العدسة – بشير أبو معلا

استمرار تدهور الوضع في اليمن تسبب في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، في ظل غضب وأخطاء التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ما أغرق البلاد في كابوس منسي من قبل الجميع، قد يكون المستفيدون الرئيسيون منه هم المنظمات المتطرفة فقط.

صحيفة “لا كروا” الفرنسية نشرت تقريرا حول الوضع في اليمن الذي يشهد أسوأ مأساة إنسانية في العالم، نتيجة قرار اتخذه ولي العهد محمد بن سلمان، في 26 مارس 2015، عندما أطلقت تسعة بلدان بقيادة السعودية عملية “العاصفة الحزم” في بلد هو بالفعل الأكثر فقرا في الشرق الأوسط، لمواجهة التمرد الحوثي.

وبعد أكثر من ألف يوم من الضربات والقصف، الحصيلة هي: مليون حالة من الكوليرا، ستة أطفال يموتون كل ساعة، 80٪ من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية في الرعاية الطبية والمياه والغذاء، بينما تنتشر الدفتيريا أو (الخُنَاق) في 13 محافظة.

وفيما يلي نص التقرير ..

أعلنت لجنة الصليب الأحمر الدولية، يوم الخميس 21 ديسمبر، أن عدد الحالات التي يشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن، يصل إلى مليون شخص، وتلخص إيولاندا جاكمت، المسؤولة في المنظمة، الوضع بالقول: “في غضون عشرة أشهر، من المحتمل أن يعاني واحد من بين كل 27 يمنيا من الكوليرا، كأننا في القرون الوسطى، إنه دليل على هشاشة هذا البلد.

وتضيف ليني سوهارليم، مديرة فرع منظمة “أكتد” وهي إحدى المنظمات غير الحكومية باليمن: “في اليوم الذي يُقضى فيه على وباء الكوليرا بالعالم، توفى خلال عشرة أشهر 2،211 شخصا بسبب الكوليرا”.

ينتشر المرض عن طريق المياه القذرة أو الملوثة، مسببا الجفاف الشديد، نتيجة الإسهال، ونقص الوقود، لا سيما نتيجة الحصار المفروض من قبل المملكة العربية السعودية، نتج عنه توقف تشغيل المضخات لجلب المياه النظيفة، ووقف محطات المعالجة، وتؤكد “سوهارليم”: “إن نظام المياه والصرف الصحي كله بات متوقفًا عن العمل”.

تنتشر الكوليرا بكل سهولة؛ لأن السكان ليسوا بمنأى عن هذا الفيروس “في المناطق المستوطنة، كما هو الحال في الكونغو، يكتسب السكان بعض الحصانة عن طريق إنتاج الأجسام المضادة، لكن ليس هذا هو الحال في اليمن فالمرض لم يكن معروفا”، كما تشير مديرة “أكتد”.

 

كيف نكافح الوباء؟

تعالج الكوليرا بسهولة عن طريق إعطاء المريض جرعات من محلول “رينجر اللاكتاتي ” الذي يعمل على ترطيب الجسم، أطباء بلا حدود لديها 40،000 لتر من هذا المنتج في اليمن، وفي ذروة الوباء خلال الصيف، قامت المنظمة غير الحكومية برعاية 000 100 مريض.

وتقول كارولين سيجوين، من منظمة أطباء بلا حدود “حاليا، هناك جيوب صغيرة من الوباء حول مدينة الحديدة، لكننا نخشى موسم الأمطار المقبل، الذي سيكون في أبريل، وهذا يمكنه أن يؤدي إلى حدوث طفرة”.

وتهتم هذه المنظمة غير الحكومية حاليا بظهور مرض الدفتيريا، وخاصة في محافظتي إب وعدن، يرتبط ظهور هذا المرض بوقف التطعيمات الجماعية لمدة سنتين، وتشير إيولاندا جاكمت، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أن “معدل الوفيات بالدفتيريا 10٪، أي أنه أقل من 1٪ بالنسبة للكوليرا”، موضحة أنهم أحصوا “300 حالة من الدفتيريا بما في ذلك 33 حالة وفاة”.

 

ما هي ظروف عمل المنظمات غير الحكومية؟

إن تخفيف الحصار السعودي على السلع الإنسانية، الذي اتُخذ قبل أسبوعين ليس كافيا، ولن يؤثر ذلك على واردات الوقود التي يمكن أن تستخدم في تشغيل محطات معالجة المياه، في هذه الظروف، أسعار مياه الشرب مرتفعة جدا؛ “ألف لتر من الماء تكلفتها 7 يورو، مقابل 1 قبل ثلاثة أشهر”، بحسب ليني سوهارليم.

ولا تزال عمليات التنقل والسفر صعبة جدا، فمن أجل مغادرة البلاد، عليك أن تأخذ واحدة من رحلتين تابعتين للأمم المتحدة كل أسبوع، والتي تطير من صنعاء إلى عمان أو جيبوتي، وللعودة يلزم الحصول على تأشيرتين؛ واحدة من السلطة الحوثية في الشمال، والأخرى من سلطات عدن.

وتقول كارولين سيجوين: “المملكة العربية السعودية هي التي تسيطر على المجال الجوي، وتتحقق قبل الصعود من الإجراءات، التي تكون دائما معقدة”، كذلك في صنعاء، العاملون في المجال الإنساني، مثلهم مثل اليمنيين، يعيشون تحت تهديد القصف المنتظم من قبل القوات الجوية السعودية.