العدسة – إبراهيم سمعان

رغم محاولة ظهوره للغرب كمصلح واعتماده على جيل الشباب داخل المملكة إلا أن السياسة الخارجية التي ينتهجها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد تعرقل وصوله إلى العرش وحكم السعودية.

ووفقا للكاتبة بصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية هالة قضماني، مواصلة الأمير محمد بن سلمان منح المرأة المزيد من الحقوق، يدل على رغبته في تعزيز صورته كمصلح، وحليف لجيل الشباب في المملكة السعودية الذين عانوا لسنوات بسبب سلطة المحافظين.

وقالت الكاتبة: إن الأمير الشاب، البالغ من العمر ال 32، يخطو بخطى حثيثة نحو اعتلاء العرش فهو يتمتع بطموح مفرط وحيوية ونشاط في مملكة تعرف بالمحافظة وبطء الإصلاحات، حيث يريد أن يفرض نفسه خارج الحدود بوتيرة عابرة.

وأضافت “قبل السماح لها بقيادة السيارة الصيف المقبل، بناء على إصلاحات ولي العهد، سارعت الفتيات السعوديات الخميس الماضي في جدة لحضور أول مباراة كرة قدم في أماكن خصصت لهن، وقبل ذلك بيوم حضرن أيضا إحدى اللقاءات”.

“من المُسلم به أن الترخيص الممنوح للنساء من قبل وريث العرش يتعلق بثلاثة ملاعب فقط في مدن الرياض وجدة والدمام، لكن هذا الأمر سيزيد تدريجيا” تشير قضماني.

وبينت أنه لا يمر أسبوع دون الحديث في الصحف العالمية عن قرارات ولي العهد، على سبيل المثال، كحواره مع صحيفة “نيويورك تايمز” والحديث عن الإسلام المعتدل الذي يجب أن تعود إليه السعودية، ووصفه النظام الإيراني بـ “هتلر”، الإعلان عن عودة افتتاح دور السينما في المملكة بعد حظرها لعقود، قرارات حول التحالف في الحرب اليمنية في محاولة للهروب من المستنقع، أو من خلال شراء لوحة للرسام ليوناردو دا فينشي بـ 450 مليون دولار.

 

وتقول الكاتبة إن الاستعارات الحيوانية التي يصف بها المعارضون أو المؤيدون ولي العهد كـ “الثور الهائج”، “الدب الداشر” أو “الشبل القوي”، تشير كيف يُنظر إليه على أنه غير عادي أو لديه طاقة ومواصفات قياسية تفوق نظراءه في المملكة.

 

ونقلت “ليبراسيون” عن أحد متعهدي البناء في الشرق الأوسط والذي عمل لمدة ثلاثين عاما في المشاريع العامة السعودية القول: “قوته الرئيسية هي أنه لا يَكل”، مضيفا “لا يجرؤ أحد من كبار المسؤولين على الوصول إلى مكتبه بعد الساعة الثامنة صباحا، خوفا من أن يُدعى لمكتب ولي العهد، قبل ذلك كان التغيب عن العمل طاعون في الإدارات”.

وأوضحت قضماني أن الأمير محمد، الحاصل على شهادة في القانون من جامعة الملك سعود، يعرف أسباب إحباط الشباب، ولذلك يتفهم تطلعات التحديث والانفتاح لدى من هم دون سن الثلاثين، والذين يمثلون ثلثي السكان السعوديين، ففي عام 2011، أسس مؤسسة مسك الخيرية، التي تتمثل مهمتها في تعزيز المواهب والمشاريع المهنية لصانعي القرار الشباب، بما في ذلك النساء.

لكنها أشارت إلى أن الإجراءات التي اتخذها ولي العهد وتدابير التقشف لم تأت إلى الآن بأية نتيجة للجيل الذي يريد أن يعتمد عليه، فرغم تكاثر الوعود الاقتصادية والإعلان عن مشاريع عملاقة، تأخرت الإنجازات كثيرا.

ومن أجل التأكيد على ذاته دوليا، يقدم محمد بن سلمان نفسه كمصلح اقتصادي للمملكة الغنية بالنفط، وأيضا كمجدد ديني برؤية جريئة هدفها تحويل جذري للمملكة المحافظة، تقول قضماني.

 

ففي نهاية أكتوبر الماضي خلال منتدى اقتصادي تحت اسم “دافوس الصحراء” – تبين الكاتبة- وأمام 2500 من صانعي القرار من جميع أنحاء العالم، كشف محمد بن سلمان النقاب عن خطط لمشروع ضخم مستقبلي على البحر الأحمر بقيمة 300 مليار دولار، كما دعا إلى “العودة إلى الإسلام المعتدل قائلا “لن نضيع ثلاثين عاما أخرى في التعامل مع الأفكار المتطرفة، سنقوم بتدميرها الآن”.

 

وأكدت أن الطموح المطلق لمحمد بن سلمان، لا يزال يحميه والده الملك، حيث تمكن حتى الحين من القضاء على منافسيه وأعدائه في الداخل، ولكن في الخارج شرع في مغامرات أكثر خطورة، مثل مستنقع اليمن، الذي لا يعرف حاليا كيفية الخروج منه، أو العداء المفرط تجاه إيران الذي يُجهل عواقبه، مشيرة إلى أن هناك الكثير من المخاطر التي يمكن أن تعرقل صعود ولي لعهد إلى الحكم.