العدسة – منصور عطية
بعد أن أُغلقت جميع الطرق أمام وجود مرشح قوي ينافس الرئيس عبدالفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المقررة مارس المقبل، كنا على موعد مع مرشح غير تقليدي دخل المنافسة في العالم الموازي، وسط تأييد شعبي متسع ودعوات بالنجاح.
“الكنكة” أصبحت الآن أمل المصريين الوحيد في أن يروا بلادهم “بوش تاني”، بعد أن ضاقت بهم السبل أمام أي “كائن حي” يستطيع خوض المعركة، فهو الآن بين معتقل ومهدد ومحددة إقامته.
مصر “بوش تاني”
السطور السابقة كانت تلخيصا لحملة (#انتخبوا_الكنكة) الساخرة التي ترفع شعار (#مصر_بوش_تاني)، وتقوم على النشر في الهاشتاجين على مواقع التواصل الاجتماعي، مع صورة “الكنكة”.
جريدة “الأهرام المكسيكية” الساخرة دشنت الحملة بالتعاون مع برنامج “جو شو” الذي يقدمه الإعلامي الساخر “يوسف حسين” على تليفزيون العربي، حيث خصص حلقة برنامجه أمس الخميس للترويج لها.
ومع مرور ساعات معدودة على انطلاقها شهدت الحملة مشاركات واسعة من قبل النشطاء، حيث نشر كثيرون صورا شخصية لهم بصحبة “الكنكة”، معربين عن استحسانهم وتأييدهم للفكرة.
كما دعت الحملة وفق بيانها التأسيسي إلى رسم جرافيتي على الجدران في عموم البلاد، والتصوير والرفع عبر الهاشتاجات على مختلف مواقع التواصل.
وأعادت الحملة الساخرة للأذهان حملة أخرى مشابهة انطلقت بالتزامن مع انتخابات الرئاسة الماضية 2014، بلفظ خادش اعتُبر مسيئا للسيسي، وحقق على مدار سنوات انتشارا غير مسبوق وتصدر في أحيان كثيرة محركات البحث و”ترند” مواقع التواصل.
تعليقات ساخرة
وعلى الرغم من سخرية الحملة إلا أن مشاركات النشطاء والمتابعين لم تقل عنها سرية، حيث حفل الهاشتاجين على موقع تويتر بمشاركات متزايدة، خلقت حالة من التفاعل والتنافس بينهم لاختيار التعليقات الأكثر سخرية وتعبيرا عن الحالة.
وكتب (برشمجي): “البلد اللى من غير وش مفيهاش معلش”، وغرد (Ahmed Elzekairy) بقوله: “الكنكة مش بتحتاج تفويض عشان تشرب فيها”، وعلق الإعلامي مصطفى الحسيني قائلا: “أدعم الكنكة في مواجهة السيسي، لأنها أكثر فائدة بكثييييير”.
وكتب (abo mariam) متساءلا: “لو اعتقلوا الكنكة هننتخب مين؟.. صوتي للكنكة عشان الناس كلت وشنا”، وغردت (Ëñğÿ): “والله الكنكة أحسن على الأقل مش هتخرب البلد”.
وبلغة ساخرة علق (مجروح من الغربه): “الكنكة أداة من أدوات الصب.. وهوا ده قمه الصب فى المصلحة”، ولم ينس (Orchidè bleu) الإشارة إلى ممارسات النظام بحق المرشحين المحتملين للسيسي بقوله: “بعد انسحاب أحمد شفيق وانسحاب خالد علي واعتقال سامي عنان وسجن أحمد قنصوة #انتخبوا_الكنكة”.
(ZikOoo) قال: “لازم ننتخب حاجة بوش واحد مش وشين”، وعلى نفس الوتيرة الساخرة علقت (إسراء الفقي): “هنتخب الكنكة عشان دماغ اظبَط.. واهي لو فارت تفور علينا كلنا و نخلص بقاااااا”.
ليست مجرد سخرية
لكن حقيقة الأمر تُخرج هذه الحملة من مجرد كونها مخصصة للسخرية فقط من انتخابات الرئاسة المقبلة، أو تعاطي السلطة الحالية مع المرشحين المحتملين، لكنها معبرة بصدق عن مجموعة من الدلالات الهامة.
بداية فإن انتشارها على نطاق واسع كما حدث مع الهاشتاج سالف الذكر والمسيء للسيسي، يشكل فضيحة عالمية لما آلت إليه الأمور بعد الإقصاء المتعمد لأي مرشح قد يكون خطرا على السيسي أو منافسا حقيقيا له، الأمر الذي قد يمثل حرجا بالغا للسيسي حتى مع فترة رئاسته الثانية.
ويبدو أن تسليط الضوء على تلك الفضيحة التي حولت الانتخابات بمرشح مجهول في اللحظات الأخيرة إلى مجرد استفتاء على بقاء السيسي الممسك بزمام السلطة، بهذه الطريقة الساخرة يضاعف من حجم الحرج والمأزق الذي يضع السيسي نفسه فيه عالميا وحتى في الداخل حيث الارتداد المتوقع بالتعاطي مع الحملة وانخفاض مستوى الدعم الشعبي للسيسي الذي يسعى للحصول على تفويض ثانٍ لمواجهة “أهل الشر”.
كما تلعب الحملة الساخرة دور المتنفس لمن يرون أن الانتخابات مجرد مسرحية تديرها السلطة، مستفيدة من شعارها “الكنكة” والمرتبط في أذهان المصريين بأحد أشهر الأفلام الكوميدية الساخرة من انتخابات البرلمان في عهد حسني مبارك.
ولعل هؤلاء قد وجدوا في الحملة ساحة واسعة للتعبير عن غضبهم ورفضهم للانتخابات، وتجسيد جزء لا بأس به من آراء قطاع جماهيري واسع لا يستطيع الجهر بها في فعاليات احتجاجية أو غيرها من طرق الرفض.
اضف تعليقا