العدسة – إبراهيم سمعان

يجب على قاطن البيت الأبيض، خلال الأيام القليلة المقبلة، التصديق أو الرفض على الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، بين الدول الست وإيران، فهل سيفي الرئيس الأمريكي بوعده الانتخابي؟ وما هي السيناريوهات المترتبة على هذا الأمر؟ وكذلك الخيارات المتاحة لكل من طهران وواشنطن وأيضا الغرب؟

صحيفة ” لوريون لوجور” الناطقة بالفرنسية، حاولت الإجابة على هذه التساؤلات في التقرير التالي:-

كان أحد تعهدات حملة دونالد ترامب، انسحاب بلاده من “أحد أسوأ الصفقات” في تاريخ الولايات المتحدة، هذا الأمر ظل منذ بضعة أسابيع في صلب الاهتمامات الدولية بطهران وبلدان الاتحاد الأوروبي على حد سواء، وهي أطراف فاعلة في التفاوض بشأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بحضور روسيا والصين والولايات المتحدة.

على “ترامب”، أن يتخذ قرارا، في منتصف يناير الجاري، إما بالتصديق أو الرفض على الاتفاق، وهو ما يعني التحقق من امتثال إيران لالتزاماتها بتقييد أنشطتها النووية، مقابل تعليق العقوبات الدولية على البلاد، وهو القرار الذي يقوم به الرئيس الأمريكي كل 90 يوما.

في المرة الأولى، عندما حل الموعد النهائي للتصديق على الاتفاق، اختار دونالد ترامب التصديق، لكن في المرة الثانية، فضل الرفض، وأحال هذا القرار إلى الكونجرس، يوم 13 أكتوبر، غير أن الأخير لم يتخذ أي قرار خلال الوقت المخصص له، ولم يفعل شيئا على الرغم من الأغلبية الجمهورية.

وقبل القرار الأمريكي بتعليق العقوبات المتوقع الجمعة المقبلة، ونظرا للظروف السياسية المضطربة في طهران بعد المظاهرات التي اندلعت ضد النظام مطلع يناير، هناك سؤال يطرح نفسه، هل يمكن للولايات المتحدة الخروج من الاتفاق؟ وكيف سيكون السيناريو الأمريكي والإيراني وغيرهما من الدول الأطراف في الاتفاق؟.

كون الكونجرس لم يجد حلا يكشف بشكل أو بآخر عن الصعوبات التي يواجهها دونالد ترامب، فحتى لو كانت خياراته محدودة ولا تسير في صالحه، فيمكن للرئيس الأمريكي أن يحيل المسألة مرة أخرى إلى الكونجرس، حتى لو ثبت أنه لا جدوى في ذلك، ولا يمكن للأخير إيجاد حل.

” عدم التصديق على الاتفاق، سيكون كضربة سيف في الماء، لأنه سيكون بلا فائدة إذا لم يتخذ الكونجرس بدوره تدابير ضد إيران، وهو ما لم يفعله الكونجرس آخر مرة، فرغم أن المسؤولين الأمريكيين يتخذون موقفا متشددا جدا حيال طهران، فإنهم يعتبرون أن الأمر واقع، ويجب أن نعيش فيه ونواصل تطبيقه”، كما يقول فرانسوا نيكولود، السفير السابق لفرنسا في إيران، من عام 2001 إلى 2005.

لذلك من غير المحتمل أن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، دونالد ترامب يواجه في الواقع معارضة من الكونجرس، رغم الأغلبية الجمهورية، وقد أبدى وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس مؤخرا تأييدهما لاستمرار هذا الاتفاق.

“أخيرا، يواجه “ترامب” الكثير من الضغوط بشأن الاتفاق هناك بضغط من الكونجرس، بما في ذلك الجمهوريون الذين كانوا في البداية معارضين جدا للاتفاق، وأصبحوا حاليا يفضلون الإبقاء عليه” يؤكد فرانسوا نيكولود.

لكن عدم استطاعة “ترامب” الاستمرار بالوعد الذي قطعه في حملته تجاه الاتفاق، يجعلنا نتساءل هل يستمر الرئيس في حملته العدائية تجاه إيران، في محاولة لإقناع ناخبيه أنه يشك دائما في أعمال الجمهورية الإسلامية.

اضطرت إيران إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها الدبلوماسية والسياسية، بعد إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، ونقلت وكالة الأنباء الايرانية الرسمية “إيرنا” عن نائب وزير الخارجية عباس أراقشى، قوله: جاهزون لكل السيناريوهات”.

لكن ماذا سيفعل الإيرانيون لو خرجت واشنطن من الصفقة؟ يجيب الدبلوماسي الفرنسي بالقول: إن هناك احتمالين لا ثالث لهما: إما أنهم سيخرجون أيضا، للحصول على حريتهم والقيام بما يريدون في المسألة النووية، دون الذهاب إلى حد تصنيع القنبلة، وعلى وجه الخصوص، يمكن أن يتجاوزوا حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق (3.65٪)، وإما أنهم سيبقون على الاتفاق، فإذا أرادات الأطراف الأخرى مواصلة تنفيذ الاتفاق، سيستمر الإيرانيون. وفي هذه الحالة، سيفرض الأمريكيون كل أنواع العقوبات ضد الإيرانيين، فيما سيبقى الأوربيون والروس والصينيون ملتزمون بتنفيذ بنود الاتفاق النووي.