العدسة – ربى الطاهر

استطاعت الحكومة السويسرية تحقيق إنجاز تكنولوجي هائل، بعد أن انطلق أعلى قطار معلق في العالم بين أراضيها.

وعلى الرغم من تحقيق هذا الحلم، بعد تأخر وصل إلى عامين عن الموعد المحدد لتشغيله، بسبب مشاكل هندسية ومالية، إلا أن السعادة لحظة الافتتاح، محت كل تلك العقبات والمشاكل عن المشهد، وتصدر فقط عظمة هذا الإنجاز.

وكانت السيدة “دوريس لويتهارد” الرئيسة السويسرية، قد قامت بافتتاح القطار المعلق رسميا، من أحد منتجعات جبال الألب بتكلفة وصلت إلى 52 مليون فرنك سويسري (52.6 مليون دولار)، والتي أشارت في كلمتها أثناء الافتتاح، إلى أن العديد من هذه القطارات المعلقة غير مُربحة ماديا، إلا أن ما دفع الحكومة السويسرية للمضي قدما في تنفيذ هذا المشروع، هو كون الحكومة والكانتون والمنطقة يؤمنون بالمستقبل، وأضافت: ” أنا مقتنعة بأن هذا المشروع سيؤتي أكله”.

وتشغل “لويتهارد” أيضا منصب وزيرة النقل في الحكومة الفيدرالية، وقد صرحت كذلك بأن القطار لن يقتصر على فئة بعينها، ولكن يستطيع الاستفادة منه السكان المحليون والسياح كلاهما على حد السواء، وأضافت: “هذا هو ما يميز سويسرا، أننا نقدم خدمة يمكن للجميع الاستفادة منها”.

ويمتد هذا القطار من قرية شفيتس إلى قرية ستوس الجبلية التي تقع على ارتفاع 1300 متر فوق سطح البحر في وسط سويسرا، ويقطع طريقا يبلغ طوله 1720 مترا، ويتميز بسرعته الفائقة، والتي تصل إلى 10 أمتار في الثانية الواحدة، وتستغرق الرحلة كاملةً ما لا يزيد عن أربع دقائق.

وقد صممت عربات القطار لكي تكون على شكل برميل حتى تستطيع أن تعدل تلقائيا من وضعية أرضياتها، وحتى يتمكن الركاب من البقاء في وضع مستقيم خاصة، وأنها تتجه أثناء الرحلة صوب مرتفعات الألب الشاهقة، والتي يبلغ مستوى الانحدار فيها بعض الأحيان إلى 110%.

وتعبيرا عن فرحته بهذا الإنجاز الذي أخذ وقتا ليس قليلا، قال المتحدث باسم السكك الحديدية السوسرية، “إيفان شتاينر”: “بعد 14 سنة من التخطيط والتشييد، يشعر الجميع بالفخر بهذا القطار”، وكانت محطة أولى الرحلات لهذا القطار قد فتحت أبوابها لأعلى قطار معلق في العالم، أمام الباحثين عن المغامرة، أو الراغبين في مجرد الانتقال بطريقة أسرع إلى وجهتهم.

 

قطار بالطاقة المتجددة في الصين

ومن سويسرا إلى الصين، حيث تبدأ رحلة إنجاز جديدة بانطلاق أول قطار معلق في العالم يعمل بالطاقة المتجددة، وقد أطلقت وسائل الإعلام الصينية اسم “sky train” على هذا القطار، بينما أطلقت عليه الشركة الصينية التي أجرت اختبارات مرحلة التشغيل التجريبي اسم “قطار الهواء” أو “مروحية المدينة”، على أمل أن يحقق نجاحا كبيرا حال انطلاقه رسميا.

وقد بدأت أولى رحلات”مروحية المدينة” التجريبية في منطقة التنمية الاقتصادية لمطار شوانجليو بمدينة “تشنجدو” في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي البلاد، ومن المفترض إجراء اختبارات أطول، بحيث تصل المرحلة المقبلة لتشغيله إلى مسافة 1.2 كيلومترا.

ويتميز المترو الجديد بوزنه الخفيف، وتصل قدرة استيعابه لعدد المستخدمين إلى 100 راكب في كل عربة على حدة، أما بالنسبة لسرعته، فتصل إلى 60 كيلومترا في الساعة، وهو ما يساوي سرعة القطارات ومترو الأنفاق معا، ويرتفع إلى نحو 8 أمتار عن سطح الأرض.

كما قد اكتسب هذا القطار سمعة حسنة مع بداية تشغيله، حيث اعتبره الخبراء صديقا للبيئة؛ نظرا لاعتماده على بطاريات الليثيوم أيون، القابلة للشحن كمصدر للطاقة، إضافة إلى مزاياه الأخرى التي تتمثل في كونه أقل تكلفة، وكما أنه يتطلب مساحة أقل من الأراضي إذا تمت مقارنته بالسكك الحديدية المعتادة.

 

قطار فوبرتال المعلق

وحقيقة الأمر، أن ألمانيا قد سبقت سويسرا والصين في إنجاز أول قطار معلق في العالم، وهو قطار فوبرتال المعلق، ” بالألمانية: Wuppertaler Schwebebahn ” والذى بدأ في العمل منذ 1 مارس 1901، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى مدينة فوبرتال التي أنشئ فيها وأصبح رمزا لها فيما بعد، حيث كان الاسم الأول الذي أطلق عليه هو “نظام (أوجين لانجن) للانتقال على قضيب واحد”.

فقد قام بتصميمه “أوجين لانجن “، بحيث يكون أول قطار معلق يعمل بالكهرباء في العالم، وتتدلى عرباته أسفل القضيب الحامل له، وكان يهدف لبيعه لمدينة برلين العاصمة.

وقد بدأ “لانجن” العمل في مشروعه منذ عام 1897، في عدة مدن صغيرة بجانب بعضها البعض، وبدأ ببناء المحطات المعلقة بها، وكانت هذه المدن هي “بارمين” و “إلبرفيلد” و “فوهفينكيل” واستمر في  العمل حتى عام 1903، ولكنه افتتح الخط الأول للعمل عام 1901، ولم يتوقف هذا القطار عن العمل إلى يومنا هذا بل إنه أصبح وسيلة مهمة في نظام النقل العام حاليا بمدينة فوبرتال، وسمي هذا القطار بالإنجليزية “”suspense on railway، والذي يقوم بنقل حوالي 25 مليون راكب سنويا، حسب إحصائيات عام ( 2008)، ويمتد خط القطار عبر مسافة 3و13 كيلومتر، على ارتفاع يصل إلى نحو 12 مترا فوق الأرض، متتبعا مجرى “نهر فوبر” بين حي “أوبربارمين ” وشارع “سونبورنر شتراسه” (لمسافة 10 كيلومتر)، وبارتفاع يصل إلى نحو 8 أمتار فوق طريق الوادي، بين شارعي “سونبورنر شتراسه” و “فوهفينكيل” (مسافة نحو 3 كيلومترات).

ولم تتغير المحطات التى يقف بها هذا القطار المعلق، منذ عام 1910، والذي يتبع شركة النقل العام “راين – روهر”، ويعبر الطريق السريع للسيارات A46، وتستغرق رحلته حوالي 30 دقيقة.