العدسة – جلال إدريس

أثارت الولايات المتحدة الأمريكية حالة من الجدل الواسع على المستويين الفلسطيني والمصري، بعدما أعلنت الخارجية الأمريكية، أمس الأربعاء عن إدراج إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على لائحة “الإرهابيين”، وكذلك إدراج حركة “الصابرين” الفلسطينية، وحركتي “لواء الثورة” و”حسم” المصريتين على قائمة الإرهاب الأمريكية.

توقيت القرار وطبيعته فتحت باب التساؤلات الواسع عن مغزاه، خصوصا وأن وضع “هنية” رئيس المكتب السيساسي لـ”حماس” على قوائم الإرهاب جاء في وقت تسعى فيه أطراف دولية عدة لإحياء المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها “فتح وحماس”.

كما أن القرار جاء في توقيت تظهر فيه أمريكا انحيازاها بشكل كبير لـ”إسرائيل” على حساب القضية الفلسطينية، خاصة بعدما أعلن ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس، واعتبارها عاصمة لإسرائيل.

من ناحية أخرى، فإن تصنيف “حركتين مصريتين” على قوائم الإرهاب الأمريكية، قد يفتح باب التساؤل عن مصير جماعة الإخوان المسلمين خاصة وأن النظام العسكري في مصر كان دائم الربط بين الجماعة وهاتين الحركتين، وهل من الوارد أن يكون مثل هذا القرار تمهيدا لتصنيف “الإخوان” كمنظمة إرهابية، وهي الخطوة التي يؤكد مراقبون أن “ترامب” يسعى لتنفيذها بينما تتصدى له أطراف أخرى في الإدارة الأمريكية؟

أمن إسرائيل والسيسي

السيسي و إسرائيل

 

الخارجية الأمريكية بررت قرارها بأنه يستهدف التضييق على التنظيمات الإرهابية التي تستهدف أمن الشرق الأوسط وإسرائيل، لكن مراقبين أكدوا أن القرار يستهدف أيضا  أمن “الجنرال عبد الفتاح السيسي” في مصر، حيث إن المنظمتين اللتين صنفتا كإرهابيتين في مصر متهمتان بالقيام بعمليات عسكرية ضد الجيش والشرطة المصرية، وهو ما يعني أن القرار ضمن قائمة التعاون والتنسيق الأمني بين أمريكا ومصر.

وبحسب ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، فإن هذه الخطوة “تستهدف جماعات وقيادات إرهابية رئيسية، بينهم 2 تدعهما وتديرهما إيران”، مضيفا أنها “تهدد استقرار الشرق الأوسط وتُضعف عملية السلام وتهاجم حلفاءنا مصر وإسرائيل”.

“تيلرسون” أضاف في بيان له أمس أن “إدراج إسماعيل هنية وحركة الصابرين ولواء الثورة وحسم يهدف إلى قطع الموارد التي يحتاجونها للتخطيط ولتنفيذ المزيد من الهجمات الإرهابية”.

وذكر بيان الخارجية الأمريكية أن هنية هو زعيم حركة حماس المصنفة كـ”منظمة إرهابية” من قبل الولايات المتحدة منذ عام 1997، وأضاف أن “هنية تربطه صلات وثيقة مع الجناح العسكري لحماس وهو يؤيد العمل المسلح بما في ذلك ضد المدنيين”، وتابع البيان بأنه “يشتبه بضلوع هنية في هجمات إرهابية على إسرائيليين” وحركته “مسئولة عن قتل 17 أمريكيا في هجمات إرهابية”.

وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن حركة الصابرين هي “منظمة إرهابية مدعومة من إيران، تأسست عام 2014، وتنشط في قطاع غزة والضفة الغربية ويقودها هشام سالم، القيادي السابق بحركة الجهاد، المصنفة كمنظمة إرهابية”.

وأضافت الخارجية الأمريكية أن حركة “حسم” هي جماعة إرهابية تشكلت عام 2015 وتنشط في مصر، وأن حركة “لواء الثورة” تأسست عام 2016 في مصر أيضا، مشيرة إلى أن الحركتين مسؤولتان عن تنفيذ عدة عمليات إرهابية في مصر.

ماذا يعني بالنسبة لحماس؟

اسماعيل هنية

إسماعيل هنية

 

بحسب الخبير الفلسطيني في الشأن الاقتصادي، نهاد نشوان، فإن إدراج رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، على “قوائم الإرهاب”، يعد قرارا نظريا بلا قيمة بالنسبة لـ”إسماعيل هنية”.

وأكد “الخبير الاقتصادي” أن القرار من الناحية الاقتصادية،  لن يكون له أية أبعاد فعلية تطال هنية؛ ذلك أن مثل هذه القرارات تؤثر على أصحاب الأصول والحسابات المالية في البنوك العالمية.

ورأى أن قرار الخزانة الأمريكية حول هنية هو “سياسي بامتياز وليس له أي أبعاد اقتصادية على أرض الواقع”.

وأضاف “الإدارة الأمريكية تعرف أكثر من غيرها أنه لا يوجد أي أصول مالية منقلة أو غير منقولة لإسماعيل هنية سواء عندها أو عند غيرها، وبالتالي لا قيمة اقتصادية لمثل هذا القرار”، كما قال.

وأوضح “هنية لا يمتلك عقارات في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا ولا حسابات في بنوكها ولا أسهما في أي من الشركات وأن ما يمتلكه هو بيت صغير في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة يعيش فيه هو وأسرته”، وفق قوله.

أما من الناحية السياسية فيرى “مراقبون” أن القرار قد يكون له آثار “سياسية سلبية” على حماس، حيث سيفرض القرار مزيدا القيود على الحركة، التي تعاني التضييق بشكل واسع عربيا ودوليا.

وفي هذا الإطار أعرب عدد من الفصائل الفلسطينية، عن رفضها لإدراج الولايات المتحدة الأمريكية، “هنية” على قوائم الإرهاب، معتبرة أن القرار الأمريكي ضد هنية يأتي في سياق الاستهداف الأمريكي المتواصل للشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته وهو يمثل أحد أوجه العداء الأمريكي.

ومن شأن وضع هنية ضمن هذه القائمة تجميد أي أموال له في الأراضي الأمريكية كما يمنع أن تتعاون معه شركات أو مؤسسات أمريكية.

وضيقت الإدارة الأمريكية الخناق على الفلسطينيين منذ رفض السلطة الفلسطينية لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قائلة إن واشنطن لا يمكنها أن تلعب دور الوسيط المحايد.

وخفضت إدارة الرئيس دونالد ترامب أكثر من نصف تمويل واشنطن لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) “للنظر فيها مستقبلا”.

ماذا يعني بالنسبة لإخوان مصر؟

جماعة الإخوان المسلمين

جماعة الإخوان المسلمين

 

على الجانب الآخر فإن مراقبين يؤكدون أن القرار الأمريكي قد يكون “مقلقا” بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين،  أكثر من كونه مقلقا لحركتي “حسم ولواء الثور” اللذين تم وضعهما على قوائم الإرهاب.

والسر من وراء ذلك وفقا لمراقبين هو أن “تصنيف تنظيمات” طالما ربط النظام المصري بها وبين جماعة الإخوان على أنها تنظيمات إرهابية قد يكون تمهيدا لتصنيف جماعة الإخوان نفسها كمنظمة أمريكية.

ولا يخفى على أحد مساعي الرئيس الأمريكي “ترامب” في تصنيف جماعة “الإخوان المسلمين” تنظيما إرهابيا، وإدراجها على لائحة العقوبات الأمريكية أسوة بباقي التنظيمات الإرهابية الأخرى، منذ وصوله للحكم العام الماضي، غير أن معوقات عدة تحوله بينه وبين ذلك.

وفي هذا الإطار فقد سلطت  شبكة “بلومبرج” الأمريكية”– اليوم الخميس –  الضوء على قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب، بتصنيف “حسم ولواء الثورة” كمنظمات إرهابية.

واعتبرت الشبكة في مقال كتبه إيلى لايك، الصحفى المتخصص فى الأمن القومى، أن الولايات المتحدة بدأت التعامل مع الإخوان، بعد قرار تنصيف لواء الثورة وحسم كمنظمات إرهابية.

وأشارت الشبكة، إلى أن إدراج جماعتى “حسم” و”لواء الثورة” ضمن قوائم الإرهاب، مهم فيما يتعلق بتمييز واشنطن بين الإسلاميين الذين لا يرتكبون عنفا، والذين يتجهون للإرهاب، لكنه ليس بديلا عن سياسة متماسكة بشأن جماعة الإخوان، وعلى إدارة “ترامب” وضع استراتيجية لمكافحة أو التواصل مع أو تجاهل الجماعات التى تسعى لفرض الحكم الإسلامى من خلال الانتخابات وليس من خلال الرصاص.

وقالت “بلومبرج”، إنه قبل عام بدا أن دونالد ترامب على وشك تصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا، فقد سعى بعض أقرب مستشاريه لذلك، وأيضا بعض حلفاء أمريكا، مثل مصر، واعتقد كثيرون من الجمهوريين فى الكونجرس أيضا أنه ينبغى معاملة الجماعة التى ابتدعت الإسلام السياسى مثل القاعدة، لكن هذا الأمر لم يحدث.

ومن الجدير بالذكر أن  بريطانيا سبق وأعلنت عن إدراج حركتي «حسم» و«لواء الثورة»، على قائمة المنظمات الإرهابية.

من هما حسم ولواء الثورة؟

 

وبحسب خبراء، فإن حركتي “حسم” و “لواء الثورة” يعودان إلى الحركات المسلحة التي نشأت في مصر، كردة فعل على القمع والتنكيل الذي تمارسة أجهزة السيسي الأمنية في مصر.

ورغم تبرؤ جماعة الإخوان المسلمين مرارًا وتكرارًا من أية أعمال عنف، وتأكيدها على انتهاجها السلمي في مواجهة السلطة في مصر، إلا أن “سلطة عبد الفتاح السيسي” صنفت الجماعة كمنظمة إرهابية، وتحاول دائما الربط بينها وبين أي حركة مسلحة في مصر.

وتعود  حركة «حسم»، إلى يوليو 2016، حيث ظهرت كحركة مسلحة باسم «سواعد مصر»، المعروفة اختصارا بـ«حسم»، واستهدفت أفرادا من القضاة والشرطة.

وتورطت حتى نهاية العام الماضي، في مقتل 9 شرطيين وإصابة مثلهم، بينما فشلت في اغتيال مسئولين قضائيين، هما النائب العام المساعد زكريا عبدالعزيز، ورئيس محكمة جنايات القاهرة أحمد أبوالفتوح، إضافة إلى المفتي السابق، علي جمعة.

وفي أغسطس 2016، ظهرت حركة «لواء الثورة»، واستهدفت، حسب بياناتها، عقب الهجوم على حاجز أمني في محافظة المنوفية، واغتيال العميد عادل رجائي، قائد الفرقة الـ9 مشاة أمام منزله شمال العاصمة، في أكتوبر من العام نفسه.

وهذه الحركات سبقها تنظيم «أنصار بيت المقدس»، الذي ظهر في سيناء يونيو 2012، وأعلن في نوفمبر 2014، مبايعة أمير تنظيم «داعش»، أبوبكر البغدادي، وهو التنظيم الذي تبنى غالبية الهجمات على قوات الأمن منذ 2013.

ويرى خبراء أمنيون أن قرار بريطانيا وأمريكا بضم جماعتي حسم ولواء الثورة لقائمة التنظيمات الإرهابية، لن يؤثر بشكل واضح على تلك التنظيمات التي في غالبها تنظيمات محلية، ولن يكون لها امتداد خارجي يمكن أن تتأثر بالقرار الأمريكي الأخير.