قضت محكمة سعودية بالإعدام ضد مواطن ندّد بفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان في المملكة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما اعتبرته السلطات جريمة تستوجب الردع بأقصى العقوبات الممكنة.

وحسب ما أفاد شقيقه ومصدر مطلع على القضية وكالة فرانس برس الاثنين المنصرم، فإن المحكمة الجزائية المتخصصة -تأسست عام 2008 للنظر في قضايا الإرهاب- أصدرت حكمًا بالإعدام ضد المواطن السعودي محمد الغامدي (55 عاما) في تموز/يوليو الماضي، بعد حوالي عام ونصف على توقيفه في شباط/فبراير 2022.

وقال مصدر مطلّع على القضية إنّ الاتهامات شملت “دعوته للإخلال بأمن المجتمع والتآمر على النظام الحاكم، ومحاولة التشكيك في مؤسسات الدولة والمجتمع وتأييده للفكر الإرهابي”، كما اتُهم بمتابعة حسابات معارضين على منصّتَي إكس (تويتر سابقًا) ويوتيوب.

وأكّدت المحكمة أنها أصدرت الحكم “بالقتل تعزيزا لفداحة ما صدر عنه وخطورة ما أقدم عليه”.

وقال سعيد الغامدي، شقيق محمد والناشط الذي يعيش خارج المملكة العربية السعودية، إن القضية مبنية على منشورات على منصة “إكس” تنتقد الحكومة، أعرب خلالها عن دعمه لعدد من معتقلي الرأي مثل رجلَي الدين المسجونين سلمان العودة وعوض القرني.

وأضاف أن المناخ السياسي في المملة “ملوّث بالقمع والإرهاب والاعتقالات السياسية لمجرد التعبير عن الرأي، حتى بالتغريدات أو الإعجابات التي تنتقد الوضع في البلاد.

من ناحيته، ذكر مركز “الخليج لحقوق الإنسان” أنه كان لحساب الغامدي تسعة متابعين فقط على موقع “إكس”، في الفترة محل الاتهام.

وأضافت لينا الهذلول، رئيسة قسم التواصل في مؤسسة “القسط” لحقوق الإنسان ومقرها لندن، “المحاكم السعودية تصعّد من قمعها وتكشف علانية عن وعودها الفارغة بالإصلاح”، متسائلة “كيف يمكن للعالم أن يصدّق أن البلاد تقوم بالإصلاح في حين أن المواطن سيُقطع رأسه بسبب تغريدات على حساب غير نشط لديه أقل من 10 متابعين؟”.

وتواجه السعودية انتقادات متكررة وواسعة النطاق لاستخدامها المفرط لعقوبة الإعدام، خاصة وأنه تم إعدام 147 شخصا، من بينهم 81 في يوم واحد عام 2022 وهذا العدد هو ضعف عدد الإعدامات الذي تمّ في 2021 والبالغ 69.

وهذا العام، تم تنفيذ 94 عملية إعدام حتى الآن، وتنفّذ المملكة في غالب الأحيان أحكام الإعدام بقطع الرأس.

منذ وصول محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد في 2017، تتّبع السعودية أجندة إصلاحية طموحة تُعرف باسم “رؤية 2030” تهدف إلى تحويل المملكة التي كانت مغلقة سابقًا إلى وجهة سياحية وتجارية عالمية وتعتمد إصلاحات اجتماعية، لكن ذلك يترافق مع استمرار قمع المعارضة والحريات وفرض قيودًا صارمة على أي نوع من أنواع التعبير عن الرأي، حتى لو كان عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى السجن المؤبد أو الإعدام.

حالة الغامدي ليست الأولى، العديد من معتقلي الرأي في السعودية يواجهون أحكامًا قاسية بسبب النشر على وسائل التواصل الاجتماعي ومحاولة انتقاد السلطات، كما حدث مع سلمى الشهاب التي حكم عليها بالسجن لأكثر من 20 عامًا، فيما حكم على نورة القحطاني بالسجن لمدة 45 عامًا، والتهمة متابعة حسابات لمعارضين ونشر وإعادة نشر تغريدات تنتقد السلطات.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا