العدسة – بشير أبو معلا
نهاية الأسبوع الماضي وقفت نيكي هالي، مبعوثة أمريكا في الأمم المتحدة أمام ما وصفته بـ بقايا صاروخ إيراني أطلق من اليمن نحو السعودية، وقالت: إن طهران تمد المتمردين الحوثيين الذين تقاتلهم السعودية بالأسلحة، و”سوف ترون أننا نبني تحالفا للتصدي بحقٍّ لإيران وما تفعله”.
تحت هذه الكلمات سلط موقع “لو جراند سوار” الناطق بالفرنسية الضوء على الدور الذي تلعبه أمريكا للتغطية على المعاناة الإنسانية التي يشهدها اليمن جراء الحرب المستمرة منذ سنوات.
وقال الموقع إن المؤتمر الصحفي للمندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، يذكرنا باليوم الذي ذهب فيه ديك تشيني، نائب الرئيس السابق جورج دبليو بوش، إلى مقر وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ليخبر المحليين الصحفيين ما يجب أن يكتبوه حول “أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين”، والتي لم يتم العثور عليها حتى اليوم.
بقايا الصواريخ التي قدمتها هالي في المؤتمر الصحفي، لا نعرف أين عثر عليها وفي أي وقت، لكنها قالت إن السعوديين والإماراتيين هم من عثروا عليها، وأنها أطلقت من اليمن، وادعت هالي أيضا أن إيران سلمت هذه الصواريخ إلى الحوثيين في انتهاك صريح لقرار الأمم المتحدة رقم 2231 الذي يحد من عمليات نقل الأسلحة هذه.
وأعلنت هالي أن الصاروخ الذي أطلقه المتمردون الحوثيون على السعودية في الرابع من نوفمبر الفائت هو من صنع إيراني، “لقد صنع في إيران ثم أرسل إلى الحوثيين في اليمن”، مضيفة: “من هناك، أطلق على مطار مدني حيث كان يمكن أن يسفر عن مقتل مئات من المدنيين الأبرياء في السعودية”.
الحوثيون والجيش اليمني، اللذين كانا حليفين وقت إطلاقها، كان قادرين على الحصول على هذه الصواريخ بعدة طرق، ولكن حتى لو كانت إيران التي سلمتهم، فإننا لا نعرف متى كانت هذه الإمدادات، وهل يمكن أن تعود إلى ما قبل قرار الأمم المتحدة رقم 2231.
كما أن سفيرة أمريكا قالت أيضا: إن الأمم المتحدة اكتشفت أن بقايا الحطام المذكور هو صاروخ من طراز “قيام” الإيراني، في حين أن الأمم المتحدة لم تقل ذلك، بل أشارت نتائج تقرير أعده الخبراء في المنظمة الدولية، أن قطر الصواريخ التي أطلقت من اليمن في 22 يوليو و4 نوفمبر العام الحالي “يعادل” قطر صواريخ “سكود” ونسختها الإيرانية المعدلة “قيام-1″.
وأوضحوا أن هذه الصواريخ تتناسب مع صواريخ إيرانية في عدة مواصفات أخرى، إلا أن الخبراء لا يزالون يدرسون عن كثب المعلومات والمواد التي حصلوا عليها.
و”قيام” هو صاروخ باليستي قصير المدى صممته وبنيته إيران، وقد تم تطويره من شهاب- 2، وهو نسخة مصممة على طراز “هواسونج 6” الكوري الشمالي المشتق من الصاروخ السوفيتي آر-17 إلبروس والمعروف باسم سكود سي.
هناك العديد من الصواريخ المشتقة من سكود السوفيتي (A، B، C) التي تنتجها عدد من البلدان، وجميعهم بطبيعة الحال، لها خصائص هيكلية وخصائص تصنيع مماثلة.
اشترى الجيش اليمني سكود السوفيتي (pdf) واستخدم في الصراعات السابقة بين شمال وجنوب اليمن كما اشترى صواريخ هواسونج 5 الكورية الشمالية ، وربما صواريخ هواسونج 6، فالجيش اليمني لديه أكثر من 30 عاما من الخبرة في هذه الصواريخ ولديه الخبراء الذين يمكنهم تعديلها إذا لزم الأمر.
“هالي” ببساطة زورت النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة، فهي ليست كما تدعي، بل على العكس من ذلك، اعترفت لجنة الأمم المتحدة بأن أوجه الشبه التي تم العثور عليها لا تثبت أصل الصواريخ وقالت إنها “لا تملك دليلا على هوية الوسيط أو المورد” للصواريخ.
كما أن “هالي” قالت أيضا: إن الحطام الصاروخي يحمل شعار شركة إيرانية، في وقت لم تذكر فيه أن خبراء الأمم المتحدة وجدوا أيضا على مكونات مصنعة في الولايات المتحدة بالصواريخ.
ويطالب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة بشن حرب على إيران وله تأثير كبير على نيكي هالي، التي أكدت أن الصواريخ اليمنية لم تقتل أي شخص في السعودية في حين قتلت السعودية الآلاف من المدنيين اليمنيين بالقنابل والصواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة للمملكة.
وتفرض المملكة العربية السعودية حصارا على اليمن يتسبب في مجاعة رهيبة، وقد قال السعوديون مؤخرا إنهم رفعوا الحصار، ولكن حتى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تؤكد أنه لا يوجد أي تغيير على الأرض، حيث يموت مئات الأشخاص يوميا في اليمن بسبب نقص الغذاء والأدوية.
مؤتمر “هالي” الذي أبهر بالفعل السعوديين، لم يكن نجاحا، والدليل ما أوردته وسائل الإعلام الأمريكية أو الحكومات الأوروبية، كما كتب “نيويورك تايمز”:
“الأدلة التي قدمتها بقاعدة “أناكوستيا بولينج” المشتركة … فشلت في إثبات ادعاءاتها”.
وبحسب رويترز، “اعترفت الولايات المتحدة بأنها لا تستطيع أن تحدد بالضبط، متى تم نقل الأسلحة إلى الحوثيين، أو في بعض الحالات متى استخدمت، لا توجد وسيلة لمعرفة بشكل مؤكد ومستقل، متى تم صنع الأسلحة أو استخدامها”.
وتسعى إدارة “ترامب” إلى فرض ذريعة جديدة لفرض مزيد من العقوبات على إيران، وهي تريد على وجه الخصوص أن يشارك الاتحاد الأوروبي في نظام جديد للعقوبات، ويمكن أن يكون “تهديد الصواريخ الباليستية” هو السبيل لتحقيق ذلك، حيث اتفقت فرنسا وألمانيا بالفعل مع الولايات المتحدة المناهض لإيران فيما يتعلق بهذا الأمر إذا ما انتهك الاتفاق.
اضف تعليقا