنساء يكونون أكثر صحة بعد الزواج.