العدسة – معتز أشرف

كما ذهب ” العدسة “ في تقريره ” سري للغاية.. الفن في خدمة السياسة بمصر” ، شن مغردون ومدونون ونشطاء هجوما حادا على الفنان أحمد السقا، بطل الفيلم الذي يتم الترويج له بالتزامن مع انطلاق الانتخابات الرئاسية في مصر، ما دفعه إلى إصدار بيان علي صحفته الرسمية، أشعل نيران النقد بصورة أكبر.

دفاع السقا

السقا انتقد الهجوم عليه الذي وصفه بوصوله إلى السب والقذف، قائلا إلى من اسمهم ” أصدقائي أو من أهانوني من أصدقائي”: ” منذ أيام قليلة انتشرت الصور الصماء على صفحات السوشيال ميديا… لي ولبعض الزملاء المحدودين… وبالطبع نلت قدر عظيم من التجاوزات وصلت إلى حد السب، وعموما أنا مسامح ولكن ليست هذه هى القضيه “.

واستعرض السقا قصة الفيلم ، قائلا : لأول مرة في حياتي أتكلم على منتج لم ينتهي ولم يظهر للنور… باختصار شديد أنا وزملائي عاملين فيلم اسمه سرى للغايه، يؤرخ لحقبه زمنية مررنا بها جميعا، لتوضيح حقائق للمصريين، وليس معنى كلامي إننا نسخر من فكر أو من جماعة أو من رئيس، شئنا أم أبينا، فقد كان رئيسا لمصر وأعني دكتور مرسي “، مضيفا أنه “يجسد بالفعل شخصية لواء السيسي والذي أصبح وزيرا للدفاع، ثم رئيسا لجمهورية مصر العربية …أي نعم لا أصل لكل هذه المراحل فى العمل، وأعني تدرج وظيفي، ولكن لي الشرف وبالطبع “.

وانتقد السقا من اسمهم ” المتربصين أو لمن يختلفون مع الرئىس الحالي أو الذين يريدون الاختلاف أو لأعضاء الجماعة أو للثوار وأصحاب الأيديولجيات” قائلا: استعجلتم في الحكم علي، فيلم مهذب، أنصف الجميع، وأعطى الجميع حقه، بما فيهم د. مرسي، وتعرض للشخصيات السلبية بمنتهى الأدب، ولم يستغل عيوبها الحقيقية، ليكسب شرائح عدة”.

ودافع السقا عن نفسه قائلا: باختصار يا سادة أنا بحب مصر، و”مش مطبلاتى” – منافق- وقسما بربى لم أسمح وزملائي بالتجريح، وعرضنا حقائق ووجهات نظر، ولكم الحكم، ومن حقكم الخلاف إذا قدر لي العمر وخلصت الفيلم أنا وزملائي، لكن للأسف واحد حب يعمل سبق عمله غلط”.

شهادة وفاة

التعليقات على بيان “السقا” كانت ساخنة، إبراهيم المصري الذي وصف الفنان أحمد السقا بالصديق، قال بعامية مصرية حادة: ” عايز تقنعني يا سقا إنك هتدي للفيلم حقه، وهتتكلم عن قتل السيسي لصحابنا، واعتقالهم وتصفيتهم وسجنهم ومطاردتهم، وهتكشف الشخصية”… ” للسيسي وهتبقى محايد؟ ما اظنش .. انت قبلت في ظل الحكم القمعي ده انك تجسد شخصية ديكتاتور ظالم قاتل.. فلا أعتقد انك هتعمل ده، ففكك من جو الاستعطاف ابو شلن ده لأنك وقعت يا صاحبي، والفيلم فشل من قبل ما تبدأوا فيه”.

الناشط حسام المتيم اتفق مع “السقا” في ضرورة عدم السب والتجريح، خصوصا في الشرف والأعراض والأب والأم تحديدا، ولكنه اختلف معه في قوله إن الفيلم محايد، موجها تسائلات إلى “السقا” قائلا: كيف تكون محايدا وما زالت مصر تحت حكم من تمثل دوره في الفيلم، وهل ستتمكن من إظهاره على حقيقته، كونه خائنا لرئيس مصر المنتخب؟! وهل ستتحدث عن طمعه في السلطة والحكم ولو على جثث الأبرياء وأرواح الشرفاء من شعب مصر؟! .

وقال الناشط : أنت كفنان من جيل الشباب، كنا نقدرك ونحترم موهبتك، ولكن يبدو أنك لم تقدر جمهورك المشكل من كافة المصريين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، وأعدك أنك ستندم أشد الندم على المشاركة في عمل كهذا، في ظل مناخ يمنع الرأي الحر، ويحاكم الصحفيين، ويعدم الأبرياء بتهم ملفقة، وغير ذلك من جرائم يندى لها جبين الإنسانية”.

وأضاف: ” إذا كنت سيد قرارك كما تقول، ولا ضغط عليك في المشاركة أنت أو زملائك، فلتتوقف تلك المهزلة الآن وليس وقتا آخر، وليجمد هذا العمل إلى حين زوال الحقبة العسكرية من تاريخ مصر وحاضرها ويومها، جسد ما تشاء من شخصيات، أما إذا كنت مجبر على هذا العمل وواصلت، ففيه شهادة وفاتك كفنان محترم، وستتحول في نظر جمهورك إلى أراجوز منافق، مثلك مثل من سبقك من نجوم الفن، كمحمد صبحي وغيره ممن باعوا ضمائرهم وقيمهم ومبادئهم مقابل شهرة زائفة وإدعاء بالوطنية “.

لا يملك شيئا

الكاتب الصحفي عز الدين عبده، يرى أن “السقا” لا يملك الإنصاف ولا الانحياز، وأنه رغما عنه يؤدي دوراً مكتوباً، ويتلو نصوصاً أعدت سلفاً لتزييف التاريخ وتشويه الوعي الشعبي، مؤكدا أن نيته في الإنصاف لا تنفي أن لسان “السقا” نطق بالقول المزيف، وأن أداءه في الفيلم يعتبر مشاركة في جريمة الكذب الموثق، خاصة أنه لا يملك تعديل حرف واحد من السيناريو، ولا يجرؤ على الانسحاب من أداء الدور المشوه.

أما إيمان فريد، فقد رأت في التعليقات الغاضبة تمثيلا حقيقيا للشعب المصري، الذي يتم المتاجرة به في الاعلام، أو كالكومبارسات الذين يدفع لهم أموال، فيما دعت أحمد السقا إلى قراءة التعليقات جيدا، حتى يفهم معنى شعب مظلوم ومقيد وخائف حتى من مجرد أن يذهب للصلاة، ولا يجد قوته، بينما السيسي يعده بشرب مياه المجاري.

من جانبه، وجه المدون حمزة الشبرجي عدة أسئلة لـ”السقا”، الذي وصفه بالمحترم، عن أوضاع مصر قبل أن يقرر مواصلة إنتاج فيلمه، مشيرا إلى تهجير الأسر بسبب الرئيس المصري الحالي، وهجرة المعارضين من مصر، وتصفية الشباب، واستمرار الإعدامات والإخفاء القسري، والتراجع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في عهد السيسي، قائلا لـ”السقا”: لا يوجد عندي مشكلة انك تمثل بإنصاف ولكن مصر حاليًا ليست إلا للمطبلين والمنافقين”.

واعتبر الإعلامي أدهم حسنين، استمرار “السقا” في الفيلم قضاء على سمعته وتاريخه، بتمثيله لأسوأ شخصية في تاريخ مصر في إشارة إلى السيسي، الذي وصفه بالقاتل المجرم والمغتصب لحكم مصر وإرادة شعبه، متسائلا: هل فيلم عن السيسي من الممكن أن يخرج من تحت المخابرات الحربية والعامة؟”.

وفي نفس الاتجاه رأي الناشط الشاب أحمد البقري، أن طول بيان “السقا” دليل على أن الفيلم فيه كم كبير من الأكاذيب والتضليل، في مرحلة الأطراف الفاعلون فيها مغيبون خلف القضبان أو في المنفى، مؤكدا أن الفيلم هدفه تلميع أسوء مرحلة في تاريخ مصر.

أما المدونة هاجر خالد، فتساءلت: كيف نصدق “السقا” وهو سمح لنفسه أن يمثل دورا في فليم يعتبر تاريخي أبطاله الحقيقين مازالوا عايشين، وفي خصومة واضحة بين أطرافه نعيشها إلى يومنا هذا لا ندري كيف ستنتهي، وأطراف معتقلة لا حول لها ولا قوة، ولا يملكون الدفاع عن أنفسهم “.

وتابعت: من هو وحيد حامد كي يوضح هو لنا الحقائق كما تقول؟، هذا كاتب وله توجهاته وليس من حقه كتابة تاريخ وتجسيده في عمل وأصحابه ونحن أنفسنا كمجتمع منقسم علي تقييم حال البلد، والحال العام للبلد بيقول إنه لن يسمح لك بانتقاد السيسي اللي بتجسد دوره، وكلنا نعلم مصير أي حد بينتقد بيبقي إيه؟”.

بدوره وجه الإعلامي سالم المحروقي، مزيدا من التساؤلات إلى بطل فيلم “سري للغاية” قائلا: كيف ستكون منصفا يا فنان وهذا العمل يدور بشكل أساسي حول شخصين؛ الأول في السجن لا حول له ولا قوة، ولن يستطيع أن يرد عليك.. والأخر في الحكم لن تستطيع أن تقترب منه بكلمة نقد واحدة.. وبالتالي، المقدمات تقول إنه لا مجال للإنصاف والعدل، فالنتائج ستقودنا حتما إلى عمل فني مشوه وغير منصف، ويساعد في إذكاء حالة الانقسام والاستقطاب التي يعيشها الشعب المصري.

واعتبر المحامي مصطفي عزب، ما يقوم به “السقا” نهاية له وشهادة وفاة فنية، مرجعا حملة الشتائم والسب من وجهة نظره إلى أن جرأة الإقدام على هذه الخطوة في ظل قرب الأحداث ووجود أبطالها الحقيقيين على وجه الحياة.

تقدير بتوجس

وفي المقابل،أعرب أحمد محمد عبد الجواد، الأمين العام السابق لحزب مصر القوية، عن تقديره للسقا، وكونه فنانا محترما، مرجعا الهجوم عليه إلى خوف جماهيره على اهتزاز صورته عندها، خاصة مع وجود قناعة مسبقة أن أي عمل فني يؤرخ للفترة الراهنة احتمالية أنه يكون غير موضوعي عالية.

وأشار عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إلى أن الفنان الراحل أحمد ذكي تعرض لانتقادات كبيرة جدا، لأنه كان يريد تثميل دور حسني مبارك قبل وفاته لأن الناس رأت أنه “مش ممكن يبقى فيلم محايد وصاحب الشخصية مازال على قيد الحياة ويحكم بلاده، رغم أن السينما أيام مبارك كان فيها مساحات حرية أكبر كثيرا من هذه الأيام” .