العدسة – إبراهيم سمعان

قال الباحث سايمون هندرسون، إن الوليد بن طلال، حُرم من تولي أية مسؤولية رسمية فى المملكة أو من الدخول فيما سماه  الكاتب ” لعبة العروش”؛ كونه من أم لبنانية.

وأكد الكاتب أن عالم المال والأعمال فى الخارج يترقب نهاية مسار البراءة التي حصل عليها الوليد بن طلال، وإذا ما كان سوف يتنازل للحكومة السعودية على أسهمه فى شركات عالمية مثل تويتر وسلسلة فنادق الفورسيزونز.

وأشار الكاتب إلى أن الوليد لا يمكن تحييده بعد الإفراج عنه، على عكس الأمراء الآخرين الذين وافقوا على التنازل عن ممتلكاتهم مقابل إطلاق سراحهم ويسهل الآن وضعهم فى الظلام وفق تعبير الموقع.

وإلى نص المقال ..

لاتزال قدرة المملكة العربية السعودية على المفاجأة، تدهش الجميع، ففى نهاية الأسبوع، أطلقت سلطات المملكة سراح الملياردير الشهير الأمير الوليد بن طلال، من مقر توقيفه الفاخر بفندق ريتز كارلتون بالرياض حيث كان يحتجز على ذمة قضايا فساد، وسمح لها بالعودة إلى منزله بأحد قصوره الفخمة الواقع بحي الفاخرية بالعاصمة الرياض.

ويبدو أن السلطات السعودية قد أسقطت التهم بالفساد التي وجهتها حملة مكافحة الفساد للوليد، وربما يظهر هذا فيما صرح به الوليد فى مقابلته مع وكالة رويترز، عن سبب احتجازه لمدة 12 أسبوعا.

وقال الوليد:  هناك سوء فهم تجري إزالته، ونتناقش مع الحكومة في الوقت الحالي.. لا يمكنني إطلاعكم على النقاش النهائي معهم لكننا في المرحلة النهائية منه. وصلنا”.

ولكن ربما لا ينبغي أن يكون ما حدث مع الوليد مدهشا، بالنظر لمحتجز بارز آخر، ممن طالتهم حملة مكافحة الفساد فى نوفمبر الماضي، وأطلق سراحه مؤخرا، وهو وزير المالية السابق إبراهيم العساف.

وكان من المفترض أن يكون العساف فى أكتوبر الماضي تحت الشبهات أي قبل أيام من القبض عليه، ولكنه بدلا من ذلك رافق الملك سلمان فى رحلة رفيعة المستوي إلى موسكو، وبعد أطلق سراحه، أكدت تقارير أن العساف قاد الوفد السعودي الأسبوع الماضي فى مؤتمر دافوس العالمي.

فساد

وبالعودة للوليد بن طلال فإن تغير مصيره فى الأيام الأخيرة، ربما يكون صدم شبكة “بي بي سي” البريطانية، التي ولمدة 3 أيام، خلال شهر يناير، بثت سلسلة من الحلقات بعنوان  “آل سعود: عائلة في حالة حرب”.

ويلخص عنوان السلسلة بدقة كيف أن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، قد قضي على طريقة التفاهمات التي كانت تدار وتحكم بها المملكة فقد تجاهل الأمير المفاهيم المتعلقة بالحذر والتوافق فى الآراء بعدما همش أبناء عمومته، بجانب إقدامه على تنفيذ إجراءات إصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد التي طالت عددا من الأمراء فى العائلة المالكة.

واوضح البرنامج الذي بث فى 16 من يناير الماضي، بالتفصيل، كيف تدار عملية الفساد السعودي، فولي العهد نفسه كشفت تقارير أنه اشتري يختا ب550 مليون دولار، وقصرا فرنسيا بـ300 مليون دولار، ولوحة المخلص بـ450 مليون دولار وقيل إنه اشتراه فيما بعد لحساب متحف اللوفر أبوظبي.

أحد الأمثلة الذي اختارته “بي بي سي” لتوضيح عملية الفساد فى المملكة هو الأمير الوليد بن طلال، والذي يبدو أنه تلقى مبالغ تفوق الـ300 مليون دولار، عندما فازت شركة “بالاس نيدام” الهولندية بعقد لبناء قاعدتين عسكريتين فى المملكة.

وكان بناء القاعدتين السابقتين نفسهما جزءا من صفقة اليمامة –سلسلة من مبيعات الأسلحة من بريطانيا إلى السعودية تم تنفيذها على سنوات متعددة –  بمليارات الدولارات لتوريد  الطائرات العسكرية تكلفت 200 مليون دولار.

وقالت “بي بي سي” إن الأموال الإضافية في الشركة الهولندية ذهبت إلى مجموعة سرية من الحسابات وتم تغريم شركة “بالاس نيدام”، الهولندية، فى وقت لاحق، بغرامة قدرها 500 مليون يورو (حوالي 620 مليون دولار) لقيامها بدفع رشاوي لوكلاء أجانب.

سر أهمية الوليد

واحدة من الحقائق المثيرة للاهتمام بشأن الأمير الوليد، أنه قبل صعود محمد بن سلمان إلى عرش الولاية، كان الوليد الأمير السعودي الأكثر شهرة فى العالم على الرغم من أنه لم يكن مؤثرا سياسيا.

ببساطة، فإن نسب الوليد الذين ينحدر من زواج أمير سعودي وأم لبنانية، حرمه من لعب أي دور رسمي ” لعبة العروش” فى المملكة.

لكن الآن أصبح مصير الوليد ذا أهمية سياسية واقتصادية، فبينما الأمراء السجناء الآخرون الذين قدموا تسويات مع الحكومة مقابل الحصول على حريتهم – الأمير متعب قدم 1 مليار دولار – يمكن تهميشهم ووضعهم فى الظل، لا يسري هذا الأمر مع الوليد بن طلال.

فعالم الأعمال الدولي الذي يسعي ولي العهد محمد بن سلمان لجذبه إلى السعودية لتحقيق رؤية 2030 للتحول الاقتصادي، بعيدا عن اعتماد المملكة عن النفط، سوف يراقب بدقة ماذا يجري فى المملكة، للتحقق من كيفية اكتمال براءة الوليد، وإذا ما كان سيتخلى عن حصصه فى تويتر وسلسلة فنادق فورسيزونز كجزء من الصفقة.

وتطرح أحداث حملة مكافحة الفساد بكاملها حالة من عدم اليقين بدلا من وضعها فى سياق محاولة المملكة للتحديث، وقد تأثرت المملكة أيضا بما يعتبره البعض انتهاج خيارات سيئة فى السياسية الخارجية فى ملفي الحرب فى اليمن والمقاطعة لقطر، وعدم الكفاءة فى اتخاذ قرارات اقتصادية ناجعة ويظهر ذلك فى التردد فى اختيار مكان البورصة التي سيتم فيها إدراج اكتتاب أرامكو كما لفتت صحيفة وول ستريت جورنال.