العدسة – غراس غزوان

مع مرور الوقت واقتراب موعد انتخابات الرئاسة المقررة عقدها في النصف الأول من العام المقبل، تتزايد التساؤلات حول موقف رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق من خوض تلك الانتخابات.

فحتى الآن، لا يزال موقف الرجل الذي أعلن نهاية الشهر الماضي نيته الترشح لانتخابات 2018 موقفًا مبهمًا.

 

غموض الموقف

تصريحاته التي أطلقها مطلع ديسمبر الجاري في مداخلة مع إحدى القنوات الفضائية المصرية، عقب عودته مجبرا من أبو ظبي، تقول إن تغيرا كبيرا حدث في موقفه الذي أعلنه قبل سفره، عبر مقطع مسجل بثته قناة الجزيرة الإخبارية.

فخلال مداخلة مع فضائية “دريم”، والتي نفى فيها سوء معاملته من قبل السلطات المصرية، أو احتجازه لدى عودته من الإمارات، وقال إنه سينزل إلى الشارع للتعرف على صحة قراره من عدمه، وهو ما اعتبره محللون تراجعا ضمنيا عن الترشح.

لكن مسؤولا بارزا في حزب “شفيق” أكد، في تصريحات لوكالة الأناضول، عدم تراجعه عن قراره، موضحا أن “شفيق” لا يزال يدرس قرار ترشحه للرئاسة، وهو ما أضفى مزيدا من الغموض على القرار النهائي من تلك الانتخابات.

 

هل يتراجع شفيق؟

استبعد السياسي المصري ممدوح حمزة، أن يكون وراء غموض موقف “شفيق” مناورة سياسية، وقال في تصريحات لوكالة الأناضول أن “شفيق” كان مصرا على الترشج ولكنه تعرض لضغوط هزت موقفه.

ويرى “حمزة” أن الغموض الذي يحيط بموقف “شفيق” يأتي ضمن مقدمات عدم خوضه للانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه عاد واستدرك قائلا : “إلا إذا تغيرت الأمور في مصر”، دون أن يوضح ماهية هذه التغيرات.

ومما يعزز صحة ما ذهب إليه “حمزة” أن “شفيق” ليس حرا في تحركاته أو أحاديثه الصحفية، حتى إنه غير مسموح له بإجراء أية مشاورات أو لقاءات مع قوى وشخصيات سياسية وحزبية.

وسبق أن كشفت محامية “شفيق”، دينا عدلي، عن تواجده في أحد الفنادق شرقي القاهرة، لحين تجهيز منزله، فيما ذكرت تقارير صحفية أنه يخضع لمراقبة أمنية مشددة.

ويتفق معه الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الذي اعتبر تصريحات “شفيق” نوعا من التراجع عن الترشح للانتخابات.

ورجح “ربيع”، في تصريحات صحفية، أن تكون هناك ضغوط على “شفيق” أدت إلى اتخاذه هذا الموقف، وأن هناك ترتيبا للأوراق بينه وبين الدولة في مسألة ترشحه.

وقال “ربيع”: إن الضغط على من يريد الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة توابعه خطيرة، ويؤول إلى استفتاء وليس انتخابات، ويشوه صورة مصر في الخارج؛ ويقال: إن عهد مبارك والإخوان أفضل من الوقت الحالي.

يكشف الناشط السياسي المصري المعارض، حازم عبد العظيم، أن “شفيق” أخبره، خلال لقائهما في مقر إقامته الفندقية، أنه ترك قرار الترشح للرئاسة مفتوحا، حتى تظهر أمور جديدة، “لأنه اتضح لديه أن كل شيء تحت سيطرة النظام الحاكم”.

ويوضح عبد العظيم، في حديث مع الأناضول، أن “شفيق” لن يقبل بأن يؤدي دور “كومبارس” في الانتخابات كما يريد البعض.

 

كواليس الغموض

منذ عودة “شفيق” إلى مصر، قبل أربعة أسابيع، لم يظهر سوى في لقاءين بمقر إقامته بأحد الفنادق مع قيادات بحزبه، هذان اللقاءان خرج عنهما بيانان لم يقدما جديدا، سوى أنه لا يزال يدرس قرار ترشحه، ولم يعلن فيهما عن أية لقاءات مع قوى سياسية مؤيدة أو معارضة داخل مصر.

ويقول الناشط السياسي ممدوح حمزة إنه حصل على “معلومات بأن “شفيق” غير مسموح له بالتشاور مع أحد من الأحزاب أو القوى السياسية”.

وهو ما يتفق معه الأكاديمي المصري، حازم حسني، الذي أكد أن “شفيق” يتعرض لضغوط كبيرة لمنعه من الترشح للرئاسة، وأنه كان جادا في قرار ترشحه وإستراتيجيته التي خطط لها، وهي السفر إلى عدد من الدول لترتيب أموره حتى يعود إلى مصر على أرض صلبة.

وتوقع “حسني” أن يستمر ما وصفه بالغموض في موقف “شفيق” إلى أن يستطع ترتيب أوراقه، وبناء عليها إما يقرر الترشح أو التراجع.

وحتى الآن، لم تعلن أي من القوى السياسية أو الحزبية في مصر لقائها بالفريق أحمد شفيق، سوى عدد من قيادات حزبه والسياسي المعارض حازم عبد العظيم.

 

حزب شفيق .. لم يتراجع

على الجانب الآخر، يؤكد المحلل السياسي حسن نافعة، أن “شفيق” لم يتراجع عن فكرة الترشح، وأنه كان على اتصال دائم طوال الأشهر الثلاثة الأخيرة مع آخرين “لم يسمهم”، لمحاولة إقناعهم بتأييده، مشيرا إلى أن النقاش لا يزال دائرا حوله.

بينما ينفي رءوف السيد، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية الذي يترأسه “شفيق”، ما يتردد عن وجود ضغوط يتعرض لها  بقوله: “هذا حديث أناس تريد الظهور الإعلامي”.

ويستنكر السيد، في تصريح للأناضول، حديث البعض عن قرار “شفيق” بالتراجع، قائلاً: “أقسم بالله هذا غير حقيقي، “شفيق” لم يتراجع، ولم يتعرض لضغوط، وفي الوقت ذاته لم يحسم الترشح، ولايزال يدرس القرار”.

وحول مستقبل “شفيق” يوضح السيد أنه “لن يغادر مصر ثانية لو قرر عدم الترشح، وسيظل يمارس عمله السياسي من خلال رئاسة حزب الحركة الوطنية”.

ووفق القانون المصري، يحتاج “شفيق”، الذي يلاحق حاليا ببلاغات قضائية، كي يترشح للرئاسيات، إلى الحصول على توقيع 20 نائبا من نواب البرلمان، الذي يتألف من 596 نائبا، ويهمين عليه ائتلاف يدعم السيسي، فيما لم يحصل حزب الحركة الوطنية، الذي يترأسه “شفيق”، سوى على أربعة مقاعد فقط في البرلمان.

وإذا لم يتمكن “شفيق” من الحصول على توقيع عشرين نائبا، فعليه جمع 25 ألف توكيل من مواطنين في 15 محافظة “من أصل 27 محافظة”، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة.