العدسة – إبراهيم سمعان

اعتبر الكاتب “بن لينفيلد” فى صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن هناك عددا من الأسباب وراء عدم اهتمام عبد الفتاح السيسي بشرعية الانتخابات التي ستجري فى شهر مارس القادم، وبعضها يتعلق بأمريكا وأوروبا والخدمات التي يقدمها للطرفين حسبما نقل الكاتب عن مراقبين غربيين فى القاهرة.

وإلى نص المقال

الشيء المحير، هو لماذا لا يريد النظام المصري على الأقل وضع منافس حتى ولو ديكور، بصرف النظر عن المنافسة الحقيقية التي من الممكن أن تعزز شرعية السيسي.

لكن أمر وحيد جعله الرئيس عبدالفتاح السيسي واضحا في الانتخابات التي ستجري فى مارس المقبل، هذا الأمر هو أن هذا الوقت ليس المناسب لممارسة الديموقراطية.

ففى يوم الثلاثاء الماضي اعتقلت السلطات منافس السيسي البارز رئيس أركان الجيش المصري السابق سامي عنان، بعد أيام من إعلانه عزمه الترشح للرئاسة عبر بيان على حسابه على موقع فيس بوك.

وكان السبب الرسمي لاعتقال عنان، أن رئيس الأركان السابق لم يحصل على تصريح من الجيش، ولا يزال في الخدمة ومن ثم لا يجوز له خوض السباق الانتخابي، وأنه زور وانتهك وثائق خدمته العسكرية.

لكن فى حقيقة الأمر، ربما يكون الانتهاك الحقيقي الذي ارتكبه الجنرال السابق، هو أنه أصبح صوتا جديرا بالثقة لانتقاد حكم السيسي الاستبدادي. فقد قال عنان فى شريط فيديو لإعلان ترشحه لمنافسة السيسي، إن مصر تتدهور نتيجة سياسات خاطئة، أثقلت ظهر الجيش وعرقلت القطاعات المدنية بالدولة.

وكان عنان المرشح الرابع المحتمل ضد السيسي الذي يتم محاكمته أو احتجازه، فى حين اختار مرشحون آخرون الانسحاب من مواجهة ما قالوا إنها تهديدات، فبعد يوم من اعتقال عنان، انسحب أيضا المحامي الحقوقي خالد علي.

وباستثناء فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي فى انتخابات 2012 لم تشهد مصر انتخابات رئاسية عادلة على الإطلاق.

ففي الانتخابات التي جرت فى مارس بعد أربع سنوات، فاز السييسي بنسبة 97 % من الأصوات فى أول انتخابات له، فيما تشبه الانتخابات الحالية الاستفتاء.

والشيء المحير هو لماذا لا يريد النظام أن يضع حتى ولو منافسا ديكوريا، دعك من المنافسة الحقيقية التي يمكن أن تعزز من شرعية السيسي.

وقال محمد أنور السادات- ابن شقيق الرئيس الراحل- والذي انسحب من السابق الانتخابي، خوفا علي سلامة طاقمه، فى تصريحات لصحيفة “ديلي تليجراف” البريطانية “يبدو أنهم حتى لا يهتمون، كيف يبدو الأمر “.

ويبدو على الجانب، أن الاستنتاج الحتمي، هو أن النظام يعتقد أنه يكفي الاعتماد على “الخوف” فى حكمه. فبعد 7 سنوات من الإطاحة بالديكتاتور السابق حسني مبارك، أصبح التسامح مع المعارضة حاليا أقل مما كان فى ظل نظام مبارك .

ولا ينبع عامل الخوف من الخطوات شديدة الوحشية التي تتخذها السلطات ضد المعارضة فحسب بل أيضا من النظام الذي يبرز صورة مصر على أنها تحت تهديد قاتل من الإرهابيين، مما يجعل من الضروري أن يحتشد الجميع خلف السيسي لكي يبقى على قيد الحياة.

وقال يورام ميتال أكاديمي متخصص فى الشأن المصري بجامعة بن جوريون: “إن عقلية الدولة العميقة؛ المخابرات، والشرطة، والجيش، تعكس افتراضهم أن مصر تحت تهديد وجودي، وأن الوقت الحالي هو وقت الطوارئ، وأنه ليس من الصواب استخدام إجراءات نظامية أو طبيعية، وأن هناك حاجة دائمة إلى إجراءات الطوارئ”.

وأضاف ميتال “فى رأي النظام المصري لا يوجد فرق بين جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش.. وأعتقد أن معظمنا يعتقد أن السيسي سيفوز بالانتخابات، وأنه ليست هناك حاجة لإجراءات دراماتيكية.. لكن النظام أراد أن يرسل رسالة مفادها: أن هذا الوقت ليس الوقت المناسب للنضال الديمقراطي، وأن (النظام) يتوقع أن يحتشد المصريون خلف السيسي” .

وعلى الرغم من أن توقيف الدولة لعنان، جاء بعد يومين فقط من لقاء السيسي بنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، لم يقدم بنس أي تعليقات علنية حول أوضاع حقوق الإنسان المتدهورة فى مصر، كما من غير المرجح أن يكون ذكره بشكل خاص خلال لقائه بالسيسي.

وقال مراقب غربي فى القاهرة إن السيسي يعتقد أنه مطلق اليد من قبل إدارة ترامب بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والديموقراطية، كما يشعر بدرجة من التغطية من قبل الاتحاد الأوروبي لأن البحرية المصرية تعترض اللاجئين والمهاجرين الذين فى طريقهم إلى أوروبا .

وأشار المراقب الغربي إلى أن البرلمان قام مؤخرا، بتمديد حالة الطوارئ فى البلاد. كثير من الناس يعتقدون حقا أن الشيء الوحيد الذي ما دون الزعيم القوي والدولة هي الفوضي .

وبالنسبة للنظام ” لابأس من إجراء الانتخابات خلال حالة الطوارئ لأنك من المفترض أن يكون لديك انتخابات لكن يجب أن يبدو واضحا أن لدينا زعيم واحد هو السيسي وهذه الطريقة التي سيتم بها الانتخابات” وفقا للمراقب الغربي.

ومن وجهة نظر أوفير وينترز، وهو متخصص فى الشأن المصري، وهو خبير فى معهد دراسات الأمن القومي، فإن التعامل مع السباق الرئاسي يظهر أن مصر تتحرك للوراء.

وأضاف ” إنهم يعودون إلى النمط الاستبدادي، على الرغم من أنه كانت هناك آمال فى المزيد من الديموقراطية بعد الربيع العربي، ولكن الانتخابات الحالية تثبت، أننا بعيدون جدا عن هذا الهدف، وسنبعد أكثر وأكثر، إن الوضع فى بعض الحالات أسوأ من عهد مبارك، فالخوف من أي تعبير أو تصريح ربما ينحرف عن الخط الرئيسي أصبح أكثر بكثير اليوم.