العدسة – إبراهيم سمعان
كانت الحكومة اليمنية على وشك الطرد الاثنين (29 يناير 2017 ) من مدينة عدن، الميناء الجنوبي والعاصمة المؤقتة للبلاد، فيما لا تزال صنعاء بيد المتمردين الحوثيين، فالقتال الذي اندلع في المدينة بين قوات الحكومة والانفصاليين الذي يطالبون بمغادرة حكومة رئيس الوزراء أحمد بن دغر، باعتبارها غير كفء وفاسدة، وأسفر عن عشرات القتلى والجرحى، يكشف عمق الخلاف بين التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
تحت هذه الكلمات سلطت صحيفة “لوموند” الفرنسية الضوء على المعارك الضارية بين قوات تابعة للحكومة اليمنية والانفصاليين في عدن الذين يسعون لإنشاء دولة “اليمن الجنوبي” التي كانت موجودة قبل الوحدة عام 1990، وساعدوا القوات الحكومية في حربها على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
الميليشيات التابعة للحركة الانفصالية جنوب اليمن استقدمت تعزيزات عسكرية من مقاطعة أبين الاثنين بعد قصف قاعدة للحرس الرئاسي في الليل بمدافع الهاون، فيما ظل مطار المدينة مغلقا، وكذلك المدارس والجامعات، وامتد القتال لمنطقة “خور مقصر” حول القصر الرئاسي.
الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي لا يزال في المنفى بالمملكة، دعا الرياض إلى وقف العنف والبدء في الوساطة، ومن جهتها قالت السعودية التي قادت حربا على رأس تحالف من الدول العربية ضد التمرد الحوثي في مارس 2015 دفاعا عن حكومة هادي ” يجب ألا نقبل بتصفية الحكومة الشرعية”، فيما حذر رئيس الوزراء بن دغر، على حسابه بتويتر، من “المواجهة العسكرية واسعة الانتشار” في عدن.
“ليبيا جديدة”
ومع ذلك، فإن هذه المعارك تسلط الضوء على الخلافات العميقة داخل الائتلاف العربي: يوم الأحد، اتهم صديق مقرب من بن دغر الإمارات العربية المتحدة، الحليف الرئيسي للرياض في حرب اليمن، بدعم “محاولة الانقلاب” هذه، فالإمارات لديها علاقتها معقدة مع هادي، وفي جنوب البلاد، تعتمد على هذه الحركة الانفصالية التي تسلحها وتمولها.
وبعد ثلاث سنوات من الحرب، لم يكن للحكومة سوى وجود صغير في عدن، حيث رئيس الوزراء ونائب وزير المالية فقط، قائمين بشكل دائم في قصر الرئاسة. أما الحرس الرئاسي، الذي يحميهم، وإن كان يمتلك أسلحة لقيادة مقاومة شرسة لا هوادة فيها، فميزان القوى يميل لصالح الميليشيا المُخلصين للمجلس الانتقالي الجنوبي، الحكومة الموازية البدائية التي أنشأها الانفصاليون.
ويقول الانفصاليون إن القتال قد تصاعد بعد أن حاول الحرس الرئاسي منع المتظاهرين من الاحتجاج عقب إنذار صدر يوم 22 يناير من قبل المجلس الانتقالي لرئيس الوزراء بن دغر لمغادرة عدن، حيث كان السفير السعودي في اليمن محمد الجابر أعلن في 23 يناير أيضا أن هذا الإنذار “غير مقبول”.
وفي الخفاء، تعترف السلطات السعودية بعدم شعبية الحكومة اليمنية ونقاط ضعفها في مواجهة الفساد، وترغب في تشديد سيطرتهم على البنك المركزي اليمني الذي قررت الرياض دعمه بـ 2 مليار دولار (1،61 مليار يورو) في 17 كانون يناير لمنع انهيار العملة.
وقال مسؤول سعودي في الرياض الجمعة لصحيفة لوموند “هذا صحيح: الحكومة ليست مثالية، ولكن مهمتنا هي الحفاظ عليها لأنها إذا اختفت، فإن الدولة الشرعية ستختفي معها، وسيصبح اليمن صومالا جديدا، ليبيا جديدة”.
من جهته قال رئيس دبلوماسية دولة الإمارات العربية المتحدة أنور قرقاش مساء الأحد الماضي إن بلاده لا تزال مرتبطة بالقيادة السعودية في التحالف وستتعامل مع حلفائها الجنوبيين إذا ما سعوا إلى الاستقلال، لكنه لم يتطرق إلى مستقبل أعضاء حكومة عبد ربه منصور هادي المتواجدين في عدن.
اضف تعليقا