تلوث الهواء من الأسرار القذرة في الإمارات

 

آلاف العمال يموتون سنويًا بسبب الهواء السام الذي يستنشقونه خلال عملهم في المناطق المفتوحة في الإمارات، والدولة ترفض الاعتراف بذلك

 

كشفت تقارير حقوقية عن تزايد ارتفاع معدلات تلوث الهواء في دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة تهدد أمن وسلامة المناخ في الكوكب كله، مع ذلك وبسبب آلة القمع الشرسة التي تخنق بها الدولة الخليجية أي محاولة للتعبير عن الرأي أو الانتقاد والمعارضة، فإن الأمر تحول إلى سر من الأسرار القذرة لنظام بن زايد يحاول بشتى الطرق السيطرة على عدم كشفه.

 

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالًا عن تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش جاء فيه إن إنتاج الوقود الأحفوري الضخم في الإمارات يُساهم في ارتفاع مستويات تلوث الهواء بشكل خطير، مما يخلق مخاطر صحية على الشعب والمقيمين، خصوصًا فئة العمال المهاجرين الذين يعملون في ظروف وبيئات معينة يزداد فيها حجم التلوث خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة في الإمارات بشكل خاص، والكوكب بشكل عام.

 

ووجد تحليل هيومن رايتس ووتش للبيانات الواردة من 30 محطة مراقبة أرضية حكومية في سبتمبر/أيلول 2023 أن متوسط مستويات  PM2.5 (وهي جزيئات سامة صغيرة جدًا يمكن أن تخترق عمق الرئتين وتدخل مجرى الدم بسهولة) وصلت ثلاثة أضعاف المستويات اليومية الموصي بها في العالم بموجب المبادئ التوجيهية لجودة الهواء الصادرة عن منظمة الصحة.

 

وبحسب التقرير فإن ما يقدر بنحو 1872 شخصًا يموتون سنويًا بسبب تلوث الهواء الخارجي في الإمارات، حيث يمثل المهاجرون 88٪ من السكان، والذين يعملون في الهواء الطلق تقريبًا، وبالتالي يواجهون أعلى نسبة مخاطر وتلوث.

 

مع بداية قمة المناخ، كان من المفترض أن يتم تسليط الضوء على مثل هذه المخاطر، لكن بسبب قمع النظام الإماراتي لم يجرؤ شخص على التحدث علانية، فضلًا عن محاولات النظام في أن يبتعد المندوبون عن الأماكن التي يُلاحظ فيها التلوث بسهولة، وضمان حصر تواجدهم في أماكن ذات سماء صافية وشفافة.

 

تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل العديد من الدول الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة، على توسيع نشاطها في مجال النفط والغاز على الرغم من الإجماع العلمي على ضرورة التخلص التدريجي من الاعتماد على الوقود الأحفوري إذا أراد العالم تجنب التأثيرات المناخية الأكثر كارثية.

 

الجدير بالذكر أن صحيفة الغارديان كانت قد كشفت الشهر الماضي أن حقول النفط والغاز التي تديرها الإمارات تحرق الغاز بشكل يومي تقريبًا على الرغم من التزامها قبل 20 عامًا بسياسة عدم حرق الغاز، ما يمثل انتهاك واضح لهذه الالتزامات، لكن دون محاسبة أو مساءلة.

 

وقال ريتشارد بيرسهاوس، مدير البيئة في هيومن رايتس ووتش: “الوقود الأحفوري يلوث الهواء الذي يتنفسه الناس في دولة الإمارات العربية المتحدة… لكن قمع المجتمع المدني وطمس هويته من قبل الحكومة الإماراتية يعني أنه لا يمكن لأحد أن يعبر علنًا عن أي من مخاوفه، ناهيك عن انتقاد سياسات الحكومة في التسبب في مثل هذه الأضرار”.

 

وتابع “تلوث الهواء سر قذرة للحكومة الإماراتية… إذا لم تسمح الحكومة للمجتمع المدني بالتدقيق والتحدث بحرية عن العلاقة بين تلوث الهواء وصناعة الوقود الأحفوري، فسيظل الناس يعانون من ظروف صحية بإمكان الحكومة أن توفر لهم سبل الوقاية التامة منها”.

 

وتقول حكومة الإمارات العربية المتحدة إن جودة الهواء في البلاد سيئة، لكنها ترجع ذلك بشكل رئيسي إلى الغبار الناتج عن العواصف الرملية.

 

قامت هيومن رايتس ووتش بمراجعة وتحليل بيانات تلوث الهواء الحكومية من عام 2018 إلى عام 2023، والبيانات المستمدة من الأقمار الصناعية والتقارير الحكومية، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع المهاجرين الذين يعملون في الهواء الطلق، والإماراتيين المنفيين بسبب نشاطهم المعارض، والأكاديميين والجماعات البيئية، وكشف التحليل أن متوسط تركيز PM10 لعام 2022 (الجسيمات التي يتراوح قطرها بين 2.5 و10 ميكرون المأخوذة من 50 موقعًا) أكثر من ثمانية أضعاف التوصية السنوية لمنظمة الصحة العالمية.

 

كما أفاد العمال المهاجرون أنهم تنفسوا هواءً أدى إلى حرق رئتيهم، وضيق في التنفس وحكة في الجلد، وأكدوا أنهم لم يتلقوا أي معلومات مسبقة عن حجم المخاطر التي سوف يواجهونها أثناء عملهم، كما لم يتم توفير جهة يمكن اللجوء إليها للمساعدة في مواجهة هذه الآثار الكارثية.

 

التقرير سلط الضوء أيضًا على القمع الحكومي لأي شكل من أشكال التعبير عن الرأي، وأشار إلى أنه على مدى العقد الماضي، استهدفت السلطات الإماراتية نشطاء حقوق الإنسان، بما في ذلك نشطاء البيئة والمناخ، باستخدام القوانين والمحاكم لإسكات المنتقدين والمعارضين، كما لفت إلى أن الأشخاص في الإمارات العربية المتحدة الذين يرغبون في الإبلاغ أو التحدث علناً عن مخاطر التوسع في استخدام الوقود الأحفوري وارتباطه بتلوث الهواء مهددون بخطر المراقبة غير القانونية والاعتقال والاحتجاز وسوء المعاملة.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا