العدسة – بسام الشجاعي
على مدار السنوات الأربع الماضية، وتحديدا منذ الإطاحة بالرئيس “محمد مرسي”، في الثالث من يوليو 2013، وحتى الآن، تضخمت قائمة الملفات الخلافية، بين مصر والسودان، مما أثر بالـ”السلب” على القاهرة مؤخرًا، وخاصة فيما يتعلق بأزمة بناء سد النهضة، والأمن المائي المصري.
فبحسب موقع “العربي الجديد، فإن مصادر دبلوماسية سودانية في القاهرة (لم يسمها)، أكدت أن الرئيس السوداني “عمر البشير” اعتذر عن عدم تلبية دعوة مصرية لعقد قمة ثلاثية في القاهرة بين مصر وإثيوبيا والسودان، على هامش زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي “هايلي ميريام ديسالين” إلى القاهرة خلال الشهر الحالي، في محاولة من قِبل “السيسي” لإنقاذ مسار المفاوضات بشأن سد النهضة، وتأثيراته السلبية على حصة القاهرة السنوية من مياه نهر النيل.
وأشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يرفض فيها “البشير” دعوة نظيره “السيسي”، ففي أكتوبر الماضي، كان التقى وزير الخارجية السودانى الدكتور “إبراهيم غندور”، بسفير مصر لدى الخرطوم “أسامة شلتوت”، وسلمه دعوة من “السيسى” لنظيره السودانى، لحضور مؤتمر الشباب في مصر، والذي عقد خلال الفترة من 4-9 نوفمبر الماضي، إلا أن الأخير لم يحضر.
كما أن “البشير” اعتذر أيضًا عن عدم حضور المؤتمر الاقتصادي الإفريقي المنعقد في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، تحت عنوان “إفريقيا 2017″، في حين اقتصر التمثيل السوداني في المؤتمر على وزير الدولة للشؤون الخارجية “حامد ممتاز”.
ويأتي رفض “البشير” لدعوة “السيسي” لزيارة مصر، بسبب الأزمات المتراكمة، والتوترات التي تشهدها العلاقة بين البلدين، والتي على رأسها أزمة سد النهضة، ومثلث حلايب وشلاتين.
ويشار إلى أن الحكومة المصرية تتعامل مع سد النهضة على أنه مهدد لأمنها القومي، ولحصتها المائية التي تبلغ نحو 68% من مياه النيل.
ومن حين لآخر تضغط مصر على السودان ليتبنى سياستها في التعاطي مع الملف، لكن الخرطوم فضّل التعامل معه على قاعدة الحياد، هذا الموقف الذي جعل القاهرة تعتقد أن الخرطوم تبتزها في ملف إستراتيجي لا يقبل المساومة، وأنها تقترب من جدار العداوة نتيجة هذا الموقف.
ويذكر أن مصر تسعى لعقد جلسات حوار على مستوى رؤساء الدول الثلاث “مصر وأثيوبيا والسودان”، بعد فشل الجولة السابعة عشرة للمفاوضات الفنية بشأن تأثيرات سد النهضة الإثيوبي، والتي استقبلتها القاهرة الشهر الماضي، على مستوى وزراء مياه الدول الثلاث.
وفي هذا الإطار يرصد موقع “العدسة”، في هذا التقرير مراحل تصاعد التوتر بين مصر والسودان، خلال السنوات الأربع الماضية، التي عجلت بابتعاد الخرطوم عن حليفها التاريخي “القاهرة”، في ملف أزمة سد النهضة.
ومن أحدث هذه التوترات، كان اتهام الخرطوم الحكومة المصرية بدعم حركات التمرد السودانية، بعد ضبط أسلحة مصرية في دارفور.
ففي نهاية مايو الماضي، اتهم الرئيس السوداني، “عمر حسن البشير”، مصر، بـ”دعم المتمردين” في الحرب ضد الخرطوم، وذلك قبل أسبوع من زيارة يقوم بها وزير الخارجية السوداني، “إبراهيم غندور” للقاهرة، بهدف تخفيف حدة التوتر بين البلدين.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها “البشير”، أمام القوات المسلحة السودانية، وأشار الرئيس السوداني، أن جيش بلاده صادر مركبات مصرية مدرعة من المتمردين في منطقة دارفور بغرب البلاد، التي يمزقها الصراع.
وعقبت مصر على التصريحات السودانية التي تتهمها بدعم حركات التمرد في إقليم دارفور، وقالت وزارة الخارجية: إن “مصر لم ولن تتدخل في زعزعة السودان الشقيق”.
وسبق إعلان “البشير” اتهام الخرطوم القاهرة بأنها تحرض عليه عبر الإعلام المصري بعنف وانتظام، وفق إرادة سياسية عليا وتوجيهات مباشرة تشرف عليها جهات سيادية.
وهو ما انعكس على التبادل التجاري بين مصر والسودان؛ حيث فرضت الخرطوم حظرا شاملا على السلع الزراعية المصرية في مارس2017، توسيعا للحظر الذي كان قد أعلنه في سبتمبر 2016 للفواكه والخضراوات والأسماك المصرية، بسبب مخاوف صحية.
ويشار إلي أن السودان كانت قد استوردت سلعا بنحو 591 مليون دولار من مصر عام 2016، معظمها سلع غذائية، مثل الخضروات والفواكه والبسكويت، وذلك بحسب المدير بوزارة التعاون الدولي السودانية “أحمد حامد”.
وعلى الفور سافر وزير الخارجية المصري “سامح شكري”، منتصف أبريل 2017، إلى الخرطوم في زيارة نادرة لتخفيف التوتر بين البلدين، وكانت قضية التجارة على رأس جدول الأعمال لكن تصريحات “شكري” ونظيره السوداني “إبراهيم غندور” لم تتطرق البتة إلى حل.
وبالإضافة لما سبق، تأتي قضية مثلث “حلايب وشلاتين”، التي تعتبر من التركة الثقيلة التي ظلت تؤزّم العلاقات السودانية المصرية منذ استقلال البلدين.
وطفت القضية على الساحة بين البلدين، على خلفية تنازل مصر عن جزيرتي “تيران وصنافير”، للسعودية بعد موافقة مجلس النواب على الاتفاقية الموقعة في 2016، بين “السيسي”، والملك “سلمان” دون تحكيم، مما جعل السودان يعيد التأكيد على مطالبته بالمنطقة.
كما يرى مراقبون أن التوتر الأخير بين البلدين كان بسبب استضافة السودان لعدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها القاهرة كيانا إرهابيا، استغلالا لما يعرف باتفاقية الحريات الأربعة، والتي كانت تسمح لأي مصري بدخول السودان، كما أن مصر غير مرتاحة للتقارب الواضح بين السودان وقطر، والتي تشارك القاهرة في حصار مفروض عليها منذ مايو الماضي، بالتعاون مع “السعودية والأمارات والبحرين”، بزعم أن الدوحة تمول الإرهاب، وهو ما نفته الأخيرة.
اضف تعليقا