سيرا على الأقدام، أو تجديفا عبر البحر أو من فوق دراجة، هكذا اتخذ بعض البشر من مناطق مختلفة بالعالم بمواقيت متباينة، قرارهم بتحقيق الأمنية التي تراود كلا منا بين الحين والآخر، وهى التجوال حول العالم، ورؤية المناظر الطبيعية من أدغال إفريقيا إلى جبال الهيمالايا في آسيا إلى غابات أمريكا.
منهم من يسافر من أجل السفر والمتعة، فيظل لسنوات يجمع كل ما يمكنه أن يجمعه من مال من أجل هذه الرحلة، ومنهم من يذهب من أجل تحقيق أرقام قياسية في عالم الرياضة، ومنهم من يفعل ذلك لصالح جمعيات خيرية فيجمع المال عبر العالم من أجلها، ومنهم من يذهب بهدف الثقافة والعلم عبر التصوير والتوثيق، وراء أسرار الكون وطبائع الشعوب وأهم ما تحويه الأرض من عادات وغرائب.
من تلك الرحلات المتتالية، بعض النماذج الموحية التي تأتي أغلبها من مواطني أوروبا وأمريكاحيث غالبا لا يجد أهلها مواجهة مجتمعية صارمةضد رغباتهم التي تقلب حياتهم رأسا على عقب.
التجديف حول العالم
فقبل شهرين من الآن، استُقبِلت المغامرة البريطانية ساره آوتن (30 سنة) استقبالا مبهرا في لندن، بعدما قامت برحلة حول العالم استمرت 1677 يوما، عبر التجديف والدراجة الهوائية، استقبلتها أسرتها في أكسفورد أمام الكاميرات،
بعدما مرت تحت جسر تاوير بريدج الشهير، حيث أنهت بذلك المحطة الأخيرة في جولتها حول العالم الممتدة على مسافة 40233 كيلو مترا، وكانت قد غادرت لندن قبل أربع سنوات ونصف السنة لجمع الأموال لأربع منظمات خيرية، وقد تمكنت من جمع 70 الف يورو.
إلا أنها واجهت صعوبات في رحلتها، وقد تم إنقاذها مرتين بعدما تعرضت لعاصفة استوائية بين اليابان وألاسكا،
“إنه شعور استثنائي، وفيه شيء من السريالية” هكذا وصفت شعورها عند العودة، وغالبا هكذا يكون شعور كل من يقوم بتلك الرحلة المبهرة.
“ساره آوتن”
الدراجة تفي بالغرض
ومن الأعمال الخيرية إلى التحدي الرياضي، فقد استطاع دراج بريطاني، إبريل الماضي، تحطيم الرقم القياسي العالمي المسجل في موسوعة جينيس، بالطواف حول العالم، وذلك بعد قطعه لمسافة تزيد عن 29 ألف كيلومتر في أقل من 80 يوما.
وقاد مارك بومونت “من اسكتلندا” الدراجة لمدة 18ساعة يوميا، وأحرق أكثر من تسعة آلاف سعر حراري في اليوم أثناء عبوره بولندا وروسيا ومنغوليا والصين وأستراليا والولايات المتحدة.
وقال “بومونت” بعدما أتم رحلته تحت قوس النصر في العاصمة الفرنسية باريس،أنه شعر أنه يقود الدراجة لكي يصل للجانب الثاني من الأفق غير المرئي، وأنه وصل لأعماق روحه”.
ورغم هذا الشعور الاستثنائي لم تخل الرحلة من الوقوع في المخاطر، فقد تعرض لحادث في روسيا في اليوم التاسع من جولته كادت أن تنهي مغامرته، فدخل في غيبوبة لمدة يوم وكسرت إحدى أسنانه وأصيب في مرفقه.
هذا وقد أتم “بومونت” الجولة في 78 يوما و14 ساعة و40 دقيقة،وسجل الرقم القياسي السابق النيوزيلندي أندرو نيكلسونالذي أتم الرحلة في 123 يوما في عام 2015.
“مارك بومونت”
إدمان السفر
أما تجربة الشاب الثلاثيني “والترتشانج” فتعد الأكثر إثارة للشغف، وتشبه ما يفكر به الكثيرون، فقد قرر في لحظة محددة بحياته أن يرى العالم قبل أن يرحل
عنه
فترك الشاب عمله كفني صوتيات ومرئيات في نيويورك، لينطلق في رحلة حول العالم استغرقت 3 سنوات كاملة شاهد فيها 60 دولة مختلفة.
تخرج “والتر” من جامعة نيويورك عام 2008، أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، حاصلا على درجة في مجال تصوير الأفلام والتليفزيون، وقد عمل كفني صوتيات ومرئيات فقط حتى تمر الأزمة ويستطيع أن يجد عملا أفضل يناسب تطلعاته، ولكن جرت الأمور على غير ما توقع، واستمر في هذا العمل مدة 3 سنوات كاملة، حتى قرر أن يحقق حلمه بالسفر حول العالم، وممارسة العمل الذي يحبه بتصوير ما يشاهده في رحلاته.
بالتأكيد جاهد “والتر” حتى استطاع أن يوفر ثمن الرحلة الباهظة، فقد ترك شقته وكان يبيت في مكان عمله أحيانا وأحيانا أخرى عند أصدقائه حتى جاء اليوم الذي ترك فيه نيويورك وراءه ليرى العالم.
قال “والتر” إن رحلته كان من المخطط لها أن تستمر سنة واحدة فقط، ولكنه أدمن السفر ولم يستطع مقاومة الاستمرار في رؤية مشاهد رائعة في مختلف البلدان، فقد نام تحت النجوم مع الحيوانات البرية في زيمبابوي وخيم في معسكر إيفرست في نيبال، كما وقف على ضفاف نهر الجانج في الهند، واجتمع بأقاربه في كوريا الجنوبية !
“والتر تشانج”
هكذا عاش هؤلاء مغامرتهم الخاصة، فهل تفكر في فعلها يوما ما ؟
اضف تعليقا