أعلنت وزارة الداخلية الألمانية إلغاء برنامج تدريب القوات الحدود السعودية بعد تورط الأخيرة في جريمة قتل جماعي للمهاجرين وطالبي اللجوء على حدود البلاد مع اليمن -بينهم نساء وأطفال-، وأوضحت الداخلية أن هذا القرار جاء بسبب رغبتها في عدم الاشتراك في جرائم حقوقية محتملة في حال استمر التعاون مع هذه القوات.

وفي بيان أُرسلت نسخة منه إلى صحيفة الغارديان البريطانية، قالت الوزارة إن التدريب الذي تجريه خدمة الشرطة الفيدرالية لقوات الحدود السعودية “توقف بعد ظهور تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وكإجراء احترازي، لم تعد القوات السعودية مدرجة في التدريب الحالي”.

وأضاف البيان: “لم نصدر في أي وقت من الأوقات أي تعليمات أو نقدم تدريبات من قبل الشرطة الاتحادية لحرس الحدود السعودي في المنطقة الحدودية بين السعودية واليمن”.

ويأتي البيان الألماني في أعقاب تزايد القلق الدولي بشأن مزاعم خبراء الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأن قوات الحدود السعودية قتلت مئات المهاجرين الذين تم الاتجار بهم أثناء محاولتهم عبور الحدود في السنوات الثلاث الماضية.

على الرغم من أنه لم يكن من الواضح متى قررت ألمانيا إنهاء التدريب، فإن التقارير التي تفيد بأن قوات الأمن السعودية كانت تطلق النار على المهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود من اليمن بدأت تظهر لأول مرة في عام 2020، وتزايدت في الفترة 2022-2023.

أشارت رسالة أرسلتها مجموعة من مقرري الأمم المتحدة إلى المملكة العربية السعودية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي إلى أن المئات من المهاجرين الإثيوبيين الذين تم الاتجار بهم قُتلوا على يد القوات السعودية على الحدود، وقد نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش إفادات لضحايا ناجين سردوا الأهوال التي واجهوها على الحدود السعودية.

وذكرت صحيفة الغارديان هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة وألمانيا شاركتا في برامج تدريب منذ فترة طويلة للقوات التابعة لوزارة الداخلية السعودية والمسؤولة عن الأمن البري والبحري، بما في ذلك القوات الحدودية.

وفي بيان لصحيفة الغارديان، قالت وزارة الخارجية إنها “لا تملك أي معلومة بأن قوات حرس الحدود البرية السعودية يشاركون حاليًا في أي تدريب تابع للحكومة الأمريكية”.

وتابع البيان “على حد علمنا، لم يكمل أي من حرس الحدود البرية التدريب الذي قدمه [الجيش الأمريكي] من عام 2015 إلى عام 2023 لحرس الحدود السعودي… وركز هذا التدريب على الأمن البحري وعمليات خفر السواحل… منذ علمها بهذه الادعاءات، أثارت الولايات المتحدة هذه القضية مرارًا وتكرارًا في المنتديات الدولية، بما فيها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2023، وواصلت الإدارة التواصل مع كبار المسؤولين السعوديين بشكل مباشر لحث المملكة العربية السعودية على إجراء عملية تدقق شاملة لهذه الادعاءات”.

وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت قوات وزارة الداخلية الأخرى المنتشرة على الحدود قد تلقت تدريبًا أمريكيًا، أضاف المتحدث: “هناك حدود لمعلوماتنا فيما يتعلق بما يحدث على الحدود السعودية اليمنية، بما في ذلك القوات السعودية العاملة هناك… ولهذا السبب ضغطنا على السعودية لإجراء تحقيق شامل وشفاف في هذه الادعاءات”.

وقال مسؤولون أمريكيون إن البرنامج الذي قدم المساعدة لقوات الحدود السعودية انتهى في يوليو/تموز من هذا العام لأسباب لا علاقة لها بمزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ومما يزيد من تعقيد مسألة تحديد الوحدات السعودية التي قد تكون متورطة في عمليات القتل المزعومة في منطقة الحدود اليمنية هو حقيقة أن عددًا من الوحدات المختلفة قد تم نشرها هناك لدواع أمنية، والعديد منها تحت مظلة وزارة الداخلية.

تشمل تلك القوات فوجًا جديدًا واحدًا على الأقل مخصصًا لأمن الحدود، ويعمل تحت قيادة وزارة الداخلية، بالإضافة إلى قوات مستمدة من القبائل المحلية والمقاولين الذين يقال إنهم يعملون من جنوب اليمن.

حظيت قضية وفيات المهاجرين على الحدود اليمنية باهتمام واسع النطاق في وقت سابق من الشهر الماضي بعد تحقيق مفصل أجرته منظمة هيومن رايتس ووتش، والتي أجرت مقابلات مع عشرات الإثيوبيين الذين قالوا إنهم تعرضوا لهجوم من قبل حرس الحدود السعوديين أثناء محاولتهم العبور إلى المملكة العربية السعودية من اليمن.

وباستخدام صور الأقمار الصناعية، وصور الوفيات الناجمة عن أكثر من 20 حادثة، وشهادات الشهود الناجين، وفحص خبراء الطب الشرعي لجروح الناجين، كونت هيومن رايتس ووتش صورة مقنعة ومروعة لحملة متصاعدة من العنف الشديد تستهدف الأشخاص الذين يحاولون العبور إلى الحدود السعودية.

تصف شهادات الشهود عمليات القتل الجماعي، حيث يموت النساء والأطفال في القصف، وينتشر الموتى وأشلاء الجثث على طول الممرات، من بين هذه الشهادات حمدية – فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً عبرت الحدود ضمن مجموعة مكونة من 60 شخصاً في فبراير/شباط- والتي قالت في إفادتها: “رأيت أشخاصاً يُقتلون بطريقة لم أتخيلها من قبل… رأيت 30 شخصاً مقتولين على الفور”.

من جانبها، وصفت نادية هاردمان، الباحثة الرئيسية في هيومن رايتس ووتش المعنية بالتقرير، النتائج التي توصلت إليها بأنها “صادمة ووحشية”، وأضافت “أنا أغطي أحداث العنف على الحدود، لكنني لم أصادف قط شيئاً من هذا النوع، أي استخدام الأسلحة المتفجرة، بما في ذلك ضد النساء والأطفال”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا