العدسة – ربى الطاهر

يظل شبح علامات الشيخوخة هو الهاجس الذي يشغل بال كل من بدأت بوادر تلك المرحلة في الظهور عليه، فقد تجد الكثير من النساء في بدايات الثلاثينيات تتفحص في بشرتها، وقد تلجأ إلى كريمات شد الوجه وإخفاء التجاعيد، والخوف من تلك الشعيرات البيضاء التي  تبدأ خلسة في الظهور… إلخ، ولكن هل الحل يكمن في استخدام أدوات التجميل، للظهور في مراحل أقل عمرا؟ وحتى لو نجحت تلك الحيلة، هل ستنجح في كل المراحل، أم أن لهذه الحيلة هي الأخرى عمرا محددا وبعدها لا تفلح؟ فهل هناك أساليب علمية للحماية من ذلك؟ وكيف يمكن التخفيف من علامات التقدم في السن التي تظهر علينا؟

العديد والعديد من الأسئلة التي  يمكن الإجابة عليها خلال الأسطر القادمة.

ويشير جان كروتمان، رئيس معهد لايبنيتس لبحوث الطب البيئي، إلى أن الإنسان في هذا العصر يعيش عدد سنوات أطول مما كان في العقود السابقة، كما أن مظهره يبدو أكثر شبابا، بل وأكثر حيوية كذلك ممن عاشوا نفس مرحلته العمرية في الماضي، ورغم هذا لم يقتنع بذلك، فيظل يرفض هذه العلامات التي  تشير إلى تقدمه في العمر، ويسعى حثيثا إلى التخفيف من تلك العلامات.

عوامل الإسراع بظهور الشيخوخة

ويضيف كروتمان إلى أن 20 أو 30 % من التغيرات التي تظهر على البشرة ترجع بالأساس إلى عوامل وراثية، ويبقى نسبة تتراوح ما بين 70 إلى 80 %، هي التي  تأتي نتيجة لتأثيرعوامل البيئة كالتعرض للأشعة الفوق بنفسجية، أو التلوث المنتشر بنسبة كبيرة في الهواء.

كما قد يؤثر نمط المعيشة والتغذية وكذلك البيئة على شكل الإنسان، وتلك التغيرات التي  تظهر على ملامحه بشكل كبير وملحوظ، فربما تتسبب العوامل السابقة في الإسراع بظهور التجاعيد في سن مبكر، أو قد تظهر الشعيرات البيضاء التي  سريعا ما قد تنتشر بشكل مفاجئ، كما قد تبدأ تلك البقع الداكنة في الظهور على البشرة، وربما العكس فقد يتأخر كل ذلك، وقد أورد موقع “فوكوس أونلاين”، أنه بالإضافة إلى العوامل السابقة، قد يتدخل عامل آخر مهم في إظهار علامات تقدم السن على شخص دون غيره، وهو الجينات التي  تلعب دورا مهما في ذلك.

كما أن طريقة التغذية الغير صحية، وانتهاج بعض السلوكيات الضارة كالتدخين، أو شرب الكحوليات، بالإضافة إلى قضاء وقت طويل تحت أشعة الشمس، والتعرض للإجهاد المستمر يؤثر بشكل كبير على الخلايا البشرية، ومن ثم على حمضه النووي الـ ” “DNA، بغض النظر عن عمره، وبالتالي، إلحاق الضرر بكافة الخلايا الجسدية.

للخلايا دور رئيسي

كما قد أوضح “مارتين دينزل” من معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الشيخوخة، إننا لكي نفهم تلك التغيرات التي  تنتشر على جميع أعضاء الجسم لتنذر ببداية الشيخوخة، فعلينا الانتباه إلى نمط الحياة المتبع، وكذلك الأخذ بعين الاعتبار إلى عامل البيئة، والتي تؤثر على خلايا الجسم كافة  وأضاف: ” إن تأثير الشيخوخة لا يقتصر على عضو واحد بعينه من جسم الإنسان، وإنما يؤثر على كافة الجسد دون استثناء، وهذا يعني أن العلامات الخارجية التي  تتضح على المظهر الخارجي ترتبط بعملية متصلة بباقي الجسم، لتعطينا إشارات عن حالتنا الداخلية الصحية”.

ويكمل “دينزل” بقوله: ” إن الشيخوخة  باختصار هي إعلان أن الجسم أصبح غير قادر على التعامل مع بذل المجهود المعتاد في السنوات السابقة، أو التعرض للإجهاد، وهو ما يفسر تجمع تلك الطفرات – التي من شأنها أن تضعف الجسم وتجعل أعضاءه أكثر وهنًا، ومن ثم التعرض بنسبة كبيرة للأمراض، وربما أيضا بنسبة أكبر إلى السرطان- في خلايا الجسم.

ويوضح جان كروتمان أن تلك التغيرات التي تصيب الخلايا يعبر عنها هذا التغير الخارجي في الجلد، أو بمعنى آخر، تترك أثرها على الجلد بتغيير لونه، أو تصيبه البقع التي تجعل لونه غير متجانس، وربما أيضا يُفسح المجال للنمش الشيخوخي (عبارة عن بقع كبدية داكنة)، ومن جانب آخر، انخفاض مرونة الجلد، فتظهر تلك الخطوط المزعجة “التجاعيد”.

عوامل تأخير الشيخوخة

بالتأكيد فإن حلم أي شخص على أعتاب هذه المرحلة، هو التخلص منها أو تأخيرها إلى أبعد قدر، ولذلك كانت هناك العديد من النصائح ومن مختلف الاتجاهات، سواء على المستوى النفسي أو البدني، وكذلك الأسلوب المعيشي .

فقد ينصح بعض الأطباء بتعليمات قد تبدو تقليدية ومتكررة، مثل ممارسة الرياضة، وتحديدا رياضة المشي، وهو ما يتعلق كذلك بتحسن الحالة الصحية والنفسية على حد سواء، واتباع نظام غذائي صحي يبتعد فيه كل ما قد يؤثر سلبا على صحة القلب والسمنة، مثل الدهون ومراقبة الكوليسترول، ومراجعة الطبيب بشكل دائم، مع الحرص على القيام بفحص طبي دوري للاطمئنان على كافة الأعضاء، أو حتى النصح بشرب كميات وفيرة من المياة، لما لها من تأثيرات إيجابية، مثل تأخير التجاعيد، وأيضا تناول الفيتامينات والمكملات الغذائية، مع الحرص على عدم التعرض لأي ضغط نفسي أو عصبي، ومحاولة جعل الحفاظ على البيئة المحيطة في إطار هادئ ومريح.

بينما ينصح فريق آخر باتباع سلوكيات غير تقليدية ربما الهدف منها إدخال عوامل مبهجة إلى العادات اليومية، أو عوامل تساعد على المزيد من الاسترخاء، ومن ذلك ما نشره بعض الخبراء الطبيين على موقع “غوفيمين”، حيث وجهوا النصيحة لكبار السن بالرقص، بل وكان السؤال الذي طرحوه من خلال الموقع، هو هل تتذكر المرة الأخيرة التي  رقصت فيها؟.. إذا كانت هذه المرة قد مر عليها أكثر من أسبوع، فعليك بتكرارها سريعا.. مؤكدين أن لهذا الأمر تأثيرا إيجابيا على الحالة المزاجية، وخاصة لكبار السن، كما أنه يساعد على الاسترخاء.

وربما يساعد أيضا الانتظام في لقاءات مع الأصدقاء المقربين، وتذكر الأحداث اللطيفة، والشعور بالدفء في الجلسات الحميمية، ونسيان الهموم.. كل هذا من شأنه تحسين الحالة المزاجية، وبالتالي، ينعكس على الصحة بشكل عام، وتأخير الشيخوخة بشكل خاص.

وقد يكون لتقديم موعد النوم نصف ساعة يوميا أثر إيجابي، حيث إن قلة النوم تلعب دورا هاما في الإسراع باظهار علامات الشيخوخة.

ومن تلك النصائح كذلك، صعود السلالم في الأماكن المرتادة، ونسيان المصعد، حيث إن أي ممارسة للحركة والنشاط  يبعد احتمالات السمنة ويفيد الصحة.

والغريب فيما قيل، أن المشاجرات البسيطة قد تفيد في التخلص من المشاعر السلبية والأمور المؤرقة، فكانت النصيحة بالتحدث في الأمور المزعجة بصراحة، حتى وإن احتد الحوار إلى حد الشجار.

واتباع نظام غذائي يعتمد على “الزبادي” يوميا يقي من الإصابة بمرض السكري، ويمكن كذلك تقطيع الفواكة الطازجة عليه أو خلطه بالعسل.

كما أن انتهاج طريقة سليمة للتنفس ببطء وعمق تساعد على التخلص من التوتر الذي قد ينشأ عن طريقة التنفس بسرعة وبسطحية.

واللجوء إلى الضحك بعد يوم عمل شاق ومتعب قد يزيل أثر هذا الأجهاد، وهناك مقولة تعبر عن أهمية الضحك تقول: ” كل دقيقة من الضحك تطيل بالمقابل عمر الإنسان ساعة”.

ويعتبر تناول القهوة من الأمور التي  تقلل من مخاطر بعض الأمراض مثل الزهايمر والسكري، وكذلك مرض باركينسون على ألا تزيد عدد الأكواب عن أربعة يوميا.

كما يساهم في ذلك أيضا، التقليل من وقت مشاهدة التلفاز والكمبيوتر ساعة يوميا، على أن يتم استغلال هذا الوقت في ممارسة المشي في الهواء الطلق مما يساعد على حرق الدهون وصفاء الذهن.

ويبقى أن من يريد أن ينعم بصحة جيدة عليه باتباع كل النصائح التقليدية من تناول الخضروات والخلود إلى النوم المبكر، وعلى الرغم من أنها قد تبدو أمورا سهلة، لكن المواظبة عليها قد تكون صعبة التنفيذ.