العدسة – باسم الشجاعي

لم ترق كلمة الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” (أبو مازن)، في القمة “الاستثنائية” لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في مدينة إسطنبول التركية، “الأربعاء” 14 ديسمبر، لآمال المقدسيين.

كلمة “عباس”، التي استغرقت أكثر من ساعة كاملة، امتلأت بالتناقضات “ربما بسبب خروجه عن النص المحدد له”، وذلك بحسب رصد موقع “العدسة”.

بداية، كانت كلمة الرئيس الفلسطيني “قوية”؛ حيث طالب بتشكيل آلية جديدة تتبنى مسارًا جديدًا حول القضية الفلسطينية (لم يحدد شكله)، ليتراجع مجددا ويطالب بالدفع في عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي.

كما طالب أيضا بمزيد من الضغط  الدولي على “تل أبيب” بعقد قمة طارئة للأمم المتحدة، لـ” اتخاذ مواقف سياسية واقتصادية تجاه “إسرائيل”، وإجبارها على إنهاء الاحتلال، والقبول بحل الدولتين، إلا أنه نسف جدوى هذه التحركات التي حث عليها، قائلًا: إن “الكيان الصهيوني لا يحترم المواثيق والاتفاقات الدولية”.

الأسباب الرئيسية للناقض الذي بدا على “عباس” في كلمته أمام القمة الإسلامية، عزاه البعض لأمرين؛ أولهما، زيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، التي سبقت عقد “قمة القدس” بـ”24 ساعة”.

فـ”السيسي”- أحد المقربين للولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي يلعب دورا بارز في إتمام “صفقة القرن”، ويخشى من تدهور العلاقة مع واشطن وتل أبيب- كان أحد وسائل الضغط على “عباس”، في تقليل نبرة الحدة التي كان ينوى الرئيسي الفلسطيني التحدث بها في إسطنبول، مقابل السماح له بالخروج عن النص بعض الشيء “حفاظا على حمرة الخجل له أمام شعبه”.

وهذا ما أكدته تسريبات من الاجتماع الثلاثي بالقاهرة، والتي تقول إن “السيسي” طلب من “عباس” تخفيف حدّة الاتهامات التي يوجهها لـ”ترمب” بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”؛ حيث إن مصر لا ترغب في تدهور علاقاتها مع واشنطن، وذلك بحسب “صحيفة المانيفيستو” الإيطالية.

الضوء الأخضر الذي سمح لـ”ترامب”، بإصدار قرار بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، “لا يمكن أن يتم دون التنسيق عربيًّا وخاصة مصر والسعودية”، وهذا ما أكدته القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي.

فـ”عباس”، قبل اجتماعه مع “السيسي”، كان التقى وليّ العهد السعودي “محمد بن سلمان”، والرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، دون موعد مسبق، أو إعلان رسمي.

كواليس هذا الاجتماع أو الاستدعاء، إن صح التعبير، كشفها “غوفري أرونسون”، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والقضايا المتعلقة بالصراع “العربي الإسرائيلي”، في معهد دراسات “الشرق الأوسط”.

ونقل الباحث الأمريكي عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى (لم يسمه)، قوله: إن “”عباس” قد استدعي إلى الرياض، في 7 نوفمبر الماضي، من قِبل وليّ العهد السعودي، في إطار الجهود التي يبذلها الأخير من أجل إقامة مشروع مشترك بين الدول العربية وأمريكا وإسرائيل، ضد إيران وحلفائها، وتسوية القضية الفلسطينية”.

“أرونسون”، قال أيضا، إنه عندما سأل “عباس” عن وضع الضفة الغربية والقدس الشرقية في هذا المخطط، رد ولي العهد قائلا: “يمكننا الاستمرار في التفاوض حول هذا الموضوع، ولكن بين دولتين، وسنساعدكم”، كما عرض “بن سلمان” على الرئيس الفلسطيني 10 مليارات دولار لتجميل الصفقة.

ووفق الرؤية الأميركية الجديدة لعملية السلام، التي يتبناها ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، ويحاولان الضغط على الجانب الفلسطيني بها، وهي الإقرار بـ “حل الدولتين” بلا جدول زمني محدد لإقامة الدولة الفلسطينية، ودون وعود بتجميد الاستيطان، مع إفراج محدود عن الأسرى الفلسطينيين، في حين تبقى قضايا القدس، وحق عودة اللاجئين، والحدود النهائية للدولة الفلسطينية، مؤجلة.

وبالعودة للعقود الأربعة الماضية، نجد أن “محمود عباس”، مواقفه تجاه “إسرائيل” تشهد بالتناقض؛ ففي بداية حياته السياسية، رأى الرئيس الفلسطيني أن الصهيونية كانت العدو رقم واحد، ولكنه في التسعينيات رأى أن الصهيونية حركة أيديولوجية يهودية أصيلة، وذلك وفق دراسة أعدها الباحث الإسرائيلي “إلحانان ميلر”.