وجه السياسي البريطاني البارز ديفيد ديفيس رسالة إلى وزير الخارجية جيمس كليفرلي دعاه فيها إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف التمويل البريطاني المقدم للجهات السورية التي تنفذ عمليات احتجاز غير قانونية ضد الأطفال في شمال شرق سوريا.
تأتي الرسالة في أعقاب الكشف عن أن يوسف ذهب، وهو مواطن أسترالي يبلغ من العمر 19 عامًا، محتجز في سوريا منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره ويُعتقد أنه قُتل في هجوم شنه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في يوليو / تموز 2022 على سجن في مدينة الحسكة.
وفي رسالته طالب ديفيس أيضًا وزارة الخارجية بالكشف عن عدد القاصرين البريطانيين المحتجزين في معسكرات يديرها أكراد سوريون نيابة عن الغرب.
الواقعة المأساوية التي تعرض إليها يوسف تسلط الضوء على محنة الأطفال الذين نُقلوا إلى سوريا بواسطة آبائهم الذين رغبوا في الانضمام لصفوف داعش، وتعرضوا للاعتقال بعد هزيمة التنظيم ولم يفرج عنهم حتى الآن.
كتبت الأمم المتحدة إلى الحكومة البريطانية في عام 2022 قائلة إنها تعتقد أن المملكة المتحدة تقدم ما يصل إلى 20 مليون جنيه إسترليني لتمويل معسكرات الاعتقال، بما في ذلك واحد يحتوي على 690 قاصر، بعضهم لا تزيد أعمارهم عن تسعة أعوام.
أعرب ديفيس في رسالته عن خيبة أمله لأن وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، اللورد أحمد، لم يستجب لطلبه بتحديد عدد الأطفال البريطانيين المحتجزين في معسكرات الاعتقال الممولة من بريطانيا في سوريا.
وأشار ديفيس إلى أن فرنسا وألمانيا وإسبانيا والدنمارك وكندا وهولندا والعديد من الدول الأخرى قد أعادت عائلات من شمال شرق سوريا وكان هناك إجماع بين حلفاء المملكة المتحدة، ولا سيما الولايات المتحدة، على أن الحكومات لا يمكنها التنصل من مسؤوليتها فيما يتعلق بهذه المسألة.
وأضاف أنه في يونيو/ حزيران صرح وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين بأن “العودة إلى الوطن هي الحل الدائم الوحيد” وأن عدم القيام بذلك ينطوي على مخاطر أمنية كبيرة ويمكن أن يؤدي إلى عودة ظهور داعش.
وتابعت رسالة ديفيس: “الأطفال البريطانيون محتجزون في ظروف مزرية، في زنازين مكتظة من 20 إلى 25 شخصًا، مع تهوية سيئة ومراحيض مفتوحة، وإمكانية محدودة للحصول على الطعام والرعاية الطبية… يُحتجز بعض الأولاد في زنازين مع رجال بالغين… الأولاد في هذه السجون معرضون لخطر العنف والعنف الجنسي والاتجار والتجنيد القسري والموت “.
وأضاف أن اعتقالهم “تعسفي ويشكل عقابًا جماعيًا – وانتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، بتمويل جزئي من دافع الضرائب البريطاني”.
وشدد ديفيس “نحن بحاجة ماسة لتغيير السياسة الحالية… إن إدانة العائلات البريطانية بالاحتجاز إلى أجل غير مسمى دون محاكمة يتعارض مع القيم البريطانية وسيادة القانون… إن إعادة العائلات البريطانية إلى الوطن هي الخيار المعقول الوحيد بالنسبة للأمن البريطاني والعالمي “.
من جانبها قالت مايا فوا، مديرة الجمعية الخيرية القانونية “ريبريف”: “المحنة التي عانى منها يوسف ذهب وعائلته توضح سبب خوف العائلات البريطانية التي لديها أقارب في شمال شرق سوريا… حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من احتمال وجود صبية بريطانيين في هذه السجون محتجزين في زنزانات مع البالغين”.
وتابعت “في كل يوم تستمر حكومة المملكة المتحدة في سياسة عدم اتخاذ أي إجراء، فإن الخطر يزيد من اختفاء الأطفال البريطانيين الذين هم على أعتاب مرحلة المراهقة في هذه الثقوب السوداء، وربما لن يتم رؤيتهم مرة أخرى أبدًا… بدلاً من الاستمرار في تمويل غوانتنامو جديد في الصحراء، ينبغي على الحكومة أن تحذو حذو حلفائها وإعادة العائلات البريطانية إلى الوطن”.
الجدير بالذكر أن اللورد أحمد سبق ورد على تقارير “ريبريف” في رسالة في مارس / آذار قائلًا “المسؤولية عن مرافق الاحتجاز والمعسكرات ورفاهية المعتقلين، أو احتجازهم، أو نقلهم، أو مقاضاتهم، هي في النهاية مسألة تخص السلطات التي يتم احتجاز الأفراد بموجب ولايتها القضائية، في هذه الحالة: الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “.
وأضاف: “المملكة المتحدة ملتزمة بمعالجة التحدي المتمثل في زيادة انعدام الأمن والاحتياجات الإنسانية المتزايدة في شمال شرق سوريا وتدعم السكان المعرضين للخطر هناك بالمساعدات الحيوية المنقذة للحياة، بما في ذلك في مخيمات النازحين داخليًا والمستوطنات والمجتمعات”.
وتابع “ليس للمملكة المتحدة وجود قنصلي داخل سوريا يمكن من خلاله تقديم المساعدة… هذا يجعل من الصعب تقديم مساعدة مباشرة للمواطنين البريطانيين الموجودين هناك، لكننا نفكر جيدًا في كيفية دعم كل مواطن بريطاني يطلب مساعدتنا. نحن ملتزمون بالنظر في كل طلب للمساعدة القنصلية على أساس كل حالة على حدة”.
اضف تعليقا