العدسة – باسم الشجاعي

في الآونة الأخيرة، انكشف مؤخرا حجم العلاقات المشبوهة بين بعض الدول العربية والإسلامية، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في وسائل الإعلام العالمية والعبرية بصفة خاصة، منذ مطلع الشهر الجاري “فبراير”.

وورد في بعض التقارير اسم “مصر والإمارات”، التي كشفت عن تعاون أمني وعسكري مثيرة للجدل، يشمل توفير معلومات استخباراتية، والمشاركة في عمليات عسكرية وعقد صفقات سلاح، فضلا عن زيارات لتل أبيب.

“العدسة”، يستعرض في التقرير التالي أبرز ما نشر في الآونة الأخيرة عن تلك العلاقات المشبوهة.

سيناء بوابة العبور الإسرائيلي

المعارك التي يخوضها الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، منذ الانقلاب على الرئيس الأسبق “محمد مرسي”، في الثالث من يوليو 2013، وخاصة في الشمال، وتحديدا في مدينتي رفح والشيخ زويد، ضد بعض الجماعات المسلحة، كانت البوابة التي فتحت باب التنسيق الأمني والاستخباراتي بين القاهرة و”إسرائيل”.

وتنشط في سيناء عدة تنظيمات مسلحة، أبرزها “أنصار بيت المقدس”، الذي أعلن نوفمبر 2014، مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وغيّر اسمه لاحقًا إلى “ولاية سيناء”.

وترتبط مصر بمعاهدة سلام مع “إسرائيل”، منذ عام 1979، تم توقيعها في العاصمة الأمريكية واشنطن، وشكلت إطارا عاما لتسوية الصراع العسكري بين البلدين، وبدء علاقات ثنائية دائمة ومستقرة بينهما.

ورغم توقيع الاتفاقية، بعد 3 حروب خاضها الجانبان، إلا أن العلاقات على المستوى الرسمي ظلت تدار من خلف الكواليس، مراعاة لمشاعر الغضب في الأوساط الشعبية في مصر تجاه “تل أبيب”.

لكن منذ قدوم قائد الانقلاب “عبدالفتاح السيسي” -الذي انقلب على الرئيس الأسبق “محمد مرسي”- للحكم في يونيو 2014، تعززت العلاقات بشكل غير مسبوق بين القاهرة و”تل أبيب”.

وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير لها، “السبت” الماضي 3 فبراير، عن قيام الطيران الإسرائيلي بأكثر من 100 علمية عسكرية داخل سيناء، بموافقة “عبدالفتاح السيسي”.

وقالت إن السلطات المصرية رفضت كشف تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية في أراضي سيناء، خوفا من ردة فعل الشعب المصري، الذي يعتبر أغلبه أن “إسرائيل” عدو، رغم معاهدة السلام بين البلدين.

وعن كيفية إخفاء الدور الإسرائيلي في سيناء، قالت الصحيفة الأمريكية، إن الطائرات الإسرائيلية تغطي أعلامها، وتحدث بعض المسؤولين الأمريكيين عن أن العمليات الإسرائيلية تعطي انطباعا بأنهم موجودون داخل مصر.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد وحسب، فقد وافقت مصر على إخضاع قاعدة جوية لها بسيناء للمراقبة الإسرائيلية، وتركيب أجهزة اتصال على قطع حربية مصرية وإسرائيلية لتسهيل المراقبة، وذلك بحسب ما كشفه حساب “عين مصر”، على موقع “تويتر”.

وقال في تدوينة نشرها في 2 فبراير الماضي: إن “الاتفاق تم خلال اجتماع ثلاثي (مصري إسرائيلي أمريكي) في روما، على هامش الاجتماع السنوي للقوة متعددة الجنسيات في سيناء، في ديسمبر 2017”.

منظومات دفاع إسرائيلية تحمي الإمارات

التنسيق الأمني والعكسري لم يتوقف على مصر في الوطني العربي، بل طال دولة الإمارات المتحدة العربية؛ حيث كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أن علاقات تل أبيب وأبو ظبي تزداد متانة في المجال العسكري، وانعكس ذلك على صفقات السلاح.

وأوردت الصحيفة العبرية -التي استندت في تقريرها إلى معلومات من مجلة “إنتلجنس أون لاين” الفرنسية- مثالين عن تواصل شركتي “إلبيت” و”إيروناتيكس” الإسرائيليتين مع أبو ظبي لتزويدها بطائرات مسيّرة (بدون طيار).

وأكد الموقع الاستخباراتي الفرنسي، أن الشركة الإسرائيلية “إيه جي تي إنترناشونال” وقعت عقدا بقيمة 800 مليون دولار، لتزويد سلطة المنشآت والمرافق الحيوية في أبو ظبي بـ”كاميرات المراقبة، وأسوار إلكترونية وأجهزة استشعار لمراقبة البنية التحتية وحقول النفط الاستراتيجية”.

وتعاقدت السلطات الإماراتية مع الشركة الأمنية المملوكة لإسرائيل لتقوم بتأمين حماية مرافق النفط والغاز في الإمارات، وكذلك لإقامة شبكة مراقبة مدنية فريدة من نوعها على مستوى العالم في أبو ظبي.

ووصف الموقع المختص في استخبارات الشركات، “كوخافي” صاحب شركة “إيه جي تي إنترناشونال” بأنه “رجل الأعمال الإسرائيلي الأكثر نشاطا في أبو ظبي”.

وبحسب “معاريف”، فإن الجنرال “إيتان بن إلياهو”، القائد الأسبق لسلاح الجو في جيش الاحتلال، تولى بشكل شخصي القيام بدور رئيسي في مساعدة “كوخافي” في إنجاز الصفقات بين شركته وأبو ظبي.

 من السر إلي العلن

وبعيدا عن العلاقات السرية، تباهى وزير إسرائيلي، في تل أبيب، بلقاء جمعه مع أمير من العائلة المالكة في البحرين.

ونشر وزير الاتصالات الإسرائيلي “أيوب قرا”، الذي يعد من أقرب الوزراء لرئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو”، “السبت” الماضي 3 فبراير، في حسابه على “تويتر”، صورة تجمعه بـ”مبارك آل خليفة”، الذي وصفه بأنه أمير بحريني.

وكتب في التغريدة المرافقة للصورة: “التقيت علنا ولأول مرة بمبارك آل خليفة، وهو أمير بحريني، وذلك في إطار العمل على تقوية العلاقات بين الدولتين ويوم الاثنين سيكون لي شرف استضافته في الكنيست (مجلس النواب)”.

يأتي ذلك بعد شهرين على الزيارة العلنية التي قام بها وفد بحريني يضم شخصيات سنية وشيعية لـ(إسرائيل).

وبالتزامن مع زيارة الوفد، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن “راشد بن خليفة آل خليفة” -وهو رسام من العائلة الحاكمة في البحرين- يسهم في إنتاج أعمال فنية لإسرائيليين، مضيفة أنه يشغل منصب الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية.

وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية قد نقلت في سبتمبر، أن ملك البحرين “حمد بن عيسى آل خليفة” شجب المقاطعة العربية لـ(إسرائيل).

كما قالت صحيفة “تايمز” البريطانية في وقت سابق، إن دولا خليجية اتخذت الخطوات الأولى تجاه الاعتراف بـ”إسرائيل”، وذلك بدعوة أطلقها ملك البحرين لإنهاء المقاطعة العربية لـ”إسرائيل”.

وأوضحت أن أول ظهور لرفض ملك البحرين المقاطعة العربية لـ”إسرائيل” كان خلال اجتماع بالعاصمة المنامة مع حاخامين أمريكيين من مركز سايمون ويسنثال، في فبراير الماضي.

ومنذ بداية الألفية، جرت لقاءات واتصالات بين مسؤولين بحرينيين وإسرائيليين، بعضها في السر وبعضها الآخر في العلن، وحدث ذلك رغم حالة الغليان التي عاشها الشارع البحريني على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (2008 و2014)، والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” في 6 ديسمبر 2017.