العدسة – جلال إدريس
“نار وغضب”، لم يكن يعرف الرئيس الأمريكي ترامب، أن تلك العبارة التي اشتهر ترامب باستخدامها في حربه الكلامية ضد كوريا الشمالية، ستكون هي نفسها أكثر العبارات الفاضحة له طول حياته، “فـ”نار وغضب” باتت العبارة الأشهر خلال اليومين الماضيين، ليس لأن “ترامب” تلفظ بها، لكن لكون الصحفي الأمريكي مايكل وولف اختارها عنواناً لكتابه الجديد عن ترامب ” نار وغضب”.
الكتاب الجديد الذي يكشف الرئيس الأمريكي للعالم، أو إن شئت قل “يفضحه على رؤس الأشهاد” تزايد الطلب عليه على الإنترنت بعد تسرب مقتطفات منه يوم الاربعاء الماضي، وكان ناشره، وهو مؤسسة هنري آند هولت، يعتزم إصداره في التاسع من كانون الثاني الجاري، لكن بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتخاذ إجراء قانوني كي تحجب دار النشر إصدار الكتاب، سارع الناشر إلى إصداره قبل الموعد المقرر بأربعة أيام “بسبب الطلب الساحق عليه”.
وفجَّر الكتاب مفاجآت كبيرة، لم تكن معروفة خارج نطاق مكاتب البيت الأبيض، وموظفي فريق ترامب وأعضاء إدارته، ولعل أكثر ها غرابة أن ترامب نفسه لم يكن يتوقع الفوز، وأن مسؤولي البيت الأبيض مقتنعون بعجز الرئيس عن القيام بوظيفته، ويتحدث أيضا عن قوى ترامب العقلية، وعلاقته بالأنظمة العربية، ودوره في صعود بن سلمان، ونزواته الجنسية مع زوجات أصدقائه، والكثير والكثير من القضايا الفاضحة لترامب.
ومن المنتظر أن يثير الكتاب في الأيام القليلة المقبلة مزيداً من العواصف بوجه ترامب، مع مباشرة الكونجرس الاستماع إلى شهادات اختصاصيين نفسيين لتقييم أهليته الذهنية للقيام بمهام رئيس الولايات المتحدة.
من هو مؤلف الكتاب؟
الكاتب الأمريكي “مايكل وولف” مؤلف كتاب “نار وغضب” يبلغ من العمر 64 وهو كاتب شهير نشر مقالاته في نيوجرسي وفي صحيفتي “يو.إس.تودي”، و”هوليوود ريبورتر” وغيرها من الصحف، واشتهر خلال مسيرته المهنية بتغطية أخبار الأثرياء وأصحاب النفوذ، مثل إمبراطور الإعلام العالمي روبرت مردوخ، ومنتج هوليوود سيئ السمعة هارفي وينستين.
ويستند الكاتب في “نار وغضب” على 200 مقابلة مع مسؤولين في البيت الأبيض من ضمنهم زوج ابنة ترامب، إيفانكا، ومستشاره السابق وآخرون.
أيضا من أبرز المسؤولين الأمريكيين الذين نقل عنهم المؤلف، المستشار السابق لترامب “ستيف بانون”، والذي شغل سابقا منصب كبير مستشاري الرئيس دونالد ترامب للشؤون الاستراتيجية، مما أتاح له التواصل مباشرة مع الرئيس الأمريكي، وأمكن رصد تأثيره في بعض القرارات الرئيسية التي اتخذها ترامب.
كما أدخله ترامب في مجلس الأمن القومي منذ 28 يناير 2017، ولاحقا عزله عن المجلس في أبريل 2017، وأبقى عليه مساعدا للرئيس، وأخفق دوره البارز في الفترة الأخيرة.
“العدسة” ومن خلال التقرير التالي ترصد أبرز ما جاء في كتاب “نار وغضب” الذي يعد حديث الساعة في كافة وسائل الإعلام العالمية:
ترامب مجنون!
تعد مسألة التشكيك في السلامة العقلية للرئيس الأمريكي “ترامب” واحدة من أخطر القضايا التي تناولها الكتاب بالتفصيل، وهو ما قد يُشكل مدخلاً جديداً لإطاحته من البيت الأبيض، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي إلى الرد سريعاً، مشدداً على استقراره العقلي، وذلك بعدما كان وزير خارجيته ريكس تيلرسون قد أعلن أنه لم يشكك يوماً في أهلية ترامب العقلية وأن لا سبب لذلك.
ومسألة أهلية الرئيس الذهنية ناقشها وولف في كتابه، ونقل عن لسان بانون، الذي كان أبرز اللاعبين في البيت الأبيض قبل أن يطرد ترامب في أغسطس الماضي، أن ترامب فاقد السيطرة على الأمور. كذلك نقل وولف، الذي تردّد على البيت الأبيض في فترة إعداد الكتاب، عن أفراد آخرين في الحلقة الضيقة المحيطة لترامب أنه يتصرف كالأولاد الصغار.
وتوقع مايكل وولف أن يضع ما كشفه الكتاب حداً على الأرجح لبقاء ترامب في المنصب. وأضاف وولف في حديث لراديو “بي.بي.سي” أن كتابه خلص إلى أن ترامب ليس كفؤا لتولي الرئاسة وأن هذه النتيجة أصبحت رأياً واسع الانتشار، مشيراً إلى أن المذكور في كتابه يوضح للجميع أن ترامب “لا يستطيع أداء مهمته”، وهذا هو إطار الاعتقاد والإدراك الذي “سيؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاء هذه الرئاسة”، وفق قوله. كذلك قال وولف في مقابلة تلفزيونية الجمعة إن نسبة “مائة في المائة من العاملين” مع ترامب يشككون في قدرته على تولي منصب الرئاسة. وذكر في كتابه أن ترامب لم يتعرف على أقرب أصدقائه، وأنه يكرر الكلام الذي سبق أن قاله من دون سبب.
خيانة لقائه بالروس
تطرق الكتاب أيضاً إلى اجتماع دونالد ترامب جونيور “نجل ترامب” في حزيران 2016 مع عملاء روس يدعون أن لديهم معلومات عن المرشحة الديموقراطية، هيلاري كلينتون، في خطوة وصفها بانون بأنها “خيانة”.
وأكد الكاتب أن دونالد جونيور “نجل ترامب” أخذ على الأرجح هؤلاء العملاء إلى مكتب والده، والتقى دونالد ترامب جونيور بالمحامية الروسية نتاليا فيسلنيتسكايا في حزيران 2016، وحضر أيضاً كوشنر ومدير الحملة الانتخابية آنذاك بول مانافورت، اللقاء الذي عقد في برج ترامب في نيويورك.
وينقل الكتاب عن بانون قوله “ظن الرجال الكبار الثلاثة في الحملة أن لقاء حكومة أجنبية في برج ترامب في قاعة المؤتمرات في الطابق الـ25 من دون محامين فكرة جيدة”.
ويضيف “لم يكن برفقتهم أي محام”، ويتابع “حتى لو كنت تعتقد أن اللقاء ليس خيانة وليس غير وطني أو قذارة، وأنا أعتقد أنه كل ذلك، كان الأجدى الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) فوراً”.
وينقل الكتاب عن بانون قوله إن التحقيق الذي يجريه المستشار الخاص في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016، روبرت مولر، سيركز على تبييض الأموال.
لم يكن يتوقع الفوز
كتب وولف أنه لم يكن هناك في حملة ترامب من يعتقد أن أمام المرشح الجمهوري فرصة للفوز على كلينتون. كان ترامب يخطط للاستفادة من هزيمته لزيادة ثروته وشهرته وتدشين شبكة تلفزيون تحمل اسم ترامب.
كما أن كبار مستشاريه خلال الحملة رغبوا في الحصول على فرص عمل في محطات التلفزة أو السياسة، بحسب الكتاب. ونقل الكتاب عن مستشار الأمن القومي مايكل فلين، -الذي أقيل-، قوله لأصدقائه إنه تلقي 45 ألف دولار من الروس مقابل كلمة يلقيها “يمكن أن تكون مشكلة إذا فزنا.”
وقال ترامب لرئيس شبكة “فوكس نيوز” روجر ايليز قبل أسبوع من الانتخابات: “هذا أكبر مما كنت أحلم به”، مضيفا: “أنا لا أفكر في الخسارة، لأنها لن تكون خسارة. لقد فزنا تماما”، حسبما جاء في الكتاب.
وفقا للكتاب، كانت ميلانيا ترامب من بين هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أن زوجها لن يفوز. وفي ليلة الانتخابات “بكت – ولم يكن بكاؤها فرحا”.
علاقات جنسية مع زوجات أصدقائه
ومن بين ما كشف عنه الكتاب الجديد هو تصرفات ترامب المشينة بحق النساء، وفضائحه الجنسية، خصوصا مع زوجات أصدقائه.
وبحسب الكتاب الذي يعتمد مؤلفه على مقابلات شخصية مع 200 من المقربين ومعارف الرئيس الأمريكي، فإن ترامب حاول أن يقنع زوجات أصحابه بممارسة الجنس معه.
وقام ترامب باستدعاء أحد اصدقائه وزوجته، وكان يفتح ميكروفون في مكتبه المتصل بسماعات في غرفة أخرى حيث كانت تجلس زوجة صديقه كي تنصت للمحادثة بينه وبين زوجها كاملة.
وكان ترامب بحسب الكتاب، يسأل صديقه عن طبيعة علاقته الجنسية بزوجته، وعن وتيرة ممارستهما الجنس، ويقول له إنه سيجلب له فتيات أفضل وأجمل من زوجته لممارسة الجنس معهن. وبعدما كان يثير الخلاف والقطيعة بين صديقه وزوجته التي كانت تنصت للمحادثة، كان ترامب يحاول “مواساتها”!
ويتهم الكتاب الرئيس الأمريكي بأنه كان يسعى لإفساد ذات البين بين أصحابه وزوجاتهم. بل إنه تبجح أمام أحد الأصدقاء بالقول “إحدى أفضل الأمور بالحياة هو مضاجعة نساء أصحابك”.
ترامب وراء صعود بن سلمان
أيضا فقد كشف الكاتب الأمريكي “مايكل وولف” في كتابه النقاب عن أن رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، “كان وراء صعود محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد السعودي”، بعد إعفاء الأمير محمد بن نايف من جميع مناصبه.
وذكر الكاتب “أنه عندما تولى بن سلمان ولاية العهد كان ترامب يتبجح قائلاً عنه وعن صهره جاريد كوشنر: “وضعنا رَجُلَنا في القمة”.
وأضاف الكاتب في كتابه المثير للجدل: إن “ترامب كان يقول لأصدقائه إنه هو وجاريد هندسا انقلاباً سعودياً”.
وبموجب قرار صدر في 21 يونيو 2017، فإن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، عيّن ابنه محمد ولياً للعهد (بعد منصب ولي ولي العهد المستحدَث سابقاً)، مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع.
وهذا القرار الذي أثار ردود الفعل في البيت الملكي السعودي، جاء بعد زيارة أجراها ترامب إلى الرياض، ضمن جولته الأولى عقب توليه رئاسة البيت الأبيض مطلع 2017.
طموحات إيفانكا وزوجها
كشف “وولف” في كتابه أيضا الطموحات السياسية للمحيطين بترامب أبرزهم ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، وكذلك السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي.
وأثار الكتاب تساؤلات عن حقيقة طموحات إيفانكا في أن تكون أول امرأة تنتخب رئيسة للولايات المتحدة، لتكون أول يهودي يحتل أعلى منصب في البلاد.
وأشار الكتاب إلى أن (إيفانكا ترامب) كانت تعامل والدها بنوع من التجرد، بل حتى السخرية، إلى حد التهكم من تسريحته أمام الآخرين، حيث غالبا ما كانت تصف تلك التسريحة لأصدقاء بعبارات مثل: قمة رأس نظيفة تماما — جزيرة بعد عملية جراحية لتقليل المساحات الصلعاء — محاطة بدائرة من الشعر حول الجانبين وفي المقدمة، تمشط رأسياً لتجمع في الوسط ثم توجه إلى الخلف وتثبت برذاذ الشعر.
أيضا أشار وولف في كتابه إلى هيلي، التي يُنظر إليها في دائرة ترامب على أنها طموحة وأكثر ذكاء بكثير من الرئيس، وفق الكتاب، الذي جاء فيه أيضاً أن هيلي توقعت بحلول أكتوبر الماضي أن “مدة ترامب ستستمر، في أحسن الأحوال، لفترة واحدة”.
اضف تعليقا