العدسة – بشير أبو معلا
اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، هل سيكون له أي تأثير على معركة النفوذ الدائرة في المنطقة بين السعودية وإيران؟
أجنس ليفالويس، أستاذ العلوم السياسية، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أكد في حوار مع “فرانس إنفو” أن الأمر يعد مخاطرة بالنسبة للمملكة، خاصة في مواجهة أنقرة وطهران.
ورأى “ليفالويس” أن قضية القدس ستكون اختبارا لقدرة المملكة العربية السعودية على التأثير في المنطقة، الجزيرة العربية لا تستطيع أن تدع إيران تأخذ زمام المبادرة في قضية القدس، وفي الوقت نفسه ترتبط المملكة ارتباطا وثيقا بإدارة “ترامب”، كما كان هناك تقارب أيضا بين المملكة وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة.
ويعتقد “ليفالويس” الخبير في شؤون منطقة الشرق الأوسط أنه سيكون من الصعب جدا على السعوديين الحفاظ على بداية التفاوض أو التقارب مع إسرائيل، وإرضاء الأمريكيين، وإذا ما فعلوا ذلك، فإنهم سيخاطرون بترك الأزِمَّة في أيدي تركيا وإيران، وهو أمر لا يمكن تحمله على الإطلاق بالنسبة للسعودية، التي باتت قادرة على التأثير في المنطقة بأكملها، وهو ما يلاحظه عن كثب بلدان المنطقة والمراقبون.
وعن عدم اتخاذ إيران وباكستان والدول الإسلامية الأخرى التي دعت إلى الاحتجاج، أية خطوة تصعيدية كاستدعاء سفرائها على سبيل المثال، أوضح الخبير الفرنسي أنه أولا، العديد من الدول العربية والإسلامية ليس لديها سفراء في إسرائيل؛ لأنها لا تعترف في الأساس بدولة إسرائيل، والدولتان العربيتان اللتان تتمتعان بتمثيل دبلوماسي لدى الأخيرة هما مصر والأردن.
ثانيا، يتابع “ليفالويس”، أنه كان هناك اجتماع للجامعة العربية حول القدس، وهناك اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سيعقد في 13 ديسمبر بتركيا، ولعل هذا الاجتماع سيكون الأكثر إثارة واهتماما لمعرفة رد فعل أنقرة التي تحشد بقوة ضد قرار “ترامب”، وتعتزم أن تأخذ زمام المبادرة في تحدي القرار الأمريكي، هذان الاجتماعان سيكونان بالتأكيد مقياسا للتعبئة التي ستأتي في مواجهة ما حدث.
أما بالنسبة للسفراء في واشنطن، أعتقد أننا ما زلنا في المرحلة الأولى لتقييم المواقف والمخاطر التي يمكن أن تنجم عن استدعاء هذه البلدان سفراءها؛ لأن العديد من الدول المعنية تربطها صلات قوية بالولايات المتحدة، نحن حقا لانزال في فترة المراقبة، والاجتماعات التي ذكرتها ستساعد على تحديد السياسة التي يمكن من خلالها قياس التدابير المتخذة.
وعندما سئل عن أسباب عدم تحول الغضب الفلسطيني لانتفاضة، أكد “ليفالويس” الإرهاق الهائل للفلسطينيين، إضافة للعنف الذي يعانون منه منذ سنوات، والغياب التام لعملية التفاوض وراء عدم حدوث انتفاضة إلى الآن بعد قرار “ترامب”.
يشعر الفلسطينيون بأن عليهم الاعتماد على أنفسهم، وأنهم لن يحصلوا على مساعدة من الخارج، لذلك معرفة ما يريدون القيام به، وخاصة ما يمكن القيام به، سيستغرق وقتا للتفكير والتنظيم.
هناك نقاش هام داخل الفلسطينيين، حول ماهية الحركة، هل ستكون سلمية؟ وهو ما يفضله أغلب الفلسطينيين، أم تتسم بالعنف كما يدعو البعض لذلك؟ في هذه الفترة المقبلة سنرى كيف سيتطور ميزان القوى، وهل سيكون هناك تعبئة كبيرة من المجتمع الدولي لمساعدة الفلسطينيين في نهاية المطاف ؟
فإلى الآن ليس هناك شيء حاسم، حتى لو اختفى العنف تقريبا خلال احتجاجات (الجمعة)، فهذا لا يعني أن شيئا لن يحدث، لأنه توجد رغبة حقيقية لدى الفلسطينيين لدراسة الوضع على أفضل وجه ممكن، من أجل تقديم الجواب الأقل خطرا بالنسبة لهم.
وفيما يخص وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال الخبير الفرنسي: أبو مازن كان بالفعل في موقف ضعيف جدا قبل إعلان “ترامب”، هذه ضربة قاضية للرئيس الفلسطيني، الذي يعاني بالفعل من مشكلة الشرعية على الساحة الفلسطينية.
السؤال المطروح الآن، هو ما إذا كانت المصالحة الفلسطينية الحالية بين فتح وحماس، ستتمكن من الظهور منتصرة في هذه المحنة أم على العكس من ذلك، ستجعل الشريكين الفلسطينيين بعيدين؟ قال المحلل: نحن حقا في لحظة حساسة جدا تجاه هذه المصالحة التي لا غنى عنها بالنسبة للفلسطينيين، ولكن في مواجهة هذه الإهانة، هل ستبقى هذه المحاولة على قيد الحياة؟
وحول موقف فرنسا من حل الدولتين، وإن كان هذا الأمر ما زال ممكنا، أجاب: نعم، لا يزال ممكنا إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية للاستمرار بهذه الطريقة.
وتابع: الرئيس “ماكرون” أشار إلى القانون الدولي، الذي استهان به الأمريكيون من خلال هذا القرار، لذلك أعتقد أن الرئيس سيعيد التأكيد على هذا الموقف، واليوم، من الضروري مواصلة العمل على الحل القائم على دولتين، في رأيي ستحاول فرنسا أن تفعل شيئا من خلال أخذ أوروبا معها في هذا الاتجاه، لكن وحدها لن تستطيع باريس مقاومة السياسة الأمريكية والإسرائيلية.
اضف تعليقا