في خطوة غير مسبوقة بدأ العسكريون في الجيش المصري عرض خلافاتهم، ما يشير إلى هشاشة نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يستعد للفوز بانتخابات الرئاسة المقررة أواخر مارس المقبل.
هذا ما رآه الكاتب الفرنسي جان بيير فيليو، في مدونته بصحيفة “لوموند”، حيث ذكر في مقال له تحت عنوان “التوترات في قمة الدولة المصرية”، أن المسؤولين في الجيش ليسوا كتلة واحدة وراء ترشح الرئيس السيسي.
وقال: إن الانتخابات المقبلة، التي كان يتصور أنها تكريس لعبدالفتاح السيسي مع إعادة انتخابه المزمع في مارس، بصدد التحول لأزمة كامنة، وذلك لأن المشهد الرئاسي أيقظ طموحات البعض ومشاجرات الآخرين، حتى في أعلى المؤسسة العسكرية.
وأشار الكاتب إلى أن الجنرال السيسي تولى السلطة عقب انقلاب في يوليو 2013 ضد المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي، الرئيس الوحيد المنتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر، حيث تم قمع الاحتجاجات الشعبية ضد الانقلاب في أغسطس 2013، ما أسفر عن حوالي ألف من الضحايا المدنيين.
وتابع الكاتب: وصل القمع منذ ذلك الحين إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في مصر، مع عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وآلاف “المختفين” (ظاهرة لم تكن معروفة من قبل)، والاستخدام الممنهج للتعذيب، وفي مايو 2014 انتخب السيسي رسميًّا رئيسا للجمهورية مع 97٪ من الأصوات، وهو الرقم الذي وصفه منافسه الوحيد في هذا الاقتراع – حمدين صباحي- بأنه “إهانة لذكاء المصريين”.
وأضاف “بيير فيليو” أن استفتاء مارس 2018، الذي كان يعتبر مجرد إجراء شكلي، تبين للنظام أنه محفوف بالمخاطر، فالحلقة الأكثر إثارة للقلق في هذه الدراما، هي اعتقال الجنرال سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة في الفترة من 2005 إلى 2012.
وأوضح أن جريمة “عنان” الوحيدة هي أنه تجرأ على إعلان ترشحه في الانتخابات الرئاسية، حيث اتهُم بالوقيعة بين الجيش والشعب، لافتا إلى أن سامي عنان نفسه بعد سقوط مبارك في فبراير 2011، كان دخل مع السيسي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أمسك بالسلطة لحين انتخاب مرسي في يونيو 2012 .
وبين أن اعتقال “عنان” جاء في أعقاب العقيد أحمد قنصوه، الذي سجن في نوفمبر الماضي، بتهمة “سلوك يضر بمتطلبات النظام العسكري”، وعلى غرار “عنان”، كان قنصوه أعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة.
أما بالنسبة للجنرال أحمد شفيق، رئيس وزراء مبارك السابق، والمرشح الخاسر ضد مرسي عام 2012، يقول “بيير فيليو”: فقد اضطر إلى مغادرة الإمارات العربية المتحدة في ظروف غامضة للإعلان في مصر عن انسحابه من المنافسة الرئاسية، يضيف الكاتب
وأوضح أن هذه الملحمة الرئاسية قد تكون أقل أهمية من التغييرات التي قام بها السيسي مؤخرا في أكثر المواقع الإستراتيجية للقوات المسلحة، كإقالة رئيس الأركان محمود حجازي، بعد يومين من مشاركته في واشنطن في اجتماع لرؤساء الأركان حول مكافحة الإرهاب، وكذلك الأمر بالنسبة للجنرال محمود فوزي، الذي عينه السيسي في ديسمبر 2014 رئيسا للمخابرات العامة.
وفي النهاية خلص الكاتب إلى أن تراكم نكسات الجيش ضد المسلحين في سيناء قد يبرز الشعور بالضيق في أعلى المؤسسة العسكرية، لكن الأحداث الدرامية في السلسلة الرئاسية، قد تشير أيضا إلى الخلافات الأكثر خطورة، التي يغذيها السجل الكارثي للسيسي في الأمن والاقتصاد.
وعلى أية حال، فمن المؤكد أن مصر -خلف واجهة “استقرارها” القمعي- دخلت مرة أخرى عصر الاضطراب.
اضف تعليقا