العدسة – باسم الشجاعي
يوما بعد يوم، تكشف تل أبيب -على لسان مسؤولين لها- النقاب عن شكل التطبيع الذي يجمع المملكة العربية السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وسط تكتم المسؤولين في الرياض.
الحلقة الجديدة من مسلسل التطبيع، كشف النقاب عنها الوزير الإسرائيلي للمواصلات والشؤون الاستخبارية، “يسرائيل كاتس”، خلال حواره مع صحيفة “إيلاف” السعودية التي تتخذ من لندن مقرا لها، “الأربعاء” 17 يناير.
وتأتي هذه المقابلة، في إطار الحورات التي تجريها الصحيفة السعودية، منذ نوفمبر الماضي، مع مسؤولين بدولة الاحتلال الإسرائيلي، على غير العادة.
الوزير الإسرائيلي، تحدث في الحوار عما أسماه “المشروع الإقليمي”، في إشارة إلى المخطط الإسرائيلي لإحياء قطار الحجاز، وربط ميناء حيفا بالخليج العربي، عن طريق استكمال السكك الحديدية من بيسان إلى جسر الشيخ الحسين، وإكمال السكك الحديدية في الأردن لترتبط بالسعودية، بإقامة ميناء بحري على جزيرة اصطناعية قبالة قطاع غزة.
ويأتي مشروع ربط ميناء حيفا بالخليج العربي، الذي تحدث عنه “كاتس”، بعد اتفاقية نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، ما ساعد في خلق وضعية جديدة في البحر الأحمر، وهي أكثر أريحية لـ”إسرائيل”.
وذلك لأن مضيق “تيران”، الذي تعبر منه السفن الإسرائيلية باتجاه ميناء إيلات، كان خاضعاً للسيادة المصرية بالكامل، أما الآن فقد تحول إلى ممر دولي.
ويشار إلى أن الرئيس المصري، صادق على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمعروفة إعلاميا بـ “اتفاقية تيران وصنافير”، بعد موافقة مجلس النواب عليها، في يونيو 2017.
ويذكر أن البرلمان المصري أقر نهائيا في 14 يونيو الماضي الاتفاقية، رغم الاعتراضات على البنود التي تتضمن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى المملكة، وكذلك صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا، في يناير الماضي، ببطلان توقيعها.
ويتوقع “كاتس” أن “المشروع الإقليمي لربط الخليج العربي بالسكك الحديدية مع الأردن، يوصل حجم التبادل مع السعودية -في حال نجاحه- لنحو 250 مليار دولار سنويا”.
ويبدو أن هذا المشروع لن يجد معارضة كبيرة من قبل الرياض، التي يسعى ولي عهدها الأمير الشاب “محمد بن سلمان” الطامح في العرش، إلى كسب رضا واشنطن وتل أبيب، إذ لم تعلن السعودية موقفها من المشروع الإسرائيلي حتى كتابة تلك السطور.
ويتزامن نشر حوار الوزير الإسرائيلي، مع ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، عن تشغيل خط جوي يربط نيودلهي وتل أبيب، عبر الأجواء السعودية.
وطرحت الفكرة خلال اجتماع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” الذي يقوم بزيارة للهند، مع نظيره رئيس الوزراء الهندي، “ناريندرا مودي”.
كما يأتي ذلك التطور بعد ساعات من كشف النقاب عن بدء حكومة “نتنياهو” الإجراءات العملية لتدشين خط السكة الحديدية الذي سيصل إسرائيل بالسعودية.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها على موقعها الإلكتروني، أن شركة الطيران الهندية، ستعمل على “تشغيل خط جوي جديد مباشر بين مطار “بن جوريون” الإسرائيلي ونيودلهي، بحيث يمر فوق المملكة العربية السعودية”، وذكرت الصحيفة أن “الخط الجديد سيختصر مدة الرحلة إلى ساعتين، ويخفض تذاكرالسفر، ويزيد بشكل ملحوظ من عدد السياح بين إسرائيل والهند”.
فيما أكدت القناة الإسرائيلية السابعة “الثلاثاء” 16 يناير، أن “الهند ستفاوض المملكة العربية السعودية، من أجل السماح للطائرات الذاهبة من الهند إلى إسرائيل وبالعكس، بالمرور عبر أجوائها”.
ويشار إلى أنه، في 18 يونيو الماضي، بدأت المملكة العربية السعودية وإسرائيل، محادثات لإقامة علاقات تجارية بين البلدين، بدأت بالسماح بعمل الشركات الإسرائيلية في الخليج، والسماح كذلك للخطوط الجوية الإسرائيلية بالتحليق في المجال الجوي السعودي.
وكانت انطلقت، في أواخر مايو الماضي، أول رحلة جوية مباشرة بين العاصمة السعودية الرياض ومدينة تل أبيب، وذلك عندما غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المملكة على متن الطائرة الرئاسية، متوجهاً إلى محطته الثانية إسرائيل، في أولى جولاته العالمية رئيساً للولايات المتحدة.
ويبدو من هذه الأخبار، أن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، الذي يتحفز لتولي مقاليد الحكم في السعودية، يقوم بتعزيز العلاقة مع تل أبيب، من أجل تأمين مظلة دعم أمريكية لطموحاته السلطوية.
فولي العهد السعودي، يحظى بعلاقة طبية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإن كانت بشكل “غير معلن”.
ولعل ذلك يعيد للأذهان، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن “محمد بن سلمان”، قام بزيارة إلى “إسرائيل”، في سبتمبر الماضي، شملت لقاءً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، ولم يكشف عن فحوى اللقاء.
التعاون السري العام بين المملكة العربية السعودية و”إسرائيل”، يبدو منطقيا، نظرا لموقفهما إزاء أمريكا وإسرائيل، اللتين تتقاسمان -بطبيعة الحال- العداء تجاه إيران؛ حيث تتمتع الولايات المتحدة والسعودية بعلاقات قوية وودية، وهي علاقة خاصة تقوم على مبيعات النفط والأسلحة.
اضف تعليقا