“كم من المرات نحتاج لحياة كاملة من أجل تغيير حياتنا، إننا نفكر، ونفكر، ونوازن الإيجابيات والسلبيات، ونتردد، ثم نعود إلى نقطة البداية ونبدأ من جديد في التفكير، والتفكير مرة أخرى، إننا ننتقل على قضبان الزمن في حركة دائرية، مثل زوابع الريح الصغيرة التي تعبر الريف مزرية الغبار وأوراق الشجر الميتة وكل أنواع الأشياء التافهة الصغيرة، نظرًا لقوتها المعتدلة، كان من الأفضل العيش في بلد الأعاصير المدمرة.”
خوسيه سارموغي
خلال الفترة الأخيرة بدأ التفكير وقلة النوم والضجر من فكرة التفكير نفسها تتعبني، كيف لشيئ شائك في حياتك أو لعطل بسيط في نظامك العادي واليومي قد يأرقكَ بهذا الشكل ويجعل منك كائن لا تفارق نفسكَ حتى وإن حاولت التملص منها.!
فبدأت التساؤل هل يمكننا حقاً التوقف عن التفكير؟ البدء بصفحة جديد دون مراجعة للماضي وعقبات قراراتنا في المستقبل؟! كيف يكون الوضع لو كانت الحياة أسهل من نقرة السوشيال ميديا ؟! مجرد ما تكتب فكرة يمكنكَ مسحها بسهولة والبدء بغيرها؟!هل فعل التفكير يتوقف مع النوم حقاً؟
ربما إذا متنا، فلا يمكنُ لإنسانٍ حي أن يتوقف عن التفكير، لكن موضوعات التفكير تختلف، ومتى ما عانينا التفكير في الأمور المعقّدة صارَ التفكيرُ جهداً متعباً قد لا نصبرُ عليه، كالمشي نحنُ لا نجهدُ فيه، لكن إن ركضنا شعرنا بأن الحركة تستنزفُ طاقتنا فنتعبُ، وقد يصيبنا الإعياء، وهذا دليلُ فقداننا للياقة المطلوبة لمزاولة نشاطٍ كالركض، مع أن كليهما –المشي والركض- تحرّك وانتقال، لكن فضاءات التحرك والانتقال هي التي تختلف، وهي من يملي نمط الحركة، ومن اعتاد المشيَ المتباطئ الكسول ؛ انقطعَ في المسافات الطويلة، بالضبط كالأفكار الكبيرة التي تصيب الأذهان الكليلة بالشلل.
كان بعضُ الأقدمين يشبّه عملية التفكير بالطواحين التي لا تنفكُ تدور وتدور، لكنها تنتجُ من جنس ما يُلقى فيها، فإن كان قمحاً أنتجت دقيقاً، وإن كان حصى أخرجت رملاً، ويبقى التساؤل عن الموضوعات التي نفكّر فيها، فهي معيار لفكرنا، وأنا واثقٌ بأن عقلك كأفكارك، فالكبيرُ للكبير، والعميقُ للعميق، والطيباتُ للطيبين.. والله أعلم
ثم التفكير يهدفُ –أول ما يهدف- إلى الفهم، فهم الإنسان لما حولَه، وهو يسلكُ في سبيل الفهم طرائقَ قددا، فهذه وظيفة العقل، إنها كنبض القلوب لا يتوقف إلا بالموت.
أقول: من استطاع أن يتوقف عن التفكير ؛ فله مني جائزة “ما يريد”. أقسمُ لكم أنني صادقة، كما أنني أقسمُ لكم بأنني على يقين بأنه لن يفوز بها أحد، ولذا فسأرفعُ مقدراها إلى “مليار دولار”..هيّااا فليتقدمْ الكاذبون..
اضف تعليقا