العدسة – إبراهيم سمعان

سويسرا التي دخلت على خط “حملة مكافحة الفساد”، التي تشنها السعودية بحق أمراء ورجال أعمال ومسؤولين حاليين وسابقين، رفض عدد من بنوكها طلب المملكة إعادة أصول ثروات متهمين من أجل مصادرتها.

هذا ما كشفت عنه صحيفة “لوتومب” الناطقة بالفرنسية التي أكدت وفق مصادر وصفتها بـ “المطلعة” أن عدة بنوك سويسرية رفضت نقل أصول عملائها إلى السعودية خلال عملية تطهير الفساد التي هزت المملكة في الأشهر الأخيرة.

وقالت الصحيفة بحسب هذه المصادر: سلطة الرياض الجديدة، التي يسيطر عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قد ضغطت لإعادة ثروات سعودية كبيرة في حسابات سويسرية.

ومن بين هذه المؤسسات ذات الصلة في جنيف “بيكتيت، يو بي إس، لومبارد أودير وكريدي سويس”، حيث لم يرغب أي من المصارف المذكورة في التعليق على هذه المعلومات، إلا أن صحيفة “فايننشال تايمز” نقلت الأسبوع الماضي عن “كبار المصرفيين السويسريين” أن محاولات السعودية سحب أموال عملائها قد فشلت.

وأشارت “لوتومب” إلى أن السعودية هي واحدة من أكبر عملاء المركز المالي السويسري، ففي بنك الاتحاد السويسري ” UBS”، يوجد في الدائرة السعودية أكثر من 60 عميلا، بحسب ما ذكرت مؤخرا هاندلزيتونج، كما أنه في جنيف، بدأ أقارب السعوديين الذين استهدفتهم عملية التطهير إجراءات قانونية لمنع نقل حسابات أقاربهم إلى المملكة الخليجية.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من القضية القول: إن هذه الإجراءات معلقة حاليا لأن المصارف السويسرية تعرف ما يحدث في الرياض”، لقد أعطى المصرفيون ضمانات بعدم إجراء أي تحويل إلى أن يتم تأكيد الإرادة الحرة للعملاء”.

غير أنه في حالات أخرى لم يكن أمام المصارف خيار سوى التنفيذ، تبين “لوتومب”، التي نقلت عن محام في جنيف مطلع على الوضع “إذا أكد العميل أمره بالتحويل عن طريق الهاتف، فإنه من الصعب رفض ذلك. كما أنه إذا كان الشخص يعتقد أن حريته تستحق 100 مليون، فليس على البنك أن يحل محله”.

“مصاص الدماء”

واحتجزت السلطات السعودية ما يقرب من 400 من أفراد النخبة، منهم أمراء ووزراء ومسؤولون سابقون ورجال أعمال، منذ 4 نوفمبر في فندق ريتز كارليتون، في العاصمة الرياض، وقال النائب العام للمملكة الثلاثاء الماضي إنهم جمعوا حوالي 107 مليارات دولار خلال هذه العملية.

رسميا، كان استرداد الأموال من أولئك الذين “مصوا دماء البلاد” وتمتعوا بالسخاء المفرط والعقود المبالغ فيها منذ الملك فهد (1982-2005) وعبد الله (2005-2015)، لكن بعض أقارب المحتجزين يشجبون هذه الغارة التعسفية التي تتسم بالابتزاز والتهديد والوحشية.

يقول رجل أعمال سعودي لاجئ في أوروبا الذي كان على اتصال مع المعتقلين “إنها ليست حملة تطهير لمكافحة الفساد، إنها حرب ضد أبناء الملوك السابقين”، مضيفا “نخشى من التجسس على اتصالاتنا أو اختراقها أو حتى خطفنا”.

أميرة كولونيي

ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة السعودية حاولت إعادة الأميرة جوهرة الإبراهيم، زوجة الملك فهد المفضلة، التي تسكن في قصر واسع في كولونيي بيليريف، حيث ثروتها – وهي تراث فهد الذي يقدر بعشرات المليارات – تدار في جنيف من عقود.

وأكد مصدر مطلع على الشؤون السعودية للصحيفة “طلب منها العودة إلى السعودية لكنها رفضت ذلك”، وأضاف “لقد طرح عليها عدة أسئلة، لكنها ليست في خطر وتعيش بهدوء في قصرها في سويسرا”.

وأوضحت “لوتومب” أن إخوتها، رجال أعمال كبار جدا منذ عهد الملك فهد، كان ثلاثة منهم على الأقل سجناء في فندق الريتز، وأفرج عنهم حاليا، وبحسب صحيفة “فايننشال تايمز”، أحد أخوتها وليد الإبراهيم تنازل للحكومة عن نصيبه في المجموعة الإعلامية “أم بي سي”.

ولفتت الصحيفة السويسرية إلى أنه رغم انتهاء عملية التطهير التي أطلقها محمد بن سلمان، ما زالت لها آثار، فالنخبة السعودية التي تستهدفها الأحداث، جعلت العشرات من رجال الأعمال والأمراء والوزراء السابقين يفرون إلى أوروبا ولندن وباريس بشكل أساسي.

وفي جنيف، حصل حوالي عشرين من أفراد أسرة واحدة على تصاريح إقامة في ديسمبر، وفقا لقريب لهم، “الشيء الرهيب في الأمر- كما يقول أحدهم – لا يوجد سيادة قانون في المملكة العربية السعودية”.